بقلم: صفوت سمعان يسى
ما يحدث على الساحة المصرية الآن من تأجج الصراع الديني، وتبادل التلاسن بين مهيجي الفتن؛ سيشعرك بأن الحرب الدينية أو "الصليبية" قادمة في "مصر"، وقد وضعت أوزارها، وقد حان وقت إشعالها!!
فما معنى قيام مظاهرة بالكاتدرائية بالعباسية لرجوع زوجة كاهن، قيل أنها أُختطفت وأُجبرت على تغيير عقيدتها، يستتبعها قيام مظاهرة إسلامية بالعباسية للمطالبة بعودتها لهم، وقيل أنها أُجبرت على الرجوع عن إسلامها، وأن الكنيسة تحتجزها إجباريـًا، بالرغم من أن قضية "كامليا شحاتة" هي قضية حرية شخصية، وهي قضية فردية بحتة، وتطورت الأمور تصاعديـًا لتطالب بالتظاهر لإقالة "البابا".
ومن المثير للسخرية تورط حركة "6 إبريل" السياسية في المظاهرات الدينية، وزاد التهييج بقيام "قناة الجزيرة" بإثارة الفتنة بشكل واضح وصريح بين المصريين، ولا أقول بين عنصري الأمة، وكان إذاعة تلك الحلقة بين "أحمد منصور"، و"سليم العوا" هو إعلان حرب بين المصريين الذين يدينون بالإسلام والذين يدينون بالمسيحية، ولم يتبق من دق طبول الحرب إلا عزف المارشات العسكرية.
حيث صرح بأن الكنائس والأديرة تخزن الأسلحة والذخيرة، وهي قناة تنفخ في النار لنسف النسيج المصري ووحدته، تمهيدًا للحرب الدينية القادمة؛ بالإضافة إلى إعلان أن الكنيسة "دولة داخل دولة"، في تحريض سافر ضدها لقيام الحكومة المصرية بعمل ما لتحجيمها، مثلما فعل "السادات"، وأدى إلى نتائج كارثية، ومما زاد الطين بلة هو قيام جبهة علماء المسلمين بالمطالبة بالقيام بمقاطعة الشراء والبيع من الأقباط!!
فهل أصبح الأقباط أعداءًا مثل الإسرائيليين يجب مقاطعتهم؟؟ ويجب معاداتهم؟؟ ومن ثم طردهم ودحرهم من وطنهم؟!
وليرد دعاة المقاطعة العنصريين المتحفزين لخراب الوطن؛ كيف سنقاطع بعضنا البعض ومعظم مصالحنا وحياتنا مشتركة حتى النخاع؟؟ وكيف تقوم حرب دينية بين ركاب سفينة واحدة تمخر وسط الضباب وتبحر وسط عواصف متقلبة وشديدة بالمنطقة؟؟ وهل إذا غرقت أو احترقت السفينة.. هل سيميز البحر بينهم؟ أو النار ستميز بينهم؟!
ولكن أين دور عقلاء الأمة المصرية؛ من الساسة والصحافة والإعلام ورجال الأعمال، من المهاترات التي تحدث؟؟ ولماذا الصمت التام؟؟ هل حان الوقت للقفز من السفينة قبل أن تغرق؟!
لكن يبقى التساؤل الأهم، ألا وهو: "أين الدولة المصرية من كل تلك الأحداث؟! فسكوتها وصمتها التام عن كل ما يجري والسماح به هو بمثابة الرضا، كما يقول المثل المصري: "السكوت علامة الرضا"؛ فالمرحلة القادمة هي مرحلة انتخابات لمجلس الشعب، الذي سيجهز للوريث التوريث بطريقة شرعية، وطالما أن هناك توريث؛ فلابد من استخدام نظرية الاستعمار الإنجليزي "فرق تسد".
ولذلك لا مانع من ظهور بؤر توتر في مناطق انتخابات ساخنة، لكي يتمكن الأمن من الدخول والسيطرة عليها بالكامل، ولا مانع من ظهور فتن في مناطق مشهورة بالتعصب الديني، لكى يلجأ كل طرف إلى مجاملة ومحاباة الحكومة، وبالتالي "الحزب الوطني" في تأييده في الانتخابات، لكي يقف معه ضد الفيصل الآخر، ولا مانع من استخدام الشعارات الدينية الرنانة لدغدغة مشاعر المتدينين والمتطرفين؛ وذلك لكسب الأصوات على حساب الوحدة والوطنية المصرية.
أما "الأقباط"؛ فمن المحتمل والوارد بخطورة أن يكونوا الوقود الذي يشتعل لصالح الانتخابات البرلمانية وما يستتبعه من التوريث؛ فهم بين فكي الرحى، أما "الحزب الوطنى"، وبعد ذلك "جمال مبارك"، أو "حزب الوفد"، و"الإخوان المسلمون"، وكلاهما واحد، وما يستتبعه من رئيس آخر غير "جمال مبارك"، وهو مجهول، وقد يكون المجهول وبالاً ودمارًا على الأقباط، بحكم أنهم الحلقة الأضعف سياسيـًا وعدديـًا، مما سيجعلهم بالضرورة يرتمون في حضن "جمال مبارك"، وبالتالي "الحزب الوطني"، على طريقة: "الذي نعرفه أحسن من الذي لا نعرفه"، وهي الخيارات المُرَّة للمصريين، والأكثر مرارة على "الأقباط" . |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا |
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا |
تقييم الموضوع: | الأصوات المشاركة فى التقييم: ٧ صوت | عدد التعليقات: ٠ تعليق |