CET 00:00:00 - 22/08/2010

مساحة رأي

بقلم: صفوت سمعان يسى
لقد برع أجدادنا قدماء المصريين فى بناء الأهرام والمعابد، وهى مازالت حتى اليوم تشيد بعظمة المصرى القديم ..أما نحن فقد برعنا فى بناء جدار عازل بين المصريين بعضهم البعض، ولم يعد لدينا شىء نشيد ونفتخر به اليوم.
 أما الأسوأ، فهو ضياع الهوية المصرية الأصيلة وسط خضم الصراعات، ما بين مصرية عربية، أو عربية إسلامية، أو أمة إسلامية أو قبلية. أو ما بين دولة مدنية تتسع للكل، أو دولة دينية لا تعرف غير مؤمنين وكفار؛ حتى صار الشعب المصرى يعانى من أزمة هوية ناتجة عن جهل بالتاريخ، وهو نتيجة حصاد مرٌ لمحو وطمس هويتها فى الكتب وفى التعليم (هزمناهم حين أنسيناهم تاريخهم).

 وزاد الطين بلة استيراد الطوب من الخارج، وهو الفكر الوهابى المتصحر لبناء جدار عازل من الكراهية بين المصريين، حتى صار التوجس من الآخر هو السمة الواضحة بين أبناء الدولة الواحدة من مسلمين ومسيحيين، وحتى فى داخل الديانة الواحدة، والطائفة الواحدة.
فلم يعد يشفع فيهم النيل الذى يرويهم كلهم بلا استثناء، ولم تعد تشفع فيهم الشمس الذهبية التى تشرق وتغرب عنهم جميعًا بدون استثناء فى أن تجمعهم، ولكنه التطرف الدينى المتأسلم الذى وضع أول لبنات وحجر أساس الجدار العازل..وكان من نتيجة هجوم هذا التيار المتطرف، والمد الدينى الزائف، أن تمترَس الطرف الآخر، وتخندق فى الكنيسة. وأصبحت دور العبادة هى هايدبارك السياسة؛ حيث لم يجد حضنًا آخر يحتضنه، بل كان الآخر هو من يصدر منه الإضطهاد، ومن مؤسسات الدولة من شرطة، وقضاء، ومجلس شعب..الخ..

ويرجع أيضًا إلى تقلُّص دور الأحزاب إلى نقطة الصفر، وإلى نقطة اللاعودة. وأصبح حزب واحد مهيمن على الساحة، ولا مانع لديه من التلون كالحرباء من ليبرالى إلى دينى حسب ما تقضيه الظروف. ولا مانع لديه من التحريض وإشعال الفتن، ثم إدِّعاء البطولة بالقيام بإطفائها بعد أن أشعلها!!  فكل ما يشغله هو الإستمرار أكبر وقت ممكن؛ للإستفادة بامتيازات الفساد، والسلطة مبسوطة به طالما سيؤدى إلى استمرارها فى الحكم أجيال بعد أجيال!!!
فالدولة المصرية تنحدر بسرعة نحو الصراع الدينى الذى يُهدِّد ويقوِّض أركان الدولة المصرية...وإلا فليُفسِّر لى أحد لماذا الصراع على أسلمة أو نصرنة مواطن؟!! وكأن الدين سيتقوَّض بذهاب أو مجىء مواطن من دين لدين، ومن طائفة لطائفة أخرى!! ولماذا حالة التربص الشديد كل طرف بالآخر؟ الذى من محصلته تعميق الكراهية للآخر وازدرائه.

وكان نتيجة ذلك؛ الأسرة المسيحية تمنع أولادهم، وبالأخص بناتهم من الخروج، ومصادقة أصدقائهن المسلمات؛ خوفًا من الإعتداء عليهن وأسلمتهن..وكذلك الحرص على عدم مشاركة أى قبطى لمسلم؛  خوفًا من الإستيلاء على شركته؛ حيث لن يستطيع شكوته لأنه يعلم أنه لن يأخذ حقه..الخ.
ويجتر الأقباط تاريخ طويل من الذكريات الأليمة؛ من الإضطهاد، والتعصب.  بالإضافة إلى إحساسهم بالغبن ناحية بناء كنيسة بتبرعاتهم ليصلوا فيها، والتى أصبح بنائها من المستحيلات. بينما يرى شقيقه فى الوطن يبنى جامع فى أى وقت، وعلى حساب الحكومة!!

لذلك شعور الأقباط بأنهم مضطهدون، يجعلهم دائمًا أكثر حساسية حيال صدور تصرف من الطرف الأخر..
 ولذلك يقع العبء الأكبر فى إصلاح تلك الأوضاع الشاذة على الإخوة المسلمين؛ لأنهم يمثلون الأغلبية، وتقع معظم- إن لم يكن كل- السلطة اللازمة للإصلاح فى أيديهم. ولكن مع ذلك، إذا أردنا الإصلاح الحقيقى، فهو يتم بعمل كافة المصريين بكافة طوائفهم لخلق دولة مدنية ديمقراطية، ومنع وحظر قيام دولة دينية يستأسد فيها رجال الدين على الشعب، بينما هم يقدمونه ذبيحة على طبق من ذهب للحاكم.
لكنن عندى أمل فى شباب التغيير، وشباب الفيس بوك الذى أحس بالمشكلة، ونضج فكره. بحيث أصبح من الصعب أن ينقاد كالخراف مع قطيع الشعب المُدجَّن سياسيًا،  المتدين طقوسًا، وظاهريًا لا فعليًا. 

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٥ صوت عدد التعليقات: ٠ تعليق