CET 10:23:50 - 18/08/2010

مساحة رأي

بقلم: راندا الحمامصي
فى ظل حضارة العصر الجديد يتحول الإخلاص الدينى , الى نوع من الخدمة الدائمة للإنسانية , ويصبح الدين وسيلة لضمان وحدتها وقوتها , بدلاً من ان يكون مَناطاً للانقسامات ومورداً للمنازعات-يتفضل حضرة بهاءالله بقوله الأحلى-(جئتُ لاتحاد من على الأرض)-كما يتفضل بقوله الأحلى-"يا أبناء الإنسان هل عرفتم لمَ خلقناكم من ترابٍ واحد لئلا يفتخر أحد على أحد وتفكروا فى كل حين فى خلق أنفسكم إذاً ينبغى كما خلقناكم من شيئٍ واحد أن تكونوا كنفسٍ واحدة بحيثُ تمشون على رجل واحدة وتأكلون من فمٍ واحد وتسكنون فى أرضٍ واحدة حتى تظهر من كينوناتكم وأعمالكم وأفعالكم آيات التوحيد وجواهر التجريد هذا نصحى عليكم يا ملأ الأنوار فانتصحوا منه لتجدوا ثمرات القدس من شجر عز منيع"(كلمات مكنونة) فبعد ان كانت الأمم قديماً فى شبه عزلة عن بعضها البعض , وذلك لطول المسافات وصعوبة المواصلات , تغير كل ذلك , إذ ان الانقلاب الصناعى العظيم الذى وقع فى مفتتح القرن التاسع عشر أثر فى طرق المواصلات فتحولت من قوة الدابة والراحلة , الى استعمال المحرك الآلى, يتنقل بفضله الإنسان على ظهر الأرض , او ماخراً المحيطات أو راكباً متن الهواء او سابحاً فى أجواز الفضاء، واستخدم اللاسلكى سواء فى نقل الحديث او الصورة لمسافات شاسعة وبذلك ألغيت المسافات أصبحت الأرض- ذلك الكوكب الذى نعيش فوقه - وكأنها مدينة واحدة بل حتى قرية كبرى متسـعة الأرجـاء.
فازداد التعارف وتشابكت المصالح واتسعت حلقات الاتصال وتبادل المنافع. وان كانت الحروب تقطع هذه الصلات فى فترات, ولكن الحال يتبدل وقت السلم فتعود الأمم المتعادية الى التفاهم تحدوها الرغبة الملحة فى تبادل المنافع . فالفرد محتاج الى الاخر فى كل زمان ومكان , والإنسان كائن اجتماعى بطبعه ميال الى الإيناس .

وقد أَََفَلَت عقائد أولئك الذين ينادون بنظرية الجنس المتفوق , ونظرية الاكتفاء الذاتى .والحقيقة التى لاتقبل النقد ان بنى الإنسان كلهم متساوون فى الخلقة وفى الهبات الإلهية , مهما تعددت الوانهم , بل يجمعهم جنس واحد , هو الجنس البشرى , وتربطهم رابطة واحدة هى الجامعة الإنسانية, تؤلف أسرة كبيرة متحدة المصالح .فلابد لها من التفاهم والوئام .فيتفضل حضرة بهاءالله بقوله الأحلى:"أن أنيروا قلوبكم وطهِّروها من أشواك الضغينةِ والبغضاء، إنكم أهل عالمٍ واحدٍ، وخُلقتم بكلمةٍ واحدةٍ، فطوبى لنفسٍ تُعاشِرُ كلِّ الآنام بتمام المحبةٍ والوئام" .
وقد نهى بهاء الله فى صريح كتبه وألواحه عن النزاع والجدال-فيتفضل بقوله الأحلى فى كتابه الأقدس"قد مُنعتم فى الكتاب عن الجدال والنزاع والضرب وأمثالها عمّا تحزن به الأفئدة والقلوب" , أمر بالاتحاد إذ انه من صفات الله-"اتحدوا فى اعمالكم واتفقوا فى أقوالكم", عكس الانقسام الذى يحكى عن الصفات والطبائع الشيطانية الهادمة المُفرقة.
وقد تجلت حقيقة الوحدة أخيرا وازداد عدد المنادين بها رغم مايقوم فى سبيلها من بعض العقبات, ولكن المحبة والتفاهم والوئام ستكون سببا لتخطى هذه العقبات , وهدم الآراء القديمة البالية الفاسدة, إذ ان لقانون المحبة أثراً نافذاً فى طبيعة البشر كافة." فطوبى لنفسٍ تُعاشِرُ كلِّ الآنام بتمام المحبةٍ والوئام".
فرسالة بهاء الله توجب على اتباعه التعاون مع جميع البشر لما فيه خير الإنسانية, ويعدهم باليوم الذى يصير العالم امة واحدة"يا أهل العالم كلّكم أثمار شجرة واحدةٍ وأوراق غصنِ واحد.سيروا بكمال المحبةِ والاتحاد والمودة والاتفاق. قسماً بشمس الحقيقة إن نور الاتفاق كفيل بإنارة جميع الآفاق يشهد بهذا ربكم العليم"-إيّاكم أن تفرقكم شؤونات النفس والهوى كونوا كالأصابع فى اليد والأركان للبدن كذلك يعظكم قلم الوحي إن أنتم من الموقنين". ، ويعبد كل الناس ربـاً واحداً هو الله الرحيم ، ويحل الإخاء محل العداء, والوئام موضع التباغض والتناحر , والتضافر مكان الشحناء،

والسبيل الى ذلك : هو نبذ جميع التعصبات الدينية والوطنية والمذهبية والعنصرية واللونية , وكذا النعرات القومية المتطرفة , والأهواء الشعوبية، وان ينظر الفرد الى البشر كافة , كنفس واحدة تعددت فى هياكل مختلفة ، والاديان جميعها وان تعددت فى الظاهر فهى واحدة فى الجوهر ومتحدة فى الأساس , تأمر بالمحبة والإخاء والسلام وتنهى عن فعل الشرور والآثام والإيذاء وتدعو الى الخير العام،
وان اختلاف اللغات سبب جوهرى فى التباعد بين الناس لصعوبة التفاهم , وقد ظلت معظم الشعوب قروناً عدة متباعدة فى الثقافة متباينة فى الميول الأدبية , متغايرة فى الأصول الحضارية , لذلك فقد نـص بهاء الله صراحة على اتخاذ لغة واحدة تكون عامة للبشر بجانب لغاتهم القومية , أعطى حق تقريرها لبيت العدل العمومى , كى تكون لغة عالمية مساعدة تستعمل فى التخاطب ونشر العلم والثقافة فى جميع أنحاء العالم وتكون أداة للوحدة العالمية المنشودة .
ان اكبر هبة وهبها الله للإنسان هى العقل-" إِنَّ الْعَطِيَّةَ الْكُبْرَى وَالنِّعْمَةَ الْعُظْمَى فِي الرُّتْبَةِ الأُولَى لَمْ تَزَلْ هِيَ الْعَقْلُ. وَهُوَ الْحَافِظُ لِلْوُجُودِ وَمُعِينُهُ وَنَاصِرُهُ فَالْعَقْلُ رَسُولُ الرَّحْمَنِ وَمَظْهَرُ اسْمِ الْعَلاَّمِ وَبِهِ ظَهَرَ مَقَامُ الإِنْسَانِ. وَهُوَ الْعَالِمُ وَالْمُعَلِّمُ الأَوَّلُ فِي مَدْرَسَةِ الْوُجُودِ وَهُوَ الْمُرْشِدُ وَالْحَائِزُ لِلرُّتْبَةِ الْعُلْيَا. وَبِيُمْنِ تَرْبِيَتِهِ أَصْبَحَ عُنْصُرُ التُّرَابِ جَوْهَرَةً نَفِيسَةً إِلَى أَنْ جَاوَزَ الأَفْلاَكَ وَهُوَ الْخَطِيبُ الأَوَّلُ فِي مَدِينَةِ الْعَدْلِ".

". , فيجب عليه استغلاله فى الطرق الشريفة والسبل المستقيمة وتنمية مدركاته واستنباط ما ينفع البشرية ويساعد على ترقيها وتطورها , والنتيجة الحتمية لشحذ العقل وحسن استعماله هى ولوج باب العلم النافع وكشف أسراره الدفينة ومكنونانه التى مازالت خافية على الإنسان , فان كتاب الكون بحر صافى ليس له قرار، وقد ظل العلم مدة على نقيض من الدين ورجاله، ولم يكن هذه النزاع إلا نتيجة للخطأ وسوء الفهم بين رهط العلم وفريق الدين ، ولكن رسول عصر التنوير (بهاء الله) وفق بين الاثنين , واثبت انهما صنوان، وان الدين هو العلم, والعلم هو الحياة , ولا يمكن استمرار تقدم الحياة وتطور الحضارة بدون تآزرهما وتعاونهما-"الدين والعلم توأمان"-اتفاق الدين والعلم".
ويجب تشجيع العلم وتخصيص اكبر الاعتمادات المالية والعقول المفكرة للبحث العلمى للوصول الى اكبر قدر ممكن من النتائج والكشوف وإمكان استغلال الاختراعات لصالح البشر , والوصول الى طرق استئصال الأمراض ومسبباتها وترقية الحالة الصحية عامة جسدية كانت أم عقلية وتوفير المناخ الصحى فى المدن ,وتحقيق النظرية القائلة بإطالة عمر الانسان.

والحقيقة الأخرى هى تحقيق العدل وبسط سرادقه على كافة أنحاء المعمورة , حتى تصير الأرض حاكية عن جمال ملكوت الله وناطقة بايآت عظمته وعدله بين بريته. فواجب الملوك والرؤساء ان ينشروا العدل بين رعاياهم ويساووا بينهم فى الحقوق والواجبات , ويراعوا الفقراء والمساكين والمظلومين , ويأخذوا حق المظلوم من الظالم ،وبذلك تتحقق الهناءة الإنسانية وتتقدم الأمم فى طريق المدنية الحقيقية والسعادة الخالصةويتفضل حضرة بهاءالله بقوله الأحلى:" أَلْعَدْلُ سِرَاجُ الْعِبَادِ فَلاَ تُطْفِئُوهُ بِأَرْيَاحِ الظُّلْمِ وَالاعْتِسَافِ الْمُخَالَفَةِ وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ ظُهُورُ الاتِّحَادِ بَيْنَ الْعِبَادِ. وَفِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ الْعُلْيَا تَمَوَّجَ بَحْرُ الْحِكْمَةِ الإِلَهِيَّةِ وَإِنَّ دَفَاتِرَ الْعَالَمِ لاَ تَكْفِي تَفْسِيرَهَا. إِذَا تَزَيَّنَ الْعَالَمُ بِهَذَا الطِّرَازِ تُشَاهَدُ شَمْسُ كَلِمَةِ يَوْمَ يُغْنِي اللهُ كُلاًّ مِنْ سَعَتِهِ طَالِعَةً وَمُشْرِقَةً مِنْ أُفُقِ سَمَآءِ الدُّنْيَا. اعْرَفُوا مَقَامَ هَذَا الْبَيَانِ لأَنَّهُ ثَمَرَةٌ عُلْيَا مِنْ أَثْمَارِ شَجَرَةِ الْقَلَمِ الأَعْلَى. طُوبَى لِنَفْسٍ سَمِعَتْ وَفَازَتْ. حَقَّاً أَقُولُ إِنَّ مَا نُزِّلَ مِنْ سَمَآءِ الْمَشِيَّةِ الإِلهِيَّةِ هُوَ السَّبَبُ لِنَظْمِ الْعَالَمِ وَالْعِلَّةُ لاتِّحَادِ الأُمَمِ وَاتِّفَاقِهِمْ. كَذَلِكَ نَطَقَ لِسَانُ الْمَظْلُومِ فِي سِجْنِهِ الْعَظِيمِ".
وان المبدأ الأساسى لهذا الدين هو نشر السلام العالمى، والدعوة الى الاخوة العالمية , وذلك بتأسيس جامعة أمم دولية , اى بإنشاء حكومة عالمية تتبعها محكمة دولية وبرلمان عالمى . وتكون مهمة هذه المؤسسات تصريف الشئون العالمية والتوفيق بين مصالح جميع الأمم طبقا لقاعدة الصالح العام المشترك , مع توخى العدل الدقيق , كما تنظر فى حل المشاكل العالمية بالطرق السلمية وتنشئ من اللجان المساعدة ماينظر فى الأمور العالمية الفرعية المختلفة.
وقد نُهى عن التسلح أمراً بنبذ الحروب , فان تاريخ البشرية ملئ بمآسى الحروب , وماسببه القتال من خراب ودمار وهلاك ملايين الناس بالجملة، فللقضاء على الحروب والمنازعات وضع مشروع إنشاء المحكمة العليا كهيئة منتخبة من جميع الأمم للتحكيم الدولى بين مختلف الشعوب وتكون قراراتها محترمة من كل الدول،

ويقوم على تنفيذ أوامرها البرلمان العالمى , وجامعة الأمم الشاملة هذه , تساندها قوة دولية تعمل على وقف المعتدى وتفِت من عضده.
وقد أوصى أمناء بيت العدل العالمى العمومى المنتخبين , بالسعى الحثيث لتحقيق الصلح الأكبر الذى هو السبب الأعظم لحفظ البشر , فان هذه الدين ماظهر إلا لاتحاد أهل العالم واتفاقهم ،وبيت العدل يختص بالنظر : فى الأمور التشريعية , والتنفيذية والإدارية والاجتماعية والاقتصادية لجميع البشر. أمر ملوك الأرض ورؤسائها بنبذ الظلم والتمسك بأهداب العدل فانه العلة الأولى للحياة, وما نهاهم عن المشاحنات والخلافات والحروب إلا لتحقيق المبـدأ الأسمى لديـن الله الأعظـم المتين ، ألا وهو السلام العام ، ونشر ألوية العدل وتحقيق مبدأ الإنصاف .
وعلى الذين يعهد إليهم صوغ القوانين ،ان يتمسكوا بحبل المشورة , وان يتجردوا عن كل مالايكون سبباً وعلة لأمن العباد ونعمتهم وثروتهم واطمئنانهم لانه إذا وقع خلاف هذه الترتيب تكون النتيجة الاختلاف والضوضاء , والانهيار العام،

وقد عوَّل بهاء الله تعويلاً كبيراً على التمسك بالدين إذ انه هو السبب الأعظم لتنظيم العالم واطمئنان النفوس وصعودها فى سلم الترقى. وهذا ما تحقق سابقاً فى عصر ازدهار الأديان." إِنَّ دِينَ اللهِ وَمَذْهَبَهُ قَدْ نُزِّلَ وَظَهَرَ مِنْ سَمَاءِ مَشِيئَةِ مَالِكِ الْقِدَمِ لِمَحْضِ اتِّحَادِ أَهْلِ الْعَالَمِ وَاتِّفَاقِهِمْ فَلاَ تَجْعَلُوهُ سَبَبَ الاخْتِلاَفِ وَالنِّفَاقِ. وَلَمْ يَزَلِ الدِّينُ الإِلَهِيُّ وَالشَّرِيعَةُ الرَّبَّانِيَّةُ السَّبَبَ الأَعْظَمَ وَالْوَسِيلَةَ الْكُبْرَى لِظُهُورِ نَيِّرِ الاتِّحَادِ وَإِشْرَاقِهِ. وَنُمُوُّ الْعَالَمِ وَتَرْبِيَةُ الأُمَمِ وَاطْمِئْنَانُ الْعِبَادِ وَرَاحَةُ مَنْ فِي الْبِلاَدِ مَنُوطٌ بِالأُصُولِ وَالأَحْكَامِ الإِلَهِيَّةِ".
أما الخروج عن حظيرة الدين وشيوع اللادينية والمعتقدات الفاسدة الباطلة وظهور المدنية المادية المزيفة التى لحمتها الفوضى وسداها شيوع الهرج والمرج مما هيأ الفرص لذوى النفوس المنحرفة لإظهار مابنفوسهم مما كانوا يخفونه وقت سطوة الدين , وأدى خروج هذه الفتن من عِقالِها , الى التدهور السريع والتفكك والانحلال العام، وبالجملة ، فان الدين هو الحصن والملاذ والملجأ الذى تحتمى به البشرية والمَوئِل لاحكامها وشرائعها الصادرة من الحقيقة الكلية الإلهية ، فالله ، وحده هو المشرع الأعظم وهو مع علو ذاته مرجع كل الشرائع ومصدرها وممدها ومانحها قوة الهيمنة والنفوذ.
والمشاهد الآن ، ان موجة ، من اللادينية الخطيرة الغادرة , والفلسفات المادية الملحقة السافرة , قد انتابت الإنسانية وتنخر فى كيان الهيئة الاجتماعية التى أنهكها الجهل وران عليها التعصب ومزقتها الأحقاد وارتبكت نظمها الدينية.
وفى هذا يقول بهاء الله...
[ ان جوهر الايمان يموت فى كل بلد على شأن لايعيده الا دواؤه الناجح.
ان مبدأ الإلحاد ينخر فى عظام البشر هل لغير إكسير أمره ينظفه ويحييه ]

ان من أهم الأسباب الداعية الى الحروب والثورات والانقلابات :
هى المشكلة الاقتصادية التى تتحكم فى اجتماعات الشعوب وسياستهم وتشكل عقول الساسة أراء القواد وتدفع بالدول الى الحروب والمنافسة على الأسواق ومناطق الإنتاج وتؤدى الى الاستعمار واستغلال القوى للضعيف. لذا فالتعاليم البهائية تراعى حل هذه المشاكل بما يناسب هذا العصر, فنظمت العلاقات بين الغنى والفقير (فلا غنى فاحش ولا فقر مدقع) وكذا العلاقات بين العمال وراس المال , بحيث لا يستغل الممول العامل , ولا يتمادى العمال فى طلب أجور عالية تقضى على الربح الناتج من العمل , فلايخص راس المال إلا نصيب ضئيل ، وحرم الرق الزراعى والصناعى ومن المبادئ الاقتصادية توحيد العملة والمقاييس والمكاييل والموازيين فى العالم كليةً ، وإنشاء مصرف دولى عام ،وهيئة عالمية للنظر فى المشاكل الاقتصادية العالمية بروح الإنصـاف والإخـاء.
وتنصح التعاليم البهائية بنبذ الأصول الاقتصادية القديمة كالمضاربات واللعب بالأسواق , بعد ان برهنت على فسادها وضررها. أما الإنتاج فيجب أن يكون على حسب حاجة الاستهلاك العالمى , لاجرياً وراء المكسب فقط ،والتوسع فى الصناعات المفيدة , واهم صناعة هى الإنتاج الزراعى إذ عليه يعتمد غذاء البشر وكسائهم وامداد الصناعة بالمواد الأولية وخامات أنواع عديدة من الصناعة،

ولتنظيم الأمور المالية أوصى بإنشاء صندوق (بيت المال) فى كل مدينة او قرية يقوم بتحصيل الضرائب والزكاة , بحيث تكون الضرائب تصاعدية ،وقد خطت الدول فى العهد الحاضر خطوات نحو ذلك، ويعفى من دفع الضرائب الفقير غير القادر , او الذى أصابته خسارة فى عمله , وكذا العاجز والمسن، ومن إيراد هذا الصندوق يصرف على المشروعات الحيوية , وتخصص منها جوانب تصرف على المرضى والعاطلين والذين ضاق كسبهم عن الوفاء بالتزاماتهم , وكذا الأرامل والأيتام وتربية وتعليم الاطفال.
والخلاصة انه فى جميع ماصدر من قلمه نوَّه الى ماللمحبة الإنسانية , والوفاء , والإخاء العالمى, والتمسك بالأخلاق الفاضلة الروحانية , والشعور بالواجب , ومخافة الله , والسير فى طرقه باستقامة والمساواة بين أعضاء الهيئة الاجتماعية , والمواساة لهم , والعطف على الفقراء والمنكوبين, بكامل الرضا وبمحبة فائقة من اجل سعادة البشرية وخير المجتمع من فعالية ذات نتائج باهرة.

وقد أشار الى هذه الأمور مراراً ناصحاً بتطبيقها فى الحياة الفردية وفى الحياة العامة، والحقيقة التى لامراء فيها، ان التعاليم البهائية - ومن حيث انها تعاليم روحية - تجديد لا مثيل له فيما يسمونه ( علم المجتمع ) اى الواقع الاجتماعى , لا النظريات الخيالية. وهى شرح لأسس مجتمع جديد , وحين تطبق تقوم أساساً قوياً لدعائم بناء عالم الغد، عالم جديد شامخ وطيد.
ولا نتصور ان انساناً فى قدرته تخطيط مثل هذه المبادئ والمناهج- مشروع للسلام العالمى الدائم فى حله روحية ورعاية إلهية بمثل هذا الشمول , وهذه الإحاطة فى فترة وجيزة- أربعين عاما- وبنظرة ثاقبة إلا إذا واتاه وحى إلهى , وإلهام ربانى , وسيَّرته مشيئة إلهية عُلوية ،
فأمام، هذا المجد العريض ، وهذه القدرة الفائقة حد التصور البشرى , يقف العقل الإنساني عاجزاً حائراً , ولا يسعه إلا التسليم والرضا عن يقين بان ذلك الطريق، هو طريق الخلاص الحقيقى الحَرِىِ بالإتباع ضماناً لسلامة أبناء آدم بعد كل ما لاقوهُ من طول شقاء وشدة وعناء.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٣ صوت عدد التعليقات: ١ تعليق