CET 00:00:00 - 24/08/2010

مساحة رأي

بقلم نسيم عبيد عوض

مصر سنة دخول المسيحيية:

    كانت مصر منذ عام 30 ق .م ولاية رومانية , تخضع فى حكمها للولاة الرومان الذين كان يعينهم الأمبراطور الرومانى الجالس على عرشة فى روما , وكان نيرون هو الأمبراطور الرومانى خلال الفترة من  54م ‘لى 68م , والوالى أو الحاكمفى مصر هو " ببليلوس " , بعد أمر نيرون بعزل الوالى السابق " طباريوس " لاتهامة بعدم سيطرته على أمن مصر أو بالذات على الجالية اليهودية فيها , الذين كانوا مصدر البلبلة والفوضى على أثر ظهور رجل يهودى مصرى إدعى النبوة , فأحدث اضطراب فى صفوف الشعب اليهودى , مما أدى الى عزل الحاكم طباريوس وتعيين ببليوس حاكما على مصر بدلا منه , وهو فى الأصل يونانى مصرى.

    وشهدت مصر فى فترة حكم هذا الوالى رواجا إقتصاديا عظيما , فغدت الأسكندرية لها شهرتها فى التجارة العالمية, وانتقلت السفن المصرية تجوب البحار تتبادل مع بلدان العالم تجارتها.
     وفى بداية حكم هذا الوالى أظهر العدل والإنصاف فى حكمه , فكان المصريون سعداء بهذا الحاكم , حتى أنهم تفاءلوا به خيرا, واعتبروا ان النيل قد أقتدى بكرمه وإحسانه فأتى إليهم فى زمانة وافيا فى عهده وفيضه.
    ومن الملاحظ فى تلك الفترة ازدياد التعامل بالنقود التى ضربت وعليها صورة الأمبراطور نيرن , وعلى رأسه تاج مصر المزدوج واسمه عليها الذى لقب به وهو " الفتى السعيد ", ولكن الحال السعيد لم يدم طويلا , فبعد مرور خمس سنوات على حكم نيرون الملك أستجمع قواه وقوته ,و بعد ان تملك ناصية الأمور وأصبح مسيطرا على زمام الموقف والحكم فى كل أنحاء الأمبراطورية, حتى تحول إلى وجهه الحقيقى و وجهة الآخر وهو الشر والقسوة والعنف  , وهنا تبدلت الأمور فى كافة أنحاء الولايات التابعة للأمبراطورية, وتحول العدل والإنصاف الى الظلم والطغيان , وإنقلبت المعاملة من الولاة فى أرجاء الأمبراطورية , وكان منهم ببليوس والى وحاكم مصر الذى ‘إقتدى بزعيمه فى روما , فغير هو أيضا فى سياسته من العدل الى الظلم والقهر , فأنزل بالبلاد البلاء , وبالشعب السطوة والقسوة فى أنحاء مصر , وذلك حسب أوامر سيده الأمبراطور .

    وما يؤخذ عن تلك الفترة فى مصر بوجه عام أن المصريين كانوا أكثر شعوب الأرض تمدنا وحضارة , والتقدم كان شاملا كافة الميادين من زراعة وصناعة وعلوم وفنون وآداب. كما إتسمت هذه الفترة عموما بهدوء أحوال الأمن نسبيا , مما أدى إلى تقوية إقتصاد مصر فى ظل الأمان والطمأنينة , حتى أن نيرون كان يستعين بقواته فى مصر ويسحب منها عدة كتائب ويوجهها إلى أماكن الشغب فى الولايات الأخرى , مثلما حدث عند ما سحب جزء من قواته فى مصر ووجهها إلى فلسطين ليخضع ويسيطر على أهلها من اليهود , ولعل هذا يدل على مدى إستقرار الأحوال فى مصر وشيوع الأمن فيها.

الأسكندرية سنة 61 ميلادية:
   كانت الأسكندرية فى تلك الفترة أعظم موانى ومدن العالم , فهى منارة الأرض الثقافية , بمدرسة الأسكندرية المشهورة , وهى مركز العلم والفلسفة فى العالم أجمع , ومكتبتها أعظم مكتبات العالم , تحوى مئات الآلوف من الكتب والمخطوطات النفيسة , تزدحم المدينة باعداد وافرة من العلماء والفلاسفة, وكان يقدر عدد سكان الأسكندرية  حوالى مليون وثلاثة أرباع مليون نسمة , غالبيتهم من المصريين أصحاب البلد , ومعهم يونان ويهود ورومان وأحباش ونوبيين ومن شتى الأجناس كانت تزدحم بهم المدينة الكبيرة.

الحالة الدينية للشعب المصرى وقت دخول القديس مرقس الأسكندرية:
   كانت الأسكندرية فى ذلك الزمان تزدخر بالعديد من الديانات والمعتقدات والفلسفات والتى يمكن حصرها فيما يلى :
 1- الديانة الفرعونية القديمة بكل آلهتها المصرية المعروفة مثل إيزيس وأوزوريس وحورس وآمون وأبيس تحت زعامة كبير آلهتهم رع.
 2-الديانة الرومانية التى أتت بها الأمبراطورية الرومانية الحاكمة فى مصر , فكانت هناك الآلهة العديدة الرومانية تحت زعامة كبير آلهتهم جوبتر الرومانى.
 3- الديانة اليهودية وكانت موجودة بطبيعة الحال بأنبيائها وناموسها وشريعة موسى الالهية , وما أدخله عليها الكتبة والفريسون من بدع وهرطقات.وكان اليهود يمثلون الجالية الكبيرة العدد بعد المصريين فى الأسكندرية حتى أنهم كانوا يشغلون حيا كاملا من أحياء الأسكندرية الخمسة.
4- كان هناك أيضا القليل من الذين آمنوا بالسيد المسيح , وهم من اليهود الذين حضروا يوم الخمسين فى أرشليم وآمنوا به ثم قدموا إلى الأسكندرية ,هذا مثبت بسفر أعمال الرسل ان هناك من بين  الذين رأوا تكلم الرسل بالألسنة المختلفة بعد حلول روح الله القدوس عليهم كان هناك من يتحدث باللغة المصرية ( أع2: 10) , وهناك من اليهود الذين وصلتهم رسالة يسوع المسيح وهم فى الأسكندرية عن طريق القديس سمعان القانوى أو عن طريق العزيز ثاؤفيلس الذى كان على صلة وثيقة بالقديس لوقا البشير , كما هو وارد فى مقدمة إلإنجيل حسب ماكتبه القديس لوقا , كذلك مقدمة سفر أعمال الرسل والذى كتب أيضا بمعرفة لوقا الإنجيلى, وكان هؤلاء اليهود الذين آمنوا  يعيشون فرادى فى ذلك المجتمع الغفير بالأسكندرية المتعددة الديانات والوثنيات الأخرى.
 5- بالإضافة إلى ذلك كانت تظلل الأسكندرية الفلسفات الخاصة الفارسية والهندية , وفلسفات كهنة مصر الفرعونية , وفلسفات قادة الفكر الوثنى.  كانت الصورة للقادم للأسكندرية خليطا من العبادات الوثنية , وسوقا للجدل الفلسفى , بالإضافة إلى مكتبتها العامرة , ومدرستها الفلسيفية الشهيرة ومتحفها العامر.

  كانت هذه هى الأسكندرية عندما قدم إليها القديس مرقس الرسول بعد مشوار طويل فى الكرازة سنة 61م , قادما من الخمس مدن الغربية بليبيا والتى قضى بها عدة سنوات , ووصل مصر ومكث فى بابليون ومعه القديس بطرس الرسول حتى وضع إنجيله ففارقة بطرس ووصل للأسكندرية عن طريق الواحات , ثم صعيد مصر , ودخل المدينة من الجهة الشرقية  شرق الميناء , وكان دخوله ومعه إنجيله بداية إشعاع نور الإيمان بالمسيحية فى  بلادنا مصر.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٦ صوت عدد التعليقات: ٥ تعليق