علمنى ياربي

الراسل: رجاء
هذا الوجه ياربي أراه كل يوم، يطالعني بنظرات لا أستطيع سبر غورها، أو فك رموزها...
هذا الوجه يارب، أراه في بيتك، يتناول معي دمك وجسدك الطاهر. أراه بين السطور عندما أفتح كتابك المقدس، وأقرأ كلماتك الحبيبة. أقف مطولاً عندما أقرأ وصيتك (لا تدينوا لكي لا تدانوا)*
 
أسمع كلماتك..أتابع ما أقرأ بشغب، أبحث بين السطور عن دواء يشفي نفسي من خطيئتها، يردعها عن دينونة غيرها، وعن نظرها للقذى الذي في عين الآخر، وغفلتها عن الخشبة التي في عينها.
 
أقرأ كل يوم أصل لرسائل قديسوك الأبرار، ينهوننا عن الدينونة..أما قال لنا "بولس الرسول": "أنت بلا عذرٍ أيها الإنسان كل من يدين؛ لأنك فيما تدين غيرك تحكم على نفسك. لأنك أنت الذي تدين تفعل تلك الأمور بعينها"..
 
أتأمل ربي في هذه الكلمات، أجل أدين أخي في المسيح..أنعته بصفاتٍ قبيحة، أحمل في داخلي صفاتٍ أقبح منها!! لِما أحكم عليه؟ لِما لا أحاول أن أتأمل ذاتي، وأن أنقّيها من شوائبها؟؟؟؟؟ أليس هذا أفضل؟ ألست بدينونتي للأخر أدين نفسي؟
 
أقرأ ربي وأتأمل...وأتألم لِما لا نبالي؟؟؟؟ ألعلنا نستهين بِغناك ولطفك وطول أناتك، غافلين عن أن هذا الصبر والإمهال، إنما لتقودنا للتوبة؟ لتغسلنا من كل الشوائب والأردان العالقة بنا؟ المترسبة في عمق ذواتنا الضعيفة..نعم ياربي وإلهي..نعم ياسيدي ومعلمي، نحن ضعفاء خاطئين لدرجة الموت..
 
كيف وأنا أدين أخًا لي؟ فعلمني ربي ألا أدين أخوتي، بل أن أقدّس ذاتي لأجلهم. علمني ربي أن أحبهم، ولا أرى منهم إلا كل شيئ جميل وحسن..علمني ربي أن أصلب نفسي وأطهرها بمعمودية محبتك ورحمتك..ألا أُدخل قلبي في كهوفٍ مظلمات..ابعدني ربي عن دينونة غيري.  ابعدني عن كبرياء يُعمي قلبي وبصيرتي، ويغرقني بالخطيئة أكثر وأكثر.
 
علمني أن أكون على صورتك ومثالك عندما صرخت على الجلجلة "يا أبتاه اغفر لهم؛ لأنهم لا يعلمون ما يفعلون"..علّمني أن أغفر لمن أساء إليّ..أسامح من أخطأ قدامي..علمني ربي أن أحب كل من حولي، وألا أدينهم. ذاكرين دائمًا أن لا أحد منا بلا خطيئة..
 
علمني ربي أن أراك في الآخر، وأن ألتمس وجهك في كل الوجوه..