CET 00:00:00 - 27/04/2009

مساحة رأي

بقلم: ناهد صبري
العدالة من القيم المهمة في حياة الإنسان... وماذا بعد ذلك، قدسية الجسد بعد الممات لذلك يكتب إخوتنا المسلمين على سيارات نقل الموتى "سيارات تكريم الإنسان"، واليوم جئت لأقص عليكم قصه تمتهن فيها العدالة وينتهك فيها جسد الإنسان بعد مماته.

القصة تمت في محافظه "قنا" قرية "حجازة" قبلي ليلة عيد القيامة بالضبط، حيث كان هناك ثلاث من شباب الأقباط في طريقهم للصلاة بدير "مار بقطر" اعترضتهم عربة ميكروباس بيضاء بدون لوحات معدنية نزل منها شاب يدعى أبو بكر محمد سعيد ومعه آخرين يحمل رشاشاً وفتح النيران على كل من "هدرا أديب" 22 سنه و"أمير اسطفانوس خليل" 22 سنه و"مينا جاد الله" 25 سنه، وبعد أن توفى الأول والثاني وهو هدرا أديب الذي أفرغ الجناة دفعه كاملة من الرشاش في رأسه مما أدى إلى حدوث تشوهات في الرأس بغرض عدم التعرف عليه والثاني وهو أمير اسطفانوس الذي قُتل بدفعه كاملة في صدره وبطنه مما تسبب في تطاير أحشائه وأصيب الثالث وهو مينا سمير بطلقة في يده وأخرى في كتفه الأيمن والثالثة في فخذه.

وتبدأ الحكاية حين وقعت مشادة بالعصي بين عائلتين من عائلات الصعيد في 6/11/2004 وهم عائلة آل سليمان وعائلة محمد سعيد راح ضحيتها أحد أفراد العائلة الأخيرة، وأثناء هذا الجو المشحون بالتوتر تمت جلسة عرفية تتكون من كبار رجال الأمن وأربعة من قيادات عائلات البلد وانتهوا إلى تهجير 22 أسرة من عائلة آل سليمان (أي حوالي 122 شخص) وتركهم ممتلكاتهم والإكتفاء بأن أخذوا معهم أمتعتهم فقط، وهم الذين كانوا يمتلكون ورش نجارة خاصة بهم، وحكم عليهم أيضاً بثلاث سنوات بتهمة القتل الخطأ، إلى أن جاء يوم السبت 18/4/2009 حيث وقعت الجريمة التي أودت بحياة اثنين من خيرة شباب الأقباط والثالث أصيب بإصابات خطيرة في العظام.

والأكثر مأساوية من ذلك أن لم يجد الكهنة مكان للصلاة على روح أمير اسطفانوس وهو الكاثوليكي الأصل فتمت الصلاة على روحه في مدرسة الكاثوليك بعد أن قام الأمن بإغلاق كنيسة الكاثوليك الوحيدة في قرية "حجازه" والتي تحمل اسم الشهيد مار جرجس منذ عده سنوات، أما هدرا سليمان فقد كان أحسن حالاً فقد رأس الصلاة على روحه الأنبا بيمن أسقف قنا وإن كان في حزن عميق وقد أحيط ذلك بقوات الأمن كالعادة وتم تشييع الجنازة تحت حراسة مشددة وكأن الأمن لصيق بكل مأساة في حياتنا ونحن لا نرى نشاطه إلا بعد أن تروى الأرض بالدماء –وهي دماء قبطية طبعاً- وهذا يذكرنا بقول السيد المسيح "كأنه على لص خرجتم بسيوف وعصي لتأخذوني".

والسؤال الآن.. أين العدل وسط كل هذا؟
هل ينص القانون المصري على أن تكون عقوبة القتل الخطأ التهجير القسرى لـ22 أسرة وترك الممتلكات والسجن لمده ثلاث سنوات؟
الحق أنه رغم كل ما بلغته أنظمة الدولة من نفوذ، إلا أن انهيارها مرهوناً بهذه القيمة البسيطة، وعندما تغيب العدالة تغيب معها رغبة التخطيط والتفكير والتمحيص، ومع أن الكثير من الناس يربط موضوع العدالة برأس الهرم السلطوي للدولة إلاّ أن في حياتنا العامة ما يؤكد أن "العدل" قيمة ثقافية وأخلاقية وعقائدية دينية فيتوجب على الأب إحقاق العدل بين أبنائه في العطايا والهبات ويجب على المعلم في المدرسة تحقيق العدل بين تلامذته وعلى الموظف حتى لو كان من صغار الموظفين أن يرسي العدل أيضاً، ويتوجب على كل من أنيطت به مسئولية -مهما صغرت- تحقيق العدل فيما هو مسئول عنه، ومن هنا فإن العدالة سلسلة متكاملة ولا يمكن تجزئة حلقاتها، فعندما نتطلع جميعاً إلى بناء دولة النظام والقانون والعدالة يجب أن نسأل أنفسنا أولاً إلى أي مدى نحن نحترم القانون؟ وإلى أي مدى نحن عادلون في بيوتنا؟ وفي مؤسساتنا؟ إذاً فالعدالة مرهونة بنا جميعاً، وقد جرى تقليد في التفريط بها بوسائل مختلفة..
ومن ناحيه أخرى فإن ثقافة عدم احترام الأجساد أصبحت ثقافة سائدة عندنا فنحن قد اعتدنا ألا نحترم أجساد الأحياء، هل نحترم أجساد الأموات مثلاً.. كما تفعل بعض الشعوب الأخرى ومنها الصينيين وكما قال الكتاب المقدس "من منكم يكره جسده بل يقوته ويقويه".

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٦ صوت عدد التعليقات: ١١ تعليق