وسط مساعي لتغيير نظرة المجتمع للظاهرة وبذل جهد أكبر لمكافحتها
خارطة التحرش .. أحدث مشروع تقني لحماية النساء في مصر!
تعد الحكومة المصرية مشروعا تقنياً يتوقع إطلاقه نهاية العام الجاري بغية التصدي لظاهرة التحرش الجنسي التي تنتشر في الكثير من الاماكن العامة في القاهرة وبعض المحافظات المصرية، والآلية الجديدة ستسمح للسيدات بالإبلاغ الفوري عن حوادث التحرش، عن طريق إرسال رسالة نصية إلى كمبيوتر مركزي.
القاهرة: في ظل ما تعانيه كثير من السيدات المصريات من مشكلات بسبب تعرضهن لظاهرة التحرش الجنسي، واستمرار سعي العديد من الجهات لمواجهة تلك المشكلة التي يساعد على تفاقمها نقص الأمن في الشارع، إلا أن المحاولات الرامية لدرء هذا الخطر الذي يحدق بنصف السيدات المصريات تقريباً بصفة يومية لم تكلل بالنجاح، رغم بدء مطالبة بعض النواب بإدخال تعديلات على قانون العقوبات لمواجهة التحرش الجنسي.
وبما يتواكب مع كل هذا الجدل، كشفت صحيفة الغارديان البريطانية في عددها الصادر اليوم عن تفاصيل ذلك المشروع التقني الخاص المقرر أن يتم إطلاقه نهاية العام الجاري في مصر بغية التصدي لتلك المشكلة المُزعجة، وهو مشروع "خارطة التحرش"، الذي سيسمح للسيدات بالإبلاغ الفوري عن حوادث التحرش الجنسي، عن طريق إرسال رسالة نصية إلى كمبيوتر مركزي. وستتلقى الضحايا على الفور ردوداً تعرض عليهن الدعم والنصيحة العملية، على أن يتم استخدام التقارير في بناء خارطة مُفصَّلة ومتاحة للجمهور للنقاط الساخنة التي تقع بها حوادث تحرش.
وأضحت الصحيفة أن المشروع يستخدم تقنية رسم الخرائط ذات المصدر المفتوح، التي ترتبط بصورة أكثر شيوعاً بعمليات الإغاثة الإنسانية، وأن الناشطين الذين يقفون وراء المشروع يأملون أن يفلحوا في تبديل المواقف الاجتماعية إزاء التحرش بالسيدات وحث السلطات على اتخاذ مزيد من الإجراءات لمكافحة هذه المشكلة. ومضت الصحيفة تنقل في هذا الجانب عن ريبيكا تشياو، واحدة من المتطوعين في هذا المشروع، قولها:"نشب خلال العامين الأخيرين في مصر نقاشاً حول ما إن كان التحرش بالسيدات في الشوارع موضوعا ً جاداً، أم أنه مجرد شيء تفتعله السيدات".
وتابعت تشياو حديثها في هذا السياق بالقول "لذا سيحظى مشروع خارطة التحرش بتأثير عملي على أرض الواقع، من خلال كشفه عن النطاق الحقيقي لتلك المشكلة. وسيعرض أيضًا على الضحايا طريقة عملية للرد، ثمة شيء يقاومون من خلاله؛ ولكوني تعرضت بصفة شخصية للتحرش الجنسي في شوارع القاهرة، أعلم أن أكثر ما يُحبِط المرأة التي تتعرض لتلك التجربة هو الشعور بأنها غير قادرة على فعل شيء".
وتأكيداً على حقيقة ازدياد ظاهرة التحرش الجنسي في مصر خلال الآونة الأخيرة، لفتت الغارديان إلى تلك الدراسة المسحية التي أجراها عام 2008 المركز المصري لحقوق المرأة، والتي أماطت النقاب عن أن 83 % من السيدات المصريات و98 % من السيدات الأجانب يتعرضن لشكل من أشكال التحرش الجنسي، بما في ذلك التلمس، والاعتداءات اللفظية، والمطاردات، والتعرض لهن بصورة غير لائقة. وخلافاً للرأي الشعبي، أكدت الصحيفة على أن حوادث التحرش لا ترتبط على ما يبدو بأسلوب المرأة في اللباس، حيث تبين أن ثلاثة أرباع الضحايا كانوا من المحجبات.
وبرغم التطورات التي أخذتها قضية التحرش في مصر خلال العامين الماضيين، إلا أنها مازالت تُشغل بال المشرعين والمواطنين على حد سواء. وفي الختام، نقلت الصحيفة عن تشياو قولها " علينا أن نُحوِّل تقبل المجتمع للتحرش الجنسي وأن نفتح نقاشاً حول الحلول. ومصر هي موطننا. وحين تكون هناك مشكلة في وطنك، فأنت مطالب بمعالجتها، لأنك تكون فخوراً به. ولا تطمسها وتتمنى اختفائها. ونحن لا نحاول أن ندمر سمعة مصر، بل نحاول معالجة هذه المشكلة بطريقة بناءة وتقدمية". |