CET 00:00:00 - 28/04/2009

مساحة رأي

بقلم: أنور عصمت السادات
دائماً ما ارتبطت القيم والمثل وتطور الحضارات في كل العصور ارتباطاً وثيقاً باحترام إنسانية العامل وكرامته تقديراً لدوره الفعال في الإنتاج والتنمية، ومن ثم تم اختيار الأول من مايو من كل عام عيداً رسمياً عالمياً للاحتفال بهذه الشريحة الهامة، وقد ساد اعتقاد خاطئ أن عيد العمال هو بدعة ماركسية انطلقت من الإتحاد السوفيتي والدول الإشتراكية بسبب احتفائهم البالغ بهذه المناسبة، والحقيقة أن هذا التاريخ جاء تخليداً لإضراب قام به العمال في شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية تسبب في مقتل الكثير منهم.
ويبدو أن المواطن المصري عانى دوماً من ضياع حقه وتدني أجره فقد ظهرت الإضرابات العمالية منذ عهد الفراعنة، كما أظهرت أبيات الشاعر العظيم بيرم التونسي معاناته: "ساكنين علالي العتب... أنا اللي بانيها... فارشين مفارش قصب... ناسج حواشيها... يا رب ماهوش حسد لكن بعاتبكم...".
وعلى الرغم من المعاناة التاريخية للعمال في مصر إلا أن ما نشهده في الوقت الحالي من توحش رأس المال وسيطرة رجال الأعمال على مقدرات العمال يعيد إلى الأذهان صورة العامل الكادح في العصور الوسطى الذي كان يعاني للحصول على أبسط حقوقه الإنسانية وأقل تقدير يستحقه، وعلى الدولة أن تفض هذا الإشتباك قبل أن يؤثر على مصالح مصر الإقتصادية والتي بالتأكيد تمس جميع المواطنين، والأمر يتطلب فتح جاد بين العمال وأصحاب المصانع والسماح لهم بتأسيس نقابات مستقلة تعبر عن مطالبهم وتدعم عملهم المشترك لتحسين أوضاعهم.
وما نراه مؤخراً من تنامي موجة الإضرابات والاحتجاجات العمالية في كل القطاعات هو نتيجة حتمية لتجاهل الحكومة المستمر لمطالبهم التي لم تتجاوز أدنى حقوقهم بإصلاح أحوالهم وبوضع حد أدنى للأجور يتناسب مع الإرتفاع الجنوني في الأسعار ويضمن حياة كريمة لهم ولأبنائهم، ولكن.. يبدو أنه لا حياة لمن تنادي، فما زالت الحكومة تتبع المثل "أذن من طين وأذن من عجين" خاصة أن الإتحاد العام للعمال -الذي يعتبر تنظيم نقابي شبه حكومي- لم يوفر للعمال قوة ضغط أو منبر حقيقي لهم وأصبح مطالبتهم بتأسيس نقابات عمالية مستقلة، تتحدث باسمهم وتطالب بحقوقهم بعيداً عن تدخل الدولة مطلباً واقعياً وعادلاً.
ويظل العمال في مصر يبحثون وراء تمثيل مجتمعي مشرف وتقدير من الرأي العام لدورهم الهام في صناعة النهضة الإقتصادية لمصر والتي يستحيل أن تتقدم من دون عامل يحصل على حقوقه ويشعر بمكانته في المجتمع، وهو الأمر الذي لم تحققه لهم نسبة التمثيل المقررة في مجلس الشعب التي فقدت فعاليتها وأثبتت ضعفها.

إننا -كالعادة- لا نرى سوى تحت أقدامنا ولا نعي جدياً أنه في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية فهؤلاء –عمالنا- هم نواة ترميم إقتصادنا وركيزته الأساسية نحو نهضة حقيقية، وأن تخلينا عن العمال كدولة وكمجتمع ينبئ بمستقبل مخيف للصناعة الوطنية التي تعاني منذ سنوات من تدهور شديد بالإضافة إلى هروب العمالة الجيدة للخارج، وبدلاً من تجاهل الحكومة لمطالبهم يتطلب الأمر رؤية واسعة لتطوير أدائهم وتدريبهم لمواكبة التطور التكنولوجي السريع في مختلف مجالات الصناعة في العالم.
ولعل النظام المصري يأخذ العبرة من التاريخ في قيام العمال بقيادة العديد من الثورات في العالم نتيجة لأوضاعهم السيئة، فهم يحملون شعلة التطور والتقدم في مصانعهم في يد وفي اليد الأخرى شعلة الثورة.

فهل ننتظر حواراً واقعياً؟؟ أم ثورة البركان؟؟ وكان الله في عوننا في مواجهة "الحليم إذا غضب".
أنور عصمت السادات
وكيل مؤسسي حزب الإصلاح والتنمية
asadat@link.net
info@rdpegypt.org

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١ صوت عدد التعليقات: ٠ تعليق