CET 00:00:00 - 06/09/2010

مساحة رأي

بقلم: د. يحيى الوكيل
وصلنى فى صندوق بريدى الإلكترونى، رسالة ممن يسمى نفسه "سيف الإسلام"– بينما عنوان بريده الإلكترونى يعبِّر أكثر عن حقيقته، فقد كان tnt.tnt.tnt1000@gmail.com، وأنتم تعلمون أن "التى إن تى" هى مادة تستخدم للنسف والهدم، فعنوان بريده الإلكترونى، خير مُصدق لحقيقة راسل تلك الرسالة.
 
و قد رأيت أن أشارك قرائى هذه الرسالة بعد تردد طويل، ففيها من السفالات ما وجدته لا يليق أن يتضمنه مقال لى– كالتطاول على رأس الكنيسة المصرية بشتائم مباشرة، بالإضافة إلى التطاول على إخواننا فى الوطن، وأولاد أخوالنا وعمومتنا المسيحيين. أمال الكفة فى صالح نقل الرسالة ضرورات الأمانة الصحفية، حتى يعلم قارئى ما أرد عليه بالضبط، و كذلك قناعتى أن ناقل الكفر ليس بكافر؛ فإن تأذى أحد مما يقرأ فليغفر لى وليسامحنى.
 
أبدأ بنقل نص الرسالة كما وصلتنى، بكل ما فيها من أخطاء إملائية تضيف إلى مثالب من أرسلها وخطاياه.
 
[عائدات الجزية على الشعب المصري البترول الجديد والثروة الغير مستغلة
لو قدرنا أن كل قبطي نصراني كافر في مصر سوف يدفع جنيه مصري واحد في الشهر جزية فكم يكون لدينا من ملايين في السنة الواحدة ؟المسلمين في مصر عمّالين ينشلوا بعضهم البعض ويقطعوا بعضهم البعض من الفقر ونسوا أن هناك ملايين من الجنيهات من حقوقهم وأموالهم عند الأقباط . لماذا لا نسترد حقوقنا المشروعة وأموالنا المسلوبة أليس هذا منطق صحيح ؟هؤلاء الأقباط الكفار لم يكفيهم أنهم يعيشون في بلادنا ويأكلون من خيراتنا ! ويعملون في وظائفنا ! ويزاحموننا في أرزاقنا ! ومع ذلك منهم من يسب ديننا ! ويكذب نبينا ! ويزيف قرآننا ! ويتجسس علينا لصالح إسرائيل وأمريكا ! أليس من العقل السليم أن نحاربهم ونهدم كنائسهم ونسبهم ونأخذ أموالهم ونسبي نسائهم ؟دولة شنودة الكلب الكافر في الكنائس تخطط مع أعداء المسلمين ضدنا وتسعى لهدم دولتنا وإسلامنا وتريد أن منا أن نرجع إلى جزيرة العرب !شنودة الكلب الكافر يريد أن يفعل كما فعل القرد الأسود الدكتور قرنق الكافر الملعون في السودان في تفتيت وحدة السودان والخيانة لوطنه ودولته المسلمة في الخرطوم !يا معشر المصريين المسلمين ... تنبهوا لما يدور في الخفاء ضدكم كفى انسياق مع أبناء الكلاب الفُساق الفنانين والفنانات والراقصين والراقصات والزانين والزانيات والمنافقين والمنافقات والكافرين والكافرات كفى ... كفى ... كفى انسياق خلف حمير الشعب المصري الذين صنعهم المستعمر الكافر .
في النهاية :الأقباط هم البترول الجديد الذي سوف يسد عجز نقص الرواتب ويوفر للشعب رغيف الخبز.]

 
العنوان كان كافيًا لشد انتباهى، فقد خدمت فى قطاع البترول لمدة تزيد على الاثنين وعشرين عامًا، وصرت خبيرًا فيه، ولم أعلم عن نوع جديد من البترول حتى وصلتنى هذه الرسالة؛ توقعت بعد العنوان أن أجد شرحًا علميًا، وقائمة بالمراجع والدوريات المنشور فيها الأبحاث التى أوصلت "سيف الاسلام" إلى نوع البترول الجديد، وطبعًا خاب ظنى، ولم يخب فى هذا فقط.
 
وجدت "سيف الاسلام" باحثًا عن جزية تجمع له الملايين، وهو ما يتناسب مع أمثاله من حثالة شبه الجزيرة الذين لا يعرفون أن يكدوا و يكدحوا ليعود عملهم عليهم بالرزق والخير، بل يريدون أن يعيشوا عالة على غيرهم من البنائين صانعى الحضارات– ولهذا غزوا "مصر" فى القديم، ويريدون غزوها ثانيةً فى هذه الأيام.
 
وممن يريد "سيف الاسلام" جمع الجزية؟ يريدها من "كل قبطي نصراني كافر في مصر"؛ فمن هؤلاء؟
الأقباط هم كل المصريين، منهم المسلمين ومنهم المسيحيين، أما النصرانيون فحد علمى أنهم أحد الطوائف، ولا تعدهم الكنيسة المصرية منها كالأيبوسيين، والمريميين، وغيرهم. وكل هؤلاء وأولئك يعبدون الله – كل بطريقته– وليسوا كفارًا كمشركي مكة مثلاً، والذين انحدر منهم " ابن الرهط عمرو بن العاص" مثلاً.
 
بهذا القياس، فلن تجد من تحصِّل منه الجزية يا "سيف الاسلام"، إلا إن كان قصدك تحصيل الجزية من كل المصريين، وشحنها لأسيادك الوهابيين فى صحراء شبه الجزيرة.
 
انتقل "سيف الاسلام" لوصف حال المسلمين فى "مصر"، فجعلهم ككلاب تتقاتل على الفتات. ولم يسأل نفسه: ما الذى جعلهم كذلك ؟– من قلة العمل، والتواكل، والجهل، والسير وراء الخرافة- بل انتقل مباشرة إلى إدِّعاء أن لهم أموالاً "مسلوبة"، وحقوقًا عند المسيحيين فى "مصر".. ولا أدرى من سلب من؟ مبلغ علمى أن غزاة "ابن الرهط عمرو بن العاص"، هم من استولوا على أموال المصريين تحت اسم الغنائم، وخطفوا نساءهم وبناتهم، حتى قبل أن يعرضوا عليهم الإسلام، فبذلك يكون للمسيحيين – بل لكل المصريين- أموالاً منهوبة وحقوقًا عند سادتك الوهابيين فى شبه الجزيرة، وليس العكس.
 
لا يزال "سيف الإسلام" فى عرضه الهزلى للأمر، فيقول أن الأقباط "يعيشون في بلادنا، ويأكلون من خيراتنا! ويعملون في وظائفنا! ويزاحموننا في أرزاقنا!"، وينسى أن "مصر" هى بلادهم، وأن الوهابيين البدو الحفاة هم الغاصبون، وأن الزحام الذى نحن فيه هو نتاج ما ينفثه شيوخ الجهل المقدس، من "تناسلوا" لمباهاة الأمم يوم القيامة!
 
ينتقل "سيف الاسلام" من الهزل إلى الكذب الصريح، فيرمى المسيحيين بتهم أولى به أن يرمى بها الشيعة مثلا، والمعروف إنهم لا يعترفون بقرآن السنة، ولا يعترف السنة بقرآن الشيعة. ولم أعلم أبدًا عن واقعة واحدة زيف فيها مسيحى مصحفًا، بل إن المسيحيين هم من حفظوا المصحف لليوم؛ لأنهم كانوا أول من امتلك وأدار المطابع فى "مصر"؛ أما التجسس لصالح "إسرائيل" و"أمريكا"، فأسأل عنه الرئيس المؤمن فى قبره، والفلسطينيين المسلمين الذين يسلطون أشعة الليزر على الأهداف الفلسطينية– المسلمة أيضًا– لتصوب عليها صواريخ الأباتشى الإسرائيلية بدقة.
وماذا عن التجسس لصالح هكسوس العصر، وعابرو شبه الجزيرة؟
 
نقلة أخرى من الكذب الصريح إلى الدعوة الصريحة للفتنة والحرب الأهلية– حلم الوهابيين الذى يعملون لزعزعة أمن "مصر" واستقرارها، واضعافها؛ ليعيدوا الإستيلاء عليها. فيطالب "سيف الاسلام" مباشرة "أن نحاربهم، ونهدم كنائسهم، ونسبهم، ونأخذ أموالهم ونسبي نسائهم؟"
 
إذن اتضح مقصد "سيف الاسلام". ذلك الفاشل المتنطع لا يحسن عملاً ولا صناعة، ولا حتى أدبًا. فيجد فى دينه هدم الكنائس، وسب الناس، ويريد أخذ الأموال على الجاهز. وطبعًا لا ينسى بهيميته فيضيف سبى النساء إلى جرائمه.
 
الطريف إنه بعد دعوته تلك إلى الخراب والدمار، يدَّعى "سيف الإسلام" على الكنيسة المصرية إنها هى التى تدبِّر لهذا. ويبلغ به فجوره المدى، فيعتدى باللفظ على رأس الكنيسة المصرية، وهو الرجل صاحب المواقف الوطنية، والقوى فى الحق. ولن أسرد هنا مناقب البابا "شنودة" وفضائله، فهو غنى عن أن يضيف قلمى إليه شيئًا؛ ولكن أنّى لجاهل مثل "سيف الاسلام" أن يعرف عن ذلك شيئًا، فهو ليس إلا حيوان فى قطيع تقوده عصا الرعاة البدو الوهابيين.
 
إبرازًا لجهله الشديد، يلقى "سيف الإسلام" باللوم على "قرنق" فى انفصال جنوب السودان، ولا يفوته أن يصفه بأوصاف عنصرية كنت أظن الإسلام قد نهى عنها، وجعل البشر سواسية. فشكرًا لـ"سيف الإسلام" أن أوضح حقيقة ذلك الوهم، وأبان عنصرية أسياده الوهابيين. المهم أن "سيف الإسلام" قد نسى أو تناسى أو جهل – أو الثلاثة معًا – دور "صلاح سالم"- عضو مجلس قيادة الثورة، وعضو الجماعة- فى فصل "السودان" عن "مصر"، ثم ما فعله "النميرى" المتأسلم من تعسف فى تطبيق الشريعة الإسلامية على غير المسلمين، مما كرَّس انفصال الجنوب السودانى.
الخطايا هنا كلها يا "سيف الاسلام" من نصيب مسلمين، بل وغلاة المسلمين.
 
نداء "سيف الاسلام" قرب نهاية رسالته إلى المصريين – ولا أعرف لماذا خص المسلمين منهم– أن لا تنساقوا وراء المفسدين كما عددهم، أكاد أوافقه عليه، لكنه نسى أمرين:
-          الأول: أن يضيف شيوخ الفضاحيات، ومدَّعى الحصول على الدكتوراة، ومن فى حكمهم من المهيجين، كـ"أبى إسلام" مثلاً إلى زمرة الذين لا يجب الإنسياق وراءهم.
-          الثانى: أن من ابتدع مجالس السمر، وأعلى شأن الجوارى والقيان– بل والغلمان أيضًا– هم خلفاؤك  وخلفاء المسلمين، وليس المستعمر "الكافر".
 
لا ينسى "سيف الاسلام" أن ينهى رسالته بنكتة، فيقول: إن الجزية التى سيحصَّلها، ستوفر رغيف الخبز للمصريين؛ وأقول له: لن يوفر رغيف الخبز إلا حقول القمح، ترويها مياه النيل التى يحتجزها عنك أسيادك الوهابيون فى الجنوب؛ لتروى لهم حقولاً اشتروها فى بلاد منابع النيل.
 
وأسألك يا "سيف الاسلام"، لماذا أنت حريص على جمع الجزية من المسيحيين؟ أليس من الأولى أن "تهديهم" إلى الإسلام؟ أم أنك تتمثل خطى "بن الخطاب" الذى ضجّ من إدخال الناس قسرًا فى الإسلام على يد "ابن الرهط"، فقل ما كان يغله من الجزية؟ أو لعلك تنظر إلى الموقف بنظرة أعمق، وتخشى إضافة الملايين إلى طوابير المتواكلين العاطلين، والكسالى؟
 
هذا ما كان من رسالة "سيف الاسلام" إلىّ، وقد عاملتها بما تستحق؛ لأهميتها وخطرها، فأرسلتها إلى السياسيين المعنيين بتسيير الأمور فى "أوروبا" و"أمريكا" و"استراليا"– وكلها مقاصد هامة للمسلمين، بعد أن أصاب العفن بلادهم، وأظنهم سيردون بالآتى، والذى لن يعجب "سيف الاسلام"، بالرغم من إنه لن يكون إلا أخذًا بالمنهج الذى يدعو إليه:
 
[عائدات الجزية على الشعوب الأوروبية..بديل البترول الموجود فى صحراء البدو والثروة غير المستغلة
لو قدّرنا أن كل مسلم كافر في "أوروبا" و"أمريكا" و"استراليا" سوف يدفع يورو واحد في الشهر جزية، فكم يكون لدينا من ملايين في السنة الواحدة؟ الأوروبيون ومن مثلهم يعانون من البطالة، ويريدون أن يعملوا لأنهم يكرهون الكسل، ويحتاجون لرؤوس أموال لمشروعات يعملون بها، ونسوا أن هناك ملايين من الجنيهات من حقوقهم وأموالهم عند المسلمين، والتى نهبوها منهم عند غزو بلادهم، أو سرقوها منهم كجزية. لو استردت "اليونان" وحدها ما نهبته منها "تركيا"، لخرجت من أزمتها المالية.
 
 لماذا لا نسترد حقوقنا المشروعة، وأموالنا المسلوبة؟ أليس هذا منطق صحيح؟ هؤلاء المسلمون لم يكفهم أنهم يعيشون في بلادنا ويأكلون من خيراتنا! ويعملون في وظائفنا! ويزاحموننا في أرزاقنا! ويتعلمون علمنا! ويسيل لعابهم على بناتنا! ومع ذلك، فكلهم يسبون ديننا! ويكذبون مسيحنا! ويزيفون أناجيلنا! ويتجسسون علينا لصالح القاعدة والوهابيين! ويفجّرون أبناءنا فى عمليات إرهابية خسيسة بعد كل ذلك؟! أليس من العقل السليم أن نحاربهم ونهدم مآذنهم ونأخذ أموالهم – على أن نترك نسائهم القبيحات لهم عقابًا لهم؟
 
قاعدة "بن لادن" الكلب الكافر في الكهوف، تخطط مع  الشيطان ضدنا، وتسعى لهدم دولتنا وحضارتنا. وبعد ذلك يرفضون أن نرجعهم إلى جزيرة العرب! كل إرهابى يريد أن يفعل كما فعل القرد الأسود الدكتور "خالد" الكافر الملعون في تفجير أبراج التجارة، والخيانة للوطن الذى استضافه فى "أوروبا" و"أمريكا" و"استراليا"!
 
يا معشر الأوروبيين والأمريكيين والإستراليين المسالمين...تنبهوا لما يدور في الخفاء ضدكم. كفى إنسياقًا مع ما تربيتم عليه من احترام لحقوق الإنسان، وما غمرتم به أبناء المسلمين من علم ومن فضل، وأعيدوهم إلى صحراء شبه الجزيرة.
 
في النهاية: عندما يتعفن الوهابيون فى صحرائهم، وتدفن جيفهم تحت الرمال، فالضغط والحرارة سيحولها إلى البترول الجديد الذي سوف يسد عجز مشتقات البترول، ومنها البلاستيك الذى تصنع منه أكياس القمامة.]

 
هل يرضيك يا "سيف الاسلام" أن تعاملك أوروبا نفس المعاملة التى تقترحها؟ فتُرحل المسلمين من أراضيها، أو تفرض عليهم الجزية– ولا يدفعنك جهلك إلى التبجح بأن المسلمين لا يدفعون الجزية، فقد دفعها الخليفة "معاوية بن أبى سفيان" وولده "يزيد" للإمبراطور البيزنطى؛ ليتفرغا لقتل أحفاد النبى، وأولاد الصحابة، وهتك عرض بناتهن.
أتريد إعادة هذا التاريخ؟

أخيرًا، ما مسألة "سيف الإسلام" تلك؟ لماذا يسمون أنفسهم دائمًا هكذا؟ ولا نجد أبدًا "فأس الإسلام"، أو "محراث الإسلام"، أو "علوم الإسلام"؟
 
أعتقد أن فى عقول من هم على شاكلة مستر "تى إن تى"، فالأسماء التى اقترحتها تحمل تناقضًا فى المعنى، والأهم أن فحوى رسالة مستر "تى إن تى" تصلح أكثر لـ"سيف الإظلام".
 
ولن تنول مرادك ومراد أسيادك يا "سيف الاظلام"، فلن يحارب أقباط "مصر" بعضهم بعضًا أبدًا، وإن شذ فاسد منهم كما أنت فاسد، فاستئصاله واجب على الجميع وأنا أولهم.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٧ صوت عدد التعليقات: ٩ تعليق