CET 00:00:00 - 02/05/2009

مساحة رأي

بقلم: د. رأفت فهيم
دخل الخوف إلى العالم بعد الخطيئة فقال آدم للرب "سَمِعْتُ صَوْتَكَ فِي الْجَنَّةِ فَخَشِيتُ لأنِّي عُرْيَانٌ فَاخْتَبَاتُ."، والفكر المسيحي يصف الخوف بأنه ضعف إيمان, وسفر الرؤية ينذر الخائفين بأنهم لن يرثوا الحياة الأبدية "وَأَمَّا الْخَائِفُونَ وَغَيْرُ الْمُؤْمِنِينَ وَالرَّجِسُونَ وَالْقَاتِلُونَ وَالزُّنَاةُ وَالسَّحَرَةُ وَعَبَدَةُ الأَوْثَانِ وَجَمِيعُ الْكَذَبَةِ فَنَصِيبُهُمْ فِي الْبُحَيْرَةِ الْمُتَّقِدَةِ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ، الَّذِي هُوَ الْمَوْتُ الثَّانِي".
والكتاب المقدس يقول دائماً وبتعبيرات مختلفة "لا تَخَفْ لأنِّي مَعَكَ"، وكلمة لا تخف ذكرها الكتاب المقدس مئات المرات، والسيد المسيح ظهر لبولس برؤيا في الليل وقال له "لاَ تَخَفْ بَلْ تَكَلَّمْ وَلاَ تَسْكُتْ"، والقديس بولس يقول أننا لم نأخذ روح العبودية لنخاف بل روح البنوة للرب الإله أبينا.

حتى العلاقة بالرب الإله فبدايتها خوف وفي عمقها محبة تطرد الخوف, وسليمان الحكيم يقول "رَأْسُ الْحِكْمَةِ مَخَافَةُ الرَّبِّ" بمعنى بدايتها, ولكن القديس يوحنا يقول بعد اكتمال الإيمان "لاَ خَوْفَ فِي الْمَحَبَّةِ، بَلِ الْمَحَبَّةُ الْكَامِلَةُ تَطْرَحُ الْخَوْفَ إِلَى خَارِجٍ لأَنَّ الْخَوْفَ لَهُ عَذَابٌ. وَأَمَّا مَنْ خَافَ فَلَمْ يَتَكَمَّلْ فِي الْمَحَبَّةِ."، والقديس الأنبا أنطونيوس قال أنه لا يخاف الله ثم أكمل وقال "لأنني أحبه والمحبة تطرد الخوف."، وهذا بالطبع يفرق تماماً عن عدم خوف الشرير من الله بروح الشر لأنه لم يصل لبداية معرفته للرب.
والشيطان يحاول دائماً أن ينشر الخوف بين الناس, ومن الأمثال الشعبية "من خاف سلم" وربما يكون هذا المثل أتى بعد الغزو العربي لمصر والخوف من السيف، وتبرير الخوف يأتي أيضاً في أمثال شعبية "الذي لدغته حية يخاف من الحبل".

البعض يحاول أن ينفي عن نفسه تهمة الخوف من عدم الكلام عن اضطهاد الأقباط في مصر, ويبرر خوفه بآيات أخرى عن الحكمة أو الخضوع للرئاسات وكأنه يحاول خداع نفسه وخداع الرب الإله، ولقد استخدام إبليس آيات الكتاب المقدس بطريقة خاطئة أيضاً فى التجربة على الجبل ولكن السيد المسيح صحح لنا المفاهيم بآيات أخرى، والبعض يبرر خوفه من الأشرار بأنه مسالم ولا يهاجم أحداً وفي نفس الوقت يسمح بالهجوم على من يطمئن قلبه ناحيتهم بأنهم غير أشرار.
الحكمة في الكلام تأتي من اختيار الألفاظ والأوقات المناسبة وليس عن خوف من رد الفعل, والخضوع للرئاسات والسلاطين يكون في عدم التآمر عليهم وقلب النظام أو الإنشقاق عليه سواء كان نظاماً مدنياً أم كهنوتياً، وكان يوحنا المعمدان غير متآمر على هيرودس الملك ولكنه كان مجاهراً بخطأ هيرودس, وكان إيليا لا يدبر مكيدة للملك آخاب ولكنه مجاهراً بخطأ عبادة إيزابل للبعل ووصف الملك آخاب بأنه مكدر لإسرائيل، والسيد المسيح كان متحنناً ورفوقاً على الخطاة مثل السامرية وغيرها ولكنه كان كان شديداً مع الرؤساء ومنذراً لهم بالويلات الشهيرة, وأيضاً وصف الملك هيرودس بأنه ثعلب.

بعض الخائفين لا يكتفون بخوفهم الذي هو ضعف إيمان بل يستخدمهم إبليس لينشروا أيضاً عدوى الخوف بين الناس, ومنهم من يطعن الكنيسة أيضاً ويُطلق عليهم مجموعة "اليهوذات" جمع يهوذا الخائن.
حتى القديسين مروا بأوقات خوف يعبر عن فترة ضعف إيمان, إيليا هرب يطلب سلامة نفسه, داوود تظاهر بالخبل والعبط ليطلقوا سراحه, بطرس أنكر المسيح, معظم التلاميذ هربوا وقت الصليب... جميعنا تحت الضعف ولكن تبرير الضعف والخوف بأنه حكمة أو خضوع للرئاسات والسلطات يؤدي لاستمرار الضعف فينا وأيضاً لعدم استخدامنا لوزناتنا التي أُعطيت لنا.
المؤمن الحقيقى يواجه ضعفه ويعترف به ويطلب قوة الإيمان من الرب الإله الذي يعطي بسخاء ولا يعير.

د. رأفت فهيم جندي
رئيس تحرير جريدة الأهرام الجديد الكندية

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٥ صوت عدد التعليقات: ١١ تعليق