بقلم: عصام نسيم
القانون عندنا أعرج!!
جمله شدتني كثيراً في حديث الأخت مريم نبيل المتنصرة والتي تم إذاعة حوار مطوّل لها في برنامج "سؤال جريء" وبالطبع كانت حلقة رائعة تم الكشف فيها عن أمور كثيرة جداً أهمها مدى المعاناة التي يعيشها أي إنسان يريد أن يؤمن بالسيد المسيح, وكيف يذوق الذل ويرى الأهوال وعيش الآلام التي أحياناً تفوق احتمال البشر الطبيعيين.
كذلك تم الكشف فيه عن موقف القس متاؤوس في هذه القضية والذي تم القبض عليه والحُكم بسجنه خمس سنوات هو أربعة آخرين هاربين من تنفيذ الحكم والأب الكاهن يقضي حالياً العقوبة في السجن!!
وقد كشفت مريم كيف إن لا ذنب لأبونا متاؤوس في هذه القضية ولم يقم بتنصيرها ولا المساعدة في ذلك بأي شكل من الأشكال.
أيضاً كشفت لنا أن القانون في مصر حقاً أعرج كما قالت الأخت مريم (إن القانون عندنا أعرج فهو يسمح للمسيحي أن يصير مسلم ولا يقبل أن يكون المسلم مسيحي على الإطلاق) وكم كانت هذه الجملة مُعبّرة وملخصة لحال القانون المصري في أمر المؤمنين الجدد بالمسيحية، فحقاً القانون في مصر أعرج يسير على قدم واحدة فقط وهي السماح للمسيحي باعتناق الإسلام بل وتوفر له كل السُبل والطرق وتزيل أي عقبات لذلك بل وتهدد الأهل وتُرهبهم حتى لا يلاحقون ابنهم أو ابنتهم (وفي الغالب بنات قاصرات)، ولا يخفى على أي عاقل حالات خطف القاصرات والتي توجد جماعات معينة وأشخاص مكلفون لهذا الأمر وما نسمعه من وقت لآخر من اختفاء قاصرات في ظروف غامضة يؤكد لنا هذه الحقائق.
نعم القانون في مصر أعرج بل وأعمى وأصم أيضاً، فهو لا يرى معانة العابرين ولا يستمع لهم, أغمض عينيه عن معاناتهم وصم أذنه عن السماع إلى صراخهم وشكواهم, يرى فقط أنهم مرتدون وجب معاقبتهم على هذا الجرم حتى يعودون إلى رشدهم!
ويسمع فقط صرخات التطرف والتعصب ضد هؤلاء والتي لا ترى إن من حق هؤلاء أن يحيوا في العقيدة التي يريدونها دون أي إجبار أو ضغط أو إرهاب!
القانون حقاً أعرج بل قد شُلَّ نهائياً بعد أن مُنع من أن يعطي حق إنسان في الحياة الطبيعية يؤمن بما يريده ويعيش في هذا الإيمان دون أي إحساس بالخطر ودون أن تكون حياته مهددة سواء من الأمن أو من أي متطرف أو متعصب، يعيش في هدوء دون أن يزوّر الأوراق الرسمية أو يفر هارباً من بلده ليعيش غريباً بعيداً عن وطنه وأهله باقي أيام حياته!
هل تم الحكم على القس متاؤوس ومريم نبيل وزوجها ومَن ساعدها لأنهم خالفوا القانون؟! هل القانون في مصر يطبق بهذه الدقة وهذه الحدة مع المجرمين الحقيقيون؟! هل يطبق على الإرهابيين والبلطجية والمتطرفين وسارقي أموال الشعب والفاسدين؟!
بالطبع لا ولكن القانون يطبق بكل شدة وحزم فقط مع هؤلاء المنتصرين، فلو سأل القاضي نفسه قليلاً عن الأسباب التي دفعت هذه الفتاة إلى التزوير لأدرك سريعاً أنها لم تزوّر أوراقها لتنهب الأموال لتفر بها خارج مصر أو لتقوم بعملية سطو أو سرقة أو لتقوم بعمل إرهابي أو متطرف لحساب جماعة ما تسعى لقلب نظام الحكم ولكن فقط لأنها أرادت الحياة في بلد ومجتمع رفض أن يعطيها الحق في هذه الحياة فماذا كانت تفعل إذاً؟!
سؤال كان يجب على القاضي الذي حكم في هذه القضية أن يجيب عليه قبل أن يضع حكمه -العادل-!! هذه القضية.
كذلك كشفت الحلقة كيف يتعامل الأمن المصري مع أي إنسان يريد أن يعتنق المسيحية على أنه خائن عدو لهذا الوطن يجب معاقبته على هذه الجريمة، والمحاولة بكل الطرق والأساليب مهما كانت أساليب دنيئة أو عنيفة أو غير آدمية وغير قانونية.
لقد اندهشت كثيراً جداً كيف لهذه الإنسانة الرقيقة أن تحتمل كل هذه المعاناة والظلم الذي تعرضت له؟؟ كيف احتملت الأساليب الوحشية لرجال الأمن الأشداء الأقوياء البسلاء في محاربة هذه الإنسانة الضعيفة التي لا حول لها ولا قوة؟؟ كيف تعامل معها الأمن على أنها عدو خطير أو إرهابية تهدد الأمن القومي لمصر؟؟ كذلك كيف تحملت معاملة الأهل لها وقسوتهم ومعاملتهم أيضا لها؟؟ كيف تحملت أيضاً خيانة بعد المنتسبين ظلماً للمسيحية ولا يحملون من المسيحية إلا اسمها فقط؟؟ كيف تحملت على مدار سنوات طويلة كل هذه المعاناة النفسية والمعنوية والجسدية؟!
ولكنها ليست قوتها هي بل قوة الله والنعمة التي عملت في هذه الفتاة وجعلتها أحد أبطال الإيمان الجدد تشهد للسيد المسيح وتخبر أن مَن يُقبل المسيح ويؤمن به لا توجد قوة على الأرض يمكن أن تنزع من قلبها هذا الإيمان.
فكلمة السر هي الإيمان, الإيمان بالسيد المسيح كرب ومخلص وفادي يجعل أي آلام أو معاناة حتى لو من الأهل والأصدقاء قبل الأعداء لا تساوي شيء في مقابلة التعزية والفرح التي يسكبها الرب في قلب المؤمن به.
وأخيراً أقول للأخت مريم صدقيني إن إيمانك ومدى تحملك في سبيل هذا الإيمان اخجل كثيرين ممن ولدوا وارثين هذا الإيمان، فهم لم يعانوا ولم يدفعوا ثمناً فيه لذلك للأسف الشديد لا يُقدّرون هذا الإيمان واعلمي أن السيد المسيح سبق وقالها لنا (في العالم سيكون لكم ضيق ولكن ثقوا أنا قد غلبت العالم)، أيضاً قال (طوبى لكم إذا عيّروكم وطردوكم وقالوا عليكم كل كلمة شريرة من أجلي كاذبين) مت 11:5.
أيضا هناك أمر طريف في هذه الحلقة الرائعة فقد شاهد هذه الحلقة كثيرين جداً وقد سمعت اندهاشاً من كثيرين ممن يجهلون قضية مريم والقس متاؤوس يقولون أن هذه الفتاه مستحيل أن تكون مسلمة وأمنت!! أنها مسيحية وولدت في الإيمان فشكلها وملامحها وكلامها وصوتها يؤكد هذه الحقيقة!
وكان ردي أن السر في هذا الأمر هو النعمة التي ينالها أي إنسان يؤمن بالسيد المسيح وينال سر المعمودية المقدسة ويصير مسكن للروح القدس، الذي يجعله إنسان جديد بقلب جديد ومشاعر جديدة ولغة جديدة، إنسان يحيا في شركة حقيقة مع الرب يسوع ينعم بالهدوء والسلام والطمأنينه مهما لاقى من أتعاب أو آلالام في هذا العالم، فالسيد المسيح هو مصدر سلامه وسعادته وفرحه الدائم وهكذا يصير أي إنسان مسيحي ذو طبيعة جديدة وملامح جديدة ولغة جديدة، وهذا ما رأيناه مع الأخت مريم نبيل وأكده كل من شاهد هذه الحلقة.
وفي النهاية نقول لمن يمارسون إرهابهم ضد هؤلاء المؤمنين الجدد.. دعوهم يعيشون فيما اختاروه من إيمان، فليس بما تفعلوه وتمارسوه تدافعون عن دينكم أو تحافظون على أمن البلد كما يقول البعض، فهؤلاء لا يشكلون أدنى خطر، دعوهم ولا تنزعوا من حياتهم الحرية التي منحها الله للبشر جميعهم.
فيجب علينا جميعاً أن نظل نطالب بالحرية لهؤلاء العابرين إلى أن ينالوها. |