بقلم: ماريا ألفي
"الدين لله والوطن للجميع".. كم هي مقولة جميلة، تعبر عن روح مصرية واحدة، روح يغمرها الحب والتسامح لبشر يعيشون في وطن واحد، يجمعهم على اختلاف أديانهم دون فرق بين دين وآخر.. مقولة كانت تُردد في الماضي؛ خاصة في حقبتي الستينات والسبعينات؛ ولكن نظرًا لصغر سني، فأنا لم أعِش في تلك الفترة الجميلة، ولكن كثيرًا ما حدثتني عنها جدتي؛ لدرجة أنني تمنيت أن يعود بيَّ الزمن لأعيش بتلك الفترة الجميلة.
ولكن ما يدور بخلدي الآن هو؛ "هل ما زالت هذه المقولة حقيقة؟ أم أصبحت مجرد شعار يردده البعض في وسائل الإعلام دون وجود معني حقيقي لها في هذه الأيام؟ هل ما زالت "مصر" تستطيع أن تحوي بشرًا من مختلف الديانات؟؟ يعيشون فيها في سلام؟؟ وهل أصبحت مقولة "الدين لله والوطن للجميع" هي مقولة حقيقية صادقة؟ أم أصبح هذا دربًا من دروب الخيال؟!
لكني بعد طول تفكير أيقنت أن هذا المقولة لم يعد لها أي وجود من الأساس، أصبحت مجرد شعار لا حقيقة، حيث لاحظنا في الفترة الأخيرة انتشار واسع للفتن الطائفية، يكاد أن يروح ضحيتها مئات الأشخاص، والسبب وراء كل هذا "سيدة"!! وهي بالطبع غنية عن التعريف؛ إنها السيدة "كاميليا شحاتة"، حيث أطلقت الشائعات بإسلامها، إلا أنها ظهرت خلال "فيديو" مصور نفت من خلاله هذه الشائعة، كما ظهر الدكتور "العوا" خلال لقاء تليفزيوني بـ"قناة دريم" وأكد أنها بالفعل لم تسلم.
ولكن السؤال الذي يشغلني بشدة هنا هو: "ما الذي يأتي علينا بالنفع؛ سواء أسلمت هذه السيدة أم لا؟ هل ستتحسن ظروفنا الاجتماعية في ظل غلاء الأسعار الفاحش الذي نشهده اليوم؟ هل ستصبح "مصر" رائدة من رواد العالم في مجالات التعليم والصحة والبحث العلمي؟؟
فالجميع أصبح يشغله هذا الموضوع بشدة، دون الالتفات إلى ظروف حياتهم التي تسوء يومـًا بعد يوم، وبدلاً من أن يقف المصريون جميعـًا يدًا واحدة في مواجهة الصعوبات التي يعانوها من ظروف معيشية صعبة، وأن يكونوا كتلة واحدة، للأسف أصبحوا كتلة مفككة هشة لا فائدة منها، ولا يفعلون شيئـًا سوى أن يهينوا بعضهم بعضـًا؛ فقد ألمني كثيرًا مشاهدة فيديو مظاهرة "الإسكندرية" وما حدث بها من توجيه الإهانات إلى شخص قداسة البابا دون أي ذنب ارتكبه.
فلماذا إذن يتدخل البشر في معتقدات الآخرين ويحاسبونهم؟؟ لماذا لم يتركوا المعتقدات والدين لله وحده ليتصرف ويحكم هو بها؟؟ ولماذا تطل علينا بين حين وآخر مظاهرات تسيء وتقلل من شأن الآخرين المختلفين عنهم في الدين؟؟ ولماذا أصبح الوضع في "مصر" لا يتيح للإنسان أبسط حقوقه، ألا وهو اختيار معتقده ودينه؟؟ والذي هو في الأساس علاقة بينه وبين ربه؟! ولكن حتى هذه الأمور تدخل فيها البشر؟؟
فكان بالأحرى أن يقف المصريون يدًا واحدة لمواجهة سلبيات المجتمع في محاولة لإصلاحه، لأنه وطننا الذي نعيش جميعـًا على أرضه، والذي نراه يومـًا بعد يوم في تراجع للوراء؛ وكان ينبغي أن يتركوا الأمور الدينية لله وينظروا لأمورنا الحياتية.
لذلك.. فعلى كل إنسان عاقل أن يترك المعتقدات والدين لله وحده، وينظر إلى ما يدور في حياته ليستطيع تحدي ومواجهة الصعاب، وأن يعيش الجميع في واطن واحد يغمره السلام والمحبة؛ فهذه هي أمنيتي.. يا تُرى؛ هل ستتحقق؟! |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|