CET 00:00:00 - 23/08/2010

أخبار وتقارير من مراسلينا

كتبت: ميرفت عياد- خاص الأقباط متحدون
 تتردد على الألسنة كثيرًا كلمة "أسطورة"؛ كتعبير عن أشياء خارقة للطبيعة، وغير قابلة للتصديق أو التنفيذ العملي، ولكن الأسطورة في الحضارات المختلفة؛ سواء كانت الفرعونية أو الإغريقية أو اليونانية، تمثل معتقداتهم وإيمانهم.

 فالأسطورة بصفة عامة هي قصة لها بعد فلسفي عميق، وتدل على المبادئ والقيم التي آمنت بها هذه الحضارات المختلفة، كما أن أبطالها عادة ألهه أو أنصاف ألهه يقومون بأشياء غير قابلة للتحقيق.

 وتتنوع الأساطير على حسب الهدف منها؛ فمنها أسطورة توضح من خلال قصتها نشأة الكون والخليقة كيف وجدت، وهناك أسطورة من خلالها يتم تحليل الظواهر الطبيعية؛ مثل البرق والرعد، هذا إلى جانب الأسطورة الرمزية، والتي تهدف إلى إبراز العديد من قيم الخير والحق والجمال.

أسطورة "إيزيس وأزوريس".. وانتصار الخير على الشر
 وزخرت الحضارة الفرعونية بالعديد من الأساطير على اختلاف أنواعها، ومن أشهر الأساطير أسطورة "إيزيس وأزوريس"، التي تدور حول صراع أربعة ألهة.

 فتحكي لنا عن الملك "أزوريس" الطيب القلب، الذي كان يحكم شعبه في ظل قانون عادل، لذلك أحبه الشعب من كل قلبه، وهذا ما أثار غضب وحقد أخيه "ست"؛ فتآمر على قتله لكي يغتصب منه المُلك، وبالفعل استطاع خداعه ووضعه في تابوت وألقى به في النيل، وعندما علم "ست" ببحث "أوزوريس" عن جثة زوجها، استطاع الوصول إليها وقام بتقطيعها إلى عدة أجزاء، وقذف بكل جزء إلى أماكن متفرقة في مصر، إلا أن "أوزوريس" استطاعت الحصول على هذه الأجزاء، وعن طريق إقامة التعاويذ والأسحار المختلفة أعادت زوجها إلى الحياة، وأنجبت منه "حورس"، واختبأت حتى اشتد ساعد ابنها، وهنا دارت العديد من المعارك بين "حورس" و"ست"،  حتى استطاع "حورس" أن ينتصر، واستعاد حكم مصر الذي اغتصبه عمه.

 ومن هذه الأسطورة يتضح لنا إيمان المصري القديم بفكرة انتصار الخير على الشر، مهما مرت السنين ومهما بدى الشر مسيطرًا وقويـًا؛ فالشر مهما تفاقم ومهما اشتدت سواعده، سيأتي اليوم الذي تُقطع فيه تلك السواعد التي ظنت أنها قوية وأنها لن تُقهر.

أسطورة "دمار البشر".. وحنوّ الله على البشرية
 أما الأسطورة الأخرى فهي أسطورة "دمار البشر"، والتي تكشف عن تخيل المصري القديم أن البشر والألهه في الزمن السحيق كانوا يعيشون متجاورين على الأرض، وأن الإله "رع" -وهو إله الشمس- كان يحكم مصر.

 حيث كان "رع" هو الإله الرئيسي في الديانة المصرية القديمة، ولكن هزمته السنون؛ فبدأ يشيخ وتنهار قوته وعنفوان شبابه، فوجد البشر أن هذه هي الفرصة السانحة للتآمر عليه، ولكن "رع" عقد مجلسـًا مع الألهه الأخرى الذين قرروا سحق المتآمرين من بني البشر، ولكن لشدة طيبة الإله "رع" خاف على البشر من هذا  المصير المهلك، وقرر أن يحميهم من حكم الإلهه عليهم  بخدعة، وهي مزج عصير الفاكهة بخمر وسكبها في الحقول.

 فعندما أقدمت الألهه "حتحور" للقضاء على البشر، شربت من هذا المزيج الذي جعلها ثملة؛ فنسيت تلك المهمة الموكلة إليها، وبهذا نجا البشر بفضل الإله "رع"، وعلى الرغم من هذا ظل البشر في شرهم وآثامهم، فضاق صدر الإله "رع" وقرر الرحيل من أرض مصر، وذهب إلى السماء تاركـًا نائبـًا له على الأرض، وهو الإله "تحوت" إله القمر والحكمة في الديانة المصرية القديمة.

 ومن هذه الأسطورة يتضح لنا إيمان المصري القديم بمحبة الله لنا وطول آناته على الإنسان، وأنه برغم الشرور والآثام والأخطاء الكثيرة التي يقوم بها الإنسان في حق نفسه وحق غيره، إلا أن الله في كامل محبته للبشر يغفر ويسامح ويتغاضى عن آثامنا وزلاتنا، ولا يحاسبنا كأعمالنا، بل يدبر لنا كل أمور حياتنا ويحافظ علينا، فحقـًا الله حنون للغاية؛ فهو يشرق شمسه على الأبرار والأشرار.

أسطورة "رحلة الشمس".. محاولة لفهم الظواهر
 واهتم المصريون القدماء بالعديد من الظواهر الطبيعية، ومن هذه الظواهر "رحلة الشمس" بالليل والنهار، واسترعت انتباههم فنسجوا حول شروقها وغروبها العديد من الأساطير؛ منها أسطورة "رحلة الشمس"، التي تصور إله الشمس بمسافر يجوب في الفضاء، سابحـًا في النيل السماوي بقارب، إلى أن يحين الليل فيدخل القارب الذي يستقل الشمس إلى مملكة الليل المسمى بـ"العالم الآخر"، ولكن لحماية الشمس من مخاطر الليل كان يوجد بهذا القارب الكثير من المعبودات التي تعمل على حماية "إله الشمس".

 وعلى الرغم من هذا تتعرض الشمس لحادثتين هما؛ محاولة الثعبان "أبو فيس" الشرير لمنع الشمس الميتة من المرور خلال رحلتها الطويلة عبر الليل، ولكنه يُهزم من قوة تصدي المعبودات له، أما الحادثة الثانية فهي لقاء الإله "خبري"، -وهو الإله المعطي الروح للآخرين- مع الشمس الميتة؛ ليعيد غليها الحياة لتشرق الشمس من جديد.

 وتتكرر رحلة "إله الشمس" هذه كل يوم، ومن هذه الأسطورة يتضح لنا أن المصري القديم لم يترك ظاهرة إلا ويقوم بتحليلها ومحاولة البحث عن أسبابها، حتى لو لم تكن تلك الأسباب منطقية في هذا الزمن الذي انتشر فيه العلم، وعُرفت فيه الكثير من أسرار الطبيعة والظواهر الطبيعية.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٨ صوت عدد التعليقات: ١ تعليق