بقلم: د. نجيب جبرائيل وقد أخذتم على عاتقكم أيضاً وعداً صادقاً للأقباط بعرض مشاكلهم والعمل على حلها لأنها كما قلتم أنها مشاكل وطنية وليست مشاكل أقباط، ودعوتم في النهاية كل المفكرين والصحفيين والسياسيين الأقباط في مصر ليقولوا رأيهم بكل صراحة فيما لا يعجبهم، ومن هذا المنطلق بل من هذا الكرم ينمي الإحساس الوطني المرهف من جانبكم فدعى أن أكون أول المتحدثين إليكم عبر رسالة -أعذرني إذا كانت مطولة- لكنها تتناول هموم الأقباط ليس من خلال أي مفهوم طائفي وإنما من خلال مفهوم المواطنة. سيدى الفاضل رئيس التحرير.. أولاً أريد أن أركز على بعض النقاط الآتية: ثالثاً: حسناً قلتم أن الأقباط يعانون من نفس ما يعانيه المسلمين مثل البطالة وسوء الأحوال الإقتصادية والتمييز في الدرجات الإدارية والترقي للوظائف وأزمة المساكن، فأصبحت تلك المشاكل جميعها هي قاسماً مشتركاً بين عنصري الأمة. رابعاً: إنني أتفق مع سيادتكم تماماً في أن هناك مشاكل يعاني منها المواطن المصري سواء كان مسلماً أو قبطياً، ولكن هذه المعاناة يمكن أن تكون مقبولة إذا جاءت في ظل قوانين تعلن المساواة بين جميع المواطنين لا تفرّق بين قبطي أو مسلم، أما إذا جاءت قوانين لتفرق بين نسيج هذه الأمة أو انعدمت قوانين لطائفة وبقيت للأغلبية فهذا لا يعقله قبطي أو مسلم، ودعني أسرد لك حقائق مروعة ولعل سيادتكم تعلمها أكثر مني بحنكتكم الصحفية وسعة اطلاعكم على الأمور -واعذرني مرة أخرى للتطويل دون الإطالة- فعلى سبيل المثال وليس الحصر إليكم الآتي: 1- هل يعجبك يا سيدي أن يظل الأقباط خاضعون وجاثمون في بناء كنائسهم لخط همايوني منذ أيام السلطان العثماني أصدره العزبي باشا وكيل الداخلية التركي آنذاك عام 1860، وهو ما يُعرف بالشروط العشرة في بناء الكنائس، أي مضى عليه أكثر من مائة وخمسون عاماً بينما ينعم الأخوة المسلمون في بناء مساجدهم في ظل قوانين عادية وهو القانون 106 لسنة 1976 في شان تنظيم وتوجيهة أعمال البناء، يعجبك أن يكون إيجاد مكان لبناء كنيسة يتعبد فيه الأقباط استلزام صدور قانون جمهوري أي أن الصلاة لا بد أن تكون بقرار جمهوري، وهل يعجبك أن يكون مجرد ترميم وتدعيم دورة مياة في كنيسة لا بد من صدور قرار من محافظ وكما لو كان السيد المحافظ قد أخلى نفسه من كل شواغله لكي يتفرغ لإصدار قرار بترميم دورة مياة أو حائط آيل للسقوط، هل يعجبك يا سيدي أن تكون كنيسة في إحدى قرى منيا القمح بنيت منذ أكثر من مائتي عام وقد ملأت المياة الجوفية معظم جدرانها وأصبح سقفها الخشبي يهدد المصلين بالسقوط على رؤوسهم وكاهن الكنيسة يلهث لأكثر من عشرة سنوات ما بين الوحدة المحلية لمدينة منيا القمح ومفتش أمن الدولة ملتمساً صدور قرار لمجرد الترميم وتدعيم الحوائط وكما لو كان الترميم لقلعة حربية أو أن القرار هو لغز من ألغاز الفضاء، هذا ما حدث في كنيسة أبو سيفين بقرية سلامة إبراهيم منيا القمح وتحت يدي جميع المستندات. 3- هل تتصور يا سيدي الفاضل أنه يوجد في مصر أكثر من ثلاثة وعشرون جامعة وأكثر من سبعة جامعات خاصة ولا يوجد من بينهم رئيس جامعة قبطي، وكما لو كان الأقباط وقد أصيبوا فجأة بالبلادة وهدم الريادة. 7- هل تتصور يا سيدي العزيز أن أكثر من ألفي قضية بما تعرف بقضية العائدين للمسيحية ما زات قابعة في ردهات محا كم القضاء الإداري دون الفصل فيها بحجة أن أحد المحامين المسلمين طعن بعدم دستورية عودة المسيحي لديانته بعد إشهار إسلامه وأن هذا يعتبر ردة، بل أن تقارير هيئة مفوضي الدولة والذي أعدها مستشارين كبار تقول أيضاً أن ذلك يعتبر ردة عن الإسلام وشرعاً يهدر دمه، وتحت يدي هذه التقارير، ويقولون أن ذلك إعمال لنص المادة الثانية من الدستور التي تنص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع ونسوا أن هناك مواد تسمى المواطنة وضعت في غرة الدستور بفضل التعديلات التي أجراها سيادة الرئيس مبارك راعي الوحدة الوطنية، ونسوا أن هناك مادة تسمى الأربعون والتي تنص على المساواة بين جميع المواطنين بصرف النظر عن الجنس أو اللغة أو الدين، ونسوا أيضاً أن هناك مادة تسمى السادسة والأربعون والتي تكفل حرية العقيدة ويجب أن تكون حرية العقيدة للجانبين لا لأصحاب دين على حساب أصحاب دين آخر، ونسوا على الأكثر أو تناسوا مسألة خطيرة وهي أن مصر قد وقّعت على اتفاقيات ومعاهدات دولية تنص على حرية العقيدة يجب احترامها للتأكيد على مصداقية مصر، بل أن هناك نص في المادة 151 من الدستور المصري تنص على أن جميع الإتفاقيات التي وقّعت عليها مصر تصبح في نصاً وقوانين المحلية وملزمة بعد التصديق عليها، وهكذا تظل مصالح ومستقبل أكثر من ألفي شخص موقوفة بسبب تعنت محامي واستجابت المحكمة لعدم قانون واضح يكفل حرية العقيدة رغم كونها مادة في الدستور فهناك فتيات منهن في سن الزواج وموقوف زواجهم لعدم حملهم إثبات شخصية، وهناك طلبة رفضت الجامعات قبولهم لأنهم لا بمسلمون أو مسيحيون بسبب إشهار أبوهم إسلامه، وهناك أناس مشرفون على الموت لا يعرفون هل سيدفنون في مقابر المسلمين أو المسيحيين، وهناك أطفال مثل أندرو وماريو القضية الشهيرة أجبروا على امتحان الدين الإسلامى بسبب إسلام والدهم رغم أنهم في حضانة والدتهم المسيحية، بل أن هناك أطفال دون سن بلوغ الخضانة نزعت حضانتهم من أمهاتم المسيحية بضمهم إلى أبوهم الذي أشهر إسلامه ليتربوا مع زوجة أبيهم رغم وجود أمهم المسيحية على قيد الحياة، فأي قانون وضعي أو سماوي يقول بذلك، فرغم أن قانون انتهاء الحضانة ينص على أن ينتهي سن الحضانة عند بلوغ الصغير أو الصغيرة خمسة عشر عاماً لكن هذا القانون لا يطبق في حالة إشهار إسلام الأب وتنزع حضانة الأطفال دون السن القانوني رغم عدم وجود قانون بذلك وتستند المحاكم في أحكامها إلى مجرد آراء فقهية... ثم تقولون لماذا الأقباط غاضبون وأن مشاكلهم هي مشاكل المسلمون، فهل يمكن أن ينزع حضانة طفل من أمه المسلمة إذا اعتنق أبوه دين غير الإسلام. 8- سيدي الفاضل.. ظل التليفزيون المصري على مدى أربعة سنوات في شهر رمضان الذي ننتظره جميعاً أقباطاً ومسلمون للإلتقاء حول مائدة واحدة لتجيء مسلسلات التليفزيون لتقدم لنا نموذج واحد وفريد للوحدة الوطنية وهو زواج البطلة المسيحية من البطل المسلم دونما اعتبار لمشاعر المسيحيين وأن ديانتهم تحظر الزواج في حالة إختلاف الدين كما تحظر الشريعة الإسلامية زواج المسلم من غير المسلم، ونسى التليفزيون أن هناك ما قلت قواسم مشتركة يعيشها الأقباط والمسلمون في الأفراح والأتراح والتجارة والشراكة وغير ذلك من امتزاج الوجداني والوطني ومثال ما قدمه التليفزيون من مسلسلات تسيء إلى الوحدة الوطنية "أوان الورد – حد السكين – من لا يعيش في جلباب أبي - بحب السيما – فيلم واحد صفر وغيره الكثير.." 9- هاجم الإعلام المصري وعلى الأخص القومي المؤتمرات التي يعقدها الأقباط في المهجر واتهم هؤلاء بالعمالة وأنهم يعملون على أجندة أمريكية وصهيونية فقلنا لنعقد مؤتمراتنا داخل مصر وعلى مائدة مصرية وبين مثقفين ومستنرين ومثقفين مسلمين وأقباط، فدعت منظمتنا الإتحاد المصري لحقوق الإنسان إثنتي عشر منظمة قبطية في أمريكا وأستراليا وكندا وانجلترا وفرنسا والنمسا وعقدنا بالقاهرة مؤتمر للمواطنة الذي عرف بمؤتمر القاهرة الأول على مدار يومين في الثامن والعاشر من شهر فبراير 2008، ودعونا شخصيات سياسية كبيرة في مصر ولم تستجيب الدولة للمشاركة في هذا المؤتمر رغم أن أجندته أرسلت إلى الجهات المعنية، وأذكر قول الأخ وصديق عزيز سياسي ويشغل مركزاً مرموقاً جداً بل لا أخشى أن أقول أنه يشغل رئيس أهم اللجان في مجلس الشعب حينما قال لى بالحرف الواحد "إن أكبر غلطة عملتها الدولة أنها لم تشارك في هذا المؤتمر الذي عقده أقباط المهجر بالقاهرة"، ومع ذلك أصدر المؤتمر أكثر من خمسة عشر توصية معظمها لحلول لما تم عرضه سلفاً من مشاكل ولم تنفذ الدولة توصية واحدة، فكيف إذاً نلوم أقباط المهجر إذا ما قاموا بمظاهرة؟ أو وقفة احتجاجية أمام أي من سفاراتنا بالخارج أو عقدوا مؤتمرات أخرى في واشنطن أو لندن أو باريس؟ 10- هل تتصور يا سيدي الفاضل ما حدث في شهر يوليو الماضي أن ترفض إحدى المحاكم المصرية شهادة المسيحي الذي أتى به صديقه الملسم ليشهد في واقعة وفاة والد صديقه المسلم والذان تربا معاً فسمعت شهادة المسلم ورفض القاضي سماع شهادة المسيحي لا لشيء إلا لكونه مسيحي، رغم أن الواقعة لم تتعلق بأنصبة ميراث أو زواج أو طلاق وإنما واقعة مادية بحتة وهي تاريخ وفاة والد صديقه المسلم ومن الذي خلفه من أولاد أو بنات أو زوجة... فهل هذا يُعقل في ظل ما ينادى به سياده الرئيس من سيادة مبدأ المواطنة وعدم التمييز بين المواطنين؟ 11- هل يصح أن يحدث هجوم من الغوغائيين لأكثر من ثلاث آلاف مواطن على إحدى الكنائس بمنطقة عين شمس بزعم أنها كانت مصنعاً ولا يوجد ترخيص لها، وإنني أتساءل من هي الجهة المنوط بها غلق هذه المنشأة أأو تحرير محضر بناء بدون ترخيص ومن الذي أعطى لهؤلاء استباحة هيئة الدولة من يعتقد أن ذلك حدث لشعورهم باستعلاء الأغلبية على الأقلية وطبعاً هذا الشعور جاء نتيجة وجود قوانين تمييز بين أبناء الوطن الواحد. المقترحات والحلول 8- الإصرار على الدولة المدنية والمجتمع المدني وبالتالي يتعين تخلية جميع قوانين البلاد من أي مواد ذات صبغة دينية. 10- تشجيع منظمات العمل المدني على نشر ثقافة حقوق الإنسان وقبول الآخر ونحن على استعداد للمساهمة في ذلك دون أدنى مقابل من خلال جريدتكم الغرّاء. المستشار الدكتور / نجيب جبرائيل |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا |
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا |
تقييم الموضوع: | الأصوات المشاركة فى التقييم: ٩ صوت | عدد التعليقات: ٧ تعليق |