CET 15:25:25 - 12/09/2010

مساحة رأي

بقلم: جرجس بشرى
هذا السؤال ما زال يراودني بشدة: هل تظاهر الرئيس الأمريكي "باراك حسين أوباما" بالمسيحية لتمكين الإسلام السياسي من "الولايات المتحدة الأمريكية" بهدف أسلمة "أمريكا"؟!! فهذا السؤال يُعد واحدًا من أخطر الأسئلة، والتي يجب على الرئيس الأمريكي "باراك حسين أوباما" أن يجيب عليها، ويجب أن تكون إجابته عليها ليست بالأقوال بل بالمواقف والأفعال، فكثيرًا ما أقرّ "أوباما" بايمانه بالمسيحية، ولكن هناك مواقف واضحة له تبين ولاءه الشديد للإسلام، ولعل الواقعة الشهيرة التي تؤكد ذلك هو انحناءته للملك "عبد الله بن عبد العزيز" ملك "المملكة العربية السعودية" إنحناءة أقرب ما تكون للركوع ثم تقبيل يده، وذلك عند لقائه به مطلع شهر ابريل 2009 على هامش مؤتمر "قمة العشرين" بـ"لندن".

 وقد أثارت هذه الإنحناءة موجة عارمة من الإنتقادات اللاذعة للرئيس "أوباما"، خاصةً وإنه غير منصوص عليها في البروتوكولات الرسمية الخاصة بمقابلات الرئيس الأمريكي عند لقائه بمسئولين أو رؤساء دول.

 ومن المؤكد أن هذا التصرف العفوي لـ"أوباما" قد كشف بذرته الإسلامية، لدرجة أن هناك كثير من المسلمين السعوديين الذين هللوا للرئيس "أوباما" بسبب هذه الإنحناءة.  قالوا: "إن البذرة الإسلامية لـ"أوباما"  هي التي جعلته ينحني ويركع لملك "السعودية"!!".

 ومن وجهة نظري المتواضعة، فإنني أرى إن انحناءة "أوباما" للملك "عبد الله" كانت بمثابة بداية لإنحناء "الولايات المتحدة الأمريكية" لقوى التطرف والتشدد الديني، ففي عهد "أوباما" بدأت المظاهر الدينية الإسلامية تجتاح الشارع الأمريكي، كما أن احدى "الولايات الأمريكية" التي بها كثافة إسلامية عالية منعت أحد المبشرين من توزيع الإنجيل، كما أن هناك مدارس إسلامية متعددة في "أمريكا" فرضت على التلميذات الحجاب، كما أن الجلباب الإسلامي بدأ يظهر في الشارع الأمريكي، و..و..

 ومن المثير للريبة، إن الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" أكّد على حق المسلمين في بناء "مسجد قرطبة" بجوار  المكان الذي كان  مقامًا عليه برج التجارة العالمي، والذي تم تدميره إثر قيام متطرفين مسلمين بالهجوم عليه في الحادي عشر من سبتمبر 2001 م، وهو الأمر الذي أثار كثيرين خاصة أهالي الضحايا، حيث قال الرئيس "أوباما" بالحرف الواحد- بحسب ما جاء بصحيفة إيلاف الإلكترونية: "للمسلمين الحق في بناء دار عبادة في هذا المكان، وكذلك المسيحيون واليهود والهندوس". والأغرب، إن الإمام "فيصل عبد الرؤف"- إمام مسجد نيويورك- كان قد حذّر من تداعيات نقل مكان "مسجد قرطبة" بلغة أشبه بالتهديد والإرهاب بقوله لشبكة "سي إن إن" يوم 9 سبتمبر من الشهر الجاري "رد فعل المسلمين في العالم يمكن أن يكون أكثر عنفًا من أعمال الشغب الدامية التي تلت نشر رسوم كاريكاتيرية للنبي محمد في صحيفة دنماركية عام 2005 م"!!! (هل فكّر أحدكم في معنى هذه العبارة؟!!).

 وما أود أن أقوله هنا: إن هيبة "الولايات المتحدة الأمريكية"، وصلابتها في مواجهة التطرف والتشدد قد انكسرت تمامًا في عهد الرئيس "أوباما"، وإنني أسأل هنا الرئيس "أوباما": كما طالبت ببناء مسجد قرطبة بجوار المنظقة التي شهدت إعتداءات 11 سبتمبر، وكما تسمح بحرية للمسلمين ببناء مساجد ومراكز  ومدارس إسلامية، هل يمكن أن توجهون طلبًا لملك "السعودية"- الملك "عبد الله بن عبد العزيز"- بالسماح للمسيحيين المقيمين بـ"السعودية" ببناء ولو كنيسة وأحدة يتعبدون فيها علنًا بدلاً من صلواتهم في المنازل خفية؟!! فهذا المطلب يدخل في نطاق الحرية الدينية التي تنادي بها للمسلمين في "أمريكا"، فهل من العدل أن تنادي بإقامة مساجد للمسلمين في "أمريكا" وفي ذات الوقت ترفض مطالبة ملك "السعودية" ببناء كنيسة في "السعودية"؟

كما إنني أسأل الإخوة المسلمين الذين ثاروا من أجل بناء "مسجد قرطبة": هل عدم بناء مسجد قرطبة يعتبر انتهاكًا للحريات الدينية وحرية العقيدة؟ وعدم سماح "السعودية" ببناء كنيسة ليس كذلك؟! كيف تطالبون بالحرية الدينية وحرية بناء المساجد في "أمريكا" وأنتم في بلادكم الإسلامية والعربية تقمعون بلا هوادة الحريات الدينية وبناء الكنائس، وكأنها رجس من عمل الشيطان؟!!

إنني أطالب أيضًا الجاليات المسيحية في "المملكة العربية السعودية" أن تنظم وقفة احتجاجية سلمية تطالب فيها الملك السعودي "عبد الله بن عبد العزيز" ببناء كنيسة بـ"السعودية"، وسوف تظهر هذه الوقفة بلا شك ردود أفعال العالم الإسلامي تجاه حرية العقيدة التي ينعم بها المسلمون في "أمريكا" والغرب، ومن المؤكد أن ردود الفعل المترتبة على هذه الوقفة ستكشف حقيقة "أوباما" وملك "السعودية" الذي بدأ يتبنى في السنوات الأخيرة مؤتمرات لحوار الأديان، بل ستكشف العالم الإسلامي كله  أمام العالم.

 أؤكد إننى لست ضد بناء مساجد فى "أمريكا" و"أوربا"؛ لأن حرية العقيدة شيئ مقدس لا يجب المساس به، ولكننى ضد الظلم، وضد أولئك الذين يطالبون لأنفسهم بالحرية، وفى ذات الوقت يحرمونها على غيرهم!!

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٩ صوت عدد التعليقات: ٣٠ تعليق