CET 10:36:18 - 19/09/2010

أخبار عالمية

swiss info

أشارت نتائِج دراسة أصدرها المكتب الفدرالي للهجرة في سويسرا مؤخّـراً، إلى إعتزام بعض المُـهاجرين العوْدة إلى وطنهم الأم، بسبب عدم مَـيلهم أو قُدرتهم على الإندماج الكامل في المجتمع السويسري وحسبما تتطلّـبه الكنفدرالية منهم. وقد تكون عملية الإندماج في مُجتمع غيْـر مألوف من الصعوبة، بحيث تكلِّف هؤلاء المهاجرين صحّـتهم.

ولكن المهاجرين ليسوا جميعهم سواء، كما أنَّ عملية الإندماج تَتَطلّـب جهوداً من جانب الطرفيْـن، وهو ما دعا المكتب الفدرالي للهجرة إلى إصدار كُتيبات تهدِف إلى تسليط الضوء على ظروف المهاجرين في سويسرا وإلى تعزيز تَفَهُّـمهم وكسْـر القوالب النَمَطية والأفكار المُسْـبقة بشأنهم.

ويَصِف ماريو غاتيكر، نائب مدير المكتب الفدرالي للهجرة هذه الأفكار المُسْـبَقة بالقول: "عند الحديث عن المهاجرين البُـرتغاليين، تَتبادر إلى الأذهان فوراً صورة عمّال البناء أو العاملين في إعداد الطعام في المطاعم. أمّا الأتراك، فيملِـكون محلاّت لبيع الكباب، فيما يحتاج الألْـبان القادِمين من كوسوفو إلى تَحسين صورتهم. ولا توجد هناك معلومات كافية بالنسبة للاّجئين القادمين من الصومال وإريتريا، لإدراجهم ضِمن تَصنيف مُعيَّـن".

وحسب غاتيكر، فإنَّ من المُهِـم التصدّي لهذه القوالِب النمطية، وهو ما حَـدا بالمكتب الفدرالي للهجرة بالإيعاز لإجراء دراسة تشمَـل أربع فئات من المهاجرين، ضمَّت كلٌّ من القادمين من كوسوفو والبرتغال وتركيا بشكلٍ مُنفصِـل، وإريتريا والصومال مُجتَمِـعتين.

وتعكس نتائِج هذه الدِّراسات بالأرقام، ثقافة المهاجرين وطريقة معيشتّـهم والكيفية التي تُنَظم بها هذه المجتمعات المختلفة أنفسها.

الحاجة إلى المعرفة

وتصف الكُـتيبات الأربعة الصّـادرة من العاصمة برن، واقعاً مُتعدِّد الأوجُـه لهؤلاء المهاجرين
وتساهم - حسب غاتيكر- في تفعيل عملية التَّـفاهم مع سكان سويسرا، كما أن الحكومة الفدرالية مُطالَبة بِتقديم المعلومات عن الرّعايا الأجانب.

وقد عكست دراسة سابقة صدرت في عام 2007 حول اللاجئين القادمين من سريلانكا، رغبة العديد من السويسريين، سواء كانوا جيراناً أو زملاء في المِـهنة لهذه الفئة، أو من المُختصِّـين، بالحصول على المزيد من المعلومات الأساسية حول الأصول والثقافة والحالة الاجتماعية والاقتصادية لهؤلاء المهاجرين. ومع أنّه لا يزال من السابق لأوانه معرِفة تأثير تلك الدِّراسة على الرأي العام، إلا أنَّ العاملين مع هذه الفئة من المهاجرين، رَحَّـبوا بها ووجدوا فيها معلومات تُسنِـدهم في عملهم اليومي.

وتوفر هذه الدراسات الأربعة، الكثير من المعلومات السِّـهلة الفهم والتي من شانها أن تساعد سكان سويسرا في حياتهم العامة. وكما يقول غاتيكر: "توفر هذه الدراسات باقة من المعلومات التي يُمكِـن أن تُعيّـن معلمة المدرسة، التي قد تجد طفلاً صومالياً لأول مرّة في صَفها أو طبيباً يعالج مريضة من كوسوفو للمرة الأولى".

ولا تعكس هذه الكُـتيبات وجهات النظر السويسرية الرسمية، ولكنها استبيان عِـلمي يمنح الفرصة لكلٍّ من الأشخاص المَعنيين والمُختَصّين لإبداء آرائِهم. وفي تصريح للإذاعة السويسرية الناطقة بالفرنسية قال غاتيكر: "تُعتَبَـر المعلومات بِحدِّ ذاتها، وسيلة للإندماج".

المهاجرون من كوسوفو والصورة المشوّهة

غالِباً ما تصف الصحافة السويسرية "الكوسوفيين" بطريقة سَـلبية، ولكن سكان سويسرا شعروا بالكاد بوصول هذه الفِـئة من المهاجرين إلى الكنفدرالية لأول مرّة في أواخر ثمانينيات القرن الماضي.

وقد ساهمت مجموعة من الظروف بتشْـويه صورة طالبي اللجوء القادمين من كوسوفو مع عوائلهم الكبيرة خلال الحرب الأهلية في يوغوسلافيا السابقة. وممّـا عَزَّزَ هذه الصورة المشوّهة في أذهان السويسريين، اعتماد هؤلاء اللاّجئين على الضمان الاجتماعي، في الوقت الذي كانت فيه سويسرا تَمُر بفترة ركود اقتصادي، بالإضافة إلى تصنيف "الكوسوفيين" الناطقين باللغة الألبانية في خانة واحدة مع شبكات المخدّرات القادِمة من ألبانيا.

الرّغبة في الإندماج

وحسب قول باشيم إيزني، الذي يَدرُس في المُنتدى السويسري للهجرة والدِّراسات السكانية (وهي مؤسسة بحثية تدريبية في جامعة نوشاتيل)، فإنَّ "هذه الخطوة هي موضِـع ترحيب كبير عند المهاجرين "الكوسوفيين"، الذين كثيراً ما يتعرّضون لسوء الفهْـم".

وفي تصريح للإذاعة السويسرية الناطقة بالفرنسية قال إيزني: "يبدو لي أنه من المُهِـم أن يرى المجتمع (الكوسوفاري) كيف يُنظَـر اليه"، ويستطرد قائِلاً: "إذا ما أصبح (الكوسوفيون) أكثر وعْـياً للكيفية التي يراهُـم السويسريون بها، سوف يُساهم ذلك في عملية الإندماج".

وهو يقول، إنَّ هذا المجتمع يواجِـه نظرة سلبية في الآونة الأخيرة، على الرغم من أن العديد من أبناء كوسوفو يعيشون في سويسرا منذ عشرات السنين، ويرى بأن التمييز في المدارس وسوق العمل، يُصَعِّب الأمور كثيراً على المُشتَّـتين من كوسوفو.

وحسب الدراسة المتعلِّـقة بهذه الفِئة، تُـساهم النظرة السلبية لدى السويسريين بوضْـع العديد من "الكوسوفيين" الشباب المتحدِّثين باللغة الألبانية، في وضْـعٍ غير مُـوات وإلى تَعرُّض العديد منهم إلى الغُبْـن، مقارنة بالسويسريين عند بحثِـهم عن فرصة للعمل أو للتدريب المِـهني، وهو الأمر الذي غالباً ما يؤدّي إلى الإحساس بِعَدَم التقبُّـل من الطرف الآخر، ومن ثَمَّ الاستقالة. كما تُـشير الدراسة إلى أنَّ هذا الشعور قد يُـوَلِّـد سلوكاً عنيفاً عند بعض الأفراد.

بين راغب بالبقاء أو الرحيل

بالنسبة للمكتب الفدرالي للهجرة، تكمُـن فوائد هذه التقارير، في طريقة تطبيق النتائِج على أرْض الواقع. وتقول ماري أفيت، الناطقة باسم المكتب الفدرالي للهجرة: "لقد وجدنا أن فِـكرة العودة إلى الوطن الأم مهمّـة جداً بالنسبة للعديد من المهاجرين القادمين من البرتغال، وهو ما يجعل اتخاذ تدابير لإدماج هذه الفئة من السكان، أمراً صعباً".

أمّا في حالة المهاجرين الأتراك، فقد وجدت الدراسة أن الجمعيات الاجتماعية الأهلية تلعب دوراً مُهِّـما في المساعدة على الإندماج. وتضيف أفيت قائِلة: "إنهم (الأتراك) يقومون بِنَقل المعلومات الضرورية لمساعدة أبناء جِـلدتهم من المهاجرين، لإيجاد طريقهم هنا، وهذا بالطبع مُهِـم جدا بالنسبة لنا، حيث أصبحنا نُدرِك بأن علينا العمل مع مثل هذه الجمعيات، لِضمان تَمرير المعرِفة المطلوبة".

وقد وجدت الدراسة، أنه في حين أن هذه الجمعيات هي مهمّـة بالنسبة للمهاجرين الجُـدد، فهي لا تشجع الأتراك في الوقت نفسه على التَّـماسُـك معاً في مجتمع مُنغلِـق واحد، بل تدعوهم إلى الإنفتاح والإندماج في المجتمع السويسري، بدلاً عن ذلك.

وتعترف أفيت بأنَّ الأتراك الذين جاؤوا بصورة رئيسية للعمل في قطاع البناء، لا زالوا حتى الآن غير مُمَثـلين بشكلٍ جيّـد في مجالات العمل المُختلِفة، ولكن هذا من شأنه أن يَتَغَيَّر على الأرجُـح. وتضيف قائِلة: "لقد لاحظنا أن أولياء الأمور الأتراك، يولون أهميةً عالية لتعليم أطفالهم، كما يقَـدِّمون لهم الدَّعم في هذه المجال، لِـذا، سيكون لدينا أشخاص يحمِـلون مؤهِّـلات أعلى في المستقبل".

إريتريا والصومال... بطالة تدعو إلى الكآبة

وتلقي بعض المعلومات المُتَضَمَّنة في هذه الكُـتيبات، الضوء على أمورٍ قد يكون السويسريين غافِـلين عنها إلى حدٍّ كبير. وقد اختار المكتب الفدرالي للهجرة دمْـج إريتريا والصومال سَوية في هذه الدراسة، بِسبب الأعداد الكبيرة التي طلبت اللُّـجوء إلى سويسرا من هذين البلدين في عام 2008.

ويواجه الرِّجال القادِمون من الصومال وإريتريا مشاكل كبيرة في سوق العمل، بسبب عدم إتْـقانهم للُّـغة المحلية وعدم تواجُـد الشبكات الاجتماعية التي قد توفِّـر لهم العوْن، لِـذا، يدخل معظمهم في خانة العُمّال غير الماهِـرين، الذين يعملون في وظائف وأعمال ذات أجور زهيدة.

وتُـشير الدراسة إلى أنَّ "فِـقدان الشبكات الاجتماعية وتبادُل الأدوار التقليدية بين الزّوج والزوجة، كثيرا ما تؤدّي إلى الوحدة وأعراض الإكتئاب. كما أنَّ ضعف الكفاءة اللُّـغوية والمُحَرَّمات الثقافية والافتقار إلى المعلومات الضرورية المتعلّـقة بالنظام الصحّـي، يجعل الحصول على العِـلاج المطلوب، أمراً صعباً لدى هذه الفئة".

وتواجِـه الأسْـرة المشاكل، عندما تكون المرأة هي الطّـرف العامل لِكَسب لُـقمة العيش، حيث يؤدّي ذلك إلى قَلب الأدوار في نظام الأسْـرة رأساً على عقِـب، كما تقول هوا دوالي فريتشي، القادمة من الصومال. وقد يؤدّي الاستبعاد والتّـهميش الجُـزئي لدور الرجل إلى توجُّـهِهِ للقِـيم المُحافِظة والتقليدية واستحضارها بشكلٍ أشَـد.

ومع ذلك، ترى السيدة هوا بأنّ هناك نوع من المُراجعة في طريقة التّـفكير، بفضل الجهود المُتشابكة المبذولة من جانب أطراف عدّة والتي تنعكِـس في رفض عملية خِـتان الإناث، على سبيل المثال. في الوقت نفسه، لا يزال غطاء الرأس (الحجاب) موضوعاً ساخناً، وكما تقول هُـوا: "سيؤدّي فرْضَ حَظرٍ على ارتداء الحجاب إلى مشاكل كبيرة، على الرغم من عَدم رغبة الكثير من الأمهات بارتداء بناتِـهن للحِجاب في المدارس".

رغْـبة كبيرة في التعلّـم

ما يَجمع كل الفِئات المُهاجرة، التي شملتها الدراسة، هو الرّغبة الكبيرة في حصول أبنائها على التعليم والتدريب الأساسي الجَـيّد، ولكن ذلك لا يتِـم بدون صعوبات يواجِـهها المهاجرون من كوسوفو والصومال على وجه الخصوص، بسبب ضُعف الأنظمة الدراسية في وطنهم الأم والذي يُعيق بدوره قابلية أولياء الأمور على تشجيع أطفالهم بسبب افتقارهم الشخصي إلى التعليم. وهنا تدعو الدراسة إلى دَعمِ هؤلاء بشكلٍ أفضل، قبل حدوث المشاكل.

فِي غضُونِ ذَلك، أخذ بعض المهاجرين هذه المسألة على عاتِـقهم من خلال نواديهم الاجتماعية، كما هو الحال مع الإريتري يوهان بيرهانه، الذي قام بتنظيم العديد من "موائد الآباء"، وهو يعلِّـق بالقول: "من المُهِـم أن يكون أولياء أمور الأطفال، والآباء على وجه الخصوص، على إطِّـلاع بِنُظُـم المدارس المحلية". وتضيف هُـوا دوالي فريتشي بنبْـرة شاكية: "نحن الكِـبار نرغب في التعلُّـم أيضاً، ولكن بعض البلديات تَفتَقِـر إلى عروض لتعلّم اللغة الألمانية".

وتوضح الكُتيبات، التي نشرها المكتب الفدرالي للهجرة، أماكن تواجُـد عروض المساعدة والجمعيات التي تقدِّم الدّعم للأشخاص المَـعنيين. وتقول كريستين موللّر، من المنظمة السويسرية لمساعدة اللاجئين ورئيسة الدراسة الصومالية والإريترية: "تبقى هناك الرّغبة في ترجمة هذه الكُـتيبات إلى اللغة الصومالية أو الإنجليزية، من أجل تعميم الفائِدة ووصول هذه المعلومات للمجموعة المُستهدَفة"

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١ صوت عدد التعليقات: ٠ تعليق

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

جديد الموقع