وجود مجموعة فى داخل الحزب الوطنى، مؤيدة لترشيح جمال مبارك فى موقع الرئاسة، فى مواجهة مجموعة أخرى مؤيدة للرئيس، يمكن أن يثير القلق لدى الناس، عند النظرة الأولى، لأنه يمكن أن يعنى، فيما يعنى، أن الحزب يعانى انقساماً فى داخله!
والسؤال هو: لماذا لا يؤخذ ذلك كله بمعناه الإيجابى، لا السلبى، وما نقصده هنا، على وجه التحديد، أن المجموعة التى قد تكون متحمسة لجمال، لا يعنى ذلك بالضرورة بالنسبة لها، أنها منقلبة على الرئيس، بقدر ما يعنى أنها يمكن أن تكون مشفقة عليه، من الاستمرار فى تحمل المسؤولية، فى هذه السن، وبالتالى، فحين تفكر مجموعة من هذا النوع، بهذه الطريقة، فالبديل الوحيد أمامها - من وجهة نظر أعضائها طبعاً - هو أن ترشح جمال، فى مكان الرئيس، لأنه ليس من المتصور أن تتجه مجموعة، هذه هى طبيعتها، إلى ترشيح واحد من خارج الحزب!
وبصرف النظر عن هذا كله، فإننا لو تجاوزنا هذا المعنى، إلى غيره، فسوف نجد أنه من الطبيعى جداً، بل من المطلوب، أن يكون فى داخل أى حزب كبير، رأيان، أو وجهتان للنظر، أو رؤيتان، أو تياران، لكل تيار منهما، رأى يراه!
وربما يكون من المناسب، أن نعيد تذكير أنفسنا هنا، بأن الحزب الديمقراطى الأمريكى، فى الانتخابات الأمريكية الرئاسية الأخيرة، التى جرت فى نوفمبر قبل الماضى، كان فى داخله مرشحان يتنافسان هما «أوباما» وهيلارى كلينتون، لم يكونا منتميين إلى حزبين مختلفين، ولكن كليهما كان ينتمى إلى الحزب نفسه، مع احتفاظ كل مرشح فيهما بوجهة نظر خاصة، فى القضايا المطروحة فى البلاد.
ولم يكن هذا يؤخذ وقتها، ولا اليوم طبعاً، على أنه انقسام فى داخل الحزب، وإنما كان يؤخذ على أنه إثراء للحزب، وللحياة السياسية الأمريكية ذاتها، وعندما نجح «أوباما» فإن «هيلارى» قد انضمت إليه، واستعان هو بها، وصار الحزب الآن، هو الذى يحكم، بأفكار أحد مرشحيه المعلنة وقت المعركة الانتخابية، ولم يحدث أن ثار القلق عندهم، إزاء وجود مرشحين اثنين، داخل الحزب الواحد، كما حدث ويحدث عندنا!
وحتى على مستوانا نحن، فإن الانتخابات على رئاسة الوفد، فى يونيو الماضى، قد شهدت تنافس الدكتور السيد البدوى، مع محمود أباظة، على رئاسة حزب ينتمى إليه المرشحان معاً، ولكن كان كل واحد منهما له وجهة نظره، وبرنامجه، الذى يدعو به، وإليه، وكانا قبل التنافس على رئاسة الوفد وبعده، أخوين، ولم يكن وجودهما معاً، فى معركة واحدة، باعتبارهما متنافسين، يعنى أن الوفد يواجه انقساماً فى داخله، فلما فاز الدكتور البدوى، بقى أباظة فى الحزب، ولايزال!
فما المعنى؟!.. المعنى أن الطبيعى أن يكون فى داخل الحزب، أى حزب، أكثر من وجهة نظر، وأن هذا، حين يكون لوجه الله، والناس، فإنه يزيد الحزب غنى، وقوة، وحيوية!
نقلا عن المصري اليوم |