CET 09:07:54 - 03/05/2009

أخبار مصرية

جريدة الجريدة - خلف علي حسن

تحتفي الأوساط الثقافية في القاهرة راهناً بفارس شعر العاميّة والرسام الكاريكاتوري صلاح جاهين الذي وافته المنية صباح 21 أبريل (نيسان) عام 1986. والعارف بسيرة جاهين يدرك أنه ابن الشعب، على رغم نشأته في بيت جدّه الصحافي الشهير أحمد حلمي بحي شبرا القاهري العريق، وعلى رغم أن أبيه كان وكيلاً للنيابة.
جاهينتشرّب جاهين الأغاني الشعبية والمواويل، وخلال تنقّله مع والده بين محافظات مصر استطاع بوعيه الحاد استلهام أشكال شعرية شعبية، لذا تمتع بالفرادة في كتاباته المتنوعة، فكتب شعر العامية والزجل والأغنية والأشعار المسرحية والسينمائية، فضلاً عن مسرح العرائس والفوازير الإذاعية والتلفزيونية. ناهيك عن السيناريو السينمائي والتلفزيوني.
يقول الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي: «عرفت جاهين عن قرب. تزاملنا في دار «روز اليوسف» وعملنا معاً في مجلة «صباح الخير». كنا نجلس في مكتبين متجاورين تجمعنا غرفة واحدة. آنذاك كنت في العشرينات وكان جاهين يكبرني بخمس سنوات. كان أكثرنا نشاطاً ومرحاً وحضوراً، يرسم وينظم ويغني، بالعربية فحسب. كان أحياناً يغني بعض الأغاني الأسبانية من تراث الحرب الأهلية بالإضافة إلى الروسية، أما صوته فكان قوياً قادراً على أداء الألحان الصعبة».

التراث الانساني
يشير حجازي إلى أن جاهين كان نموذجاً حياً للشاعر المغني: «كان صوت مصر وصوت البشرية. صوت الجماعة المصرية كما رآها في الواقع وفي الحلم، ناهضة حرة متقدمة سعيدة، فجاهين ليس ثمرة تراث قومي مغلق، بل ثمرة التراث القومي والإنساني، وهو يدين لفدريكو لوركا وبول إيلوار بقدر ما يدين لبيرم التونسي وغيره».
أما الناقد فاروق عبد القادر فيوضح: «من المؤكد أن رحيل جاهين مسّ نبضاً حياً في قلب كل مصري، وعلى رغم تعدد وجوهه وتنوّع عطائه يبقى الممثل المؤدي دائم الولع بالأقنعة والأدوار».
يؤكد عبد القادر أن ازدهار شعر العامية المصرية تزامن مع صدور مجموعة جاهين الأولى «كلمة سلام» في عام 1955، فبدأت الموجة الجديدة الصاعدة في القصة والرواية والنقد والمسرح وشعر العربية والغناء، بالإضافة إلى الاهتمام الرسمي وغير الرسمي بفنون الشعب وآدابه. آنذاك كان الرائد بيرم التونسي (1883-1961) لا يزال يواصل عطاءه، لكن معظم اهتمامه كان موجهاً إلى الأغنية الفردية».
يضيف عبد القادر أن جاهين أراد الخروج بالزجل من دائرة «الإخوانيات» و»الحلمنتيشيات» التي ظل زمناً طويلاً يتخبط فيها من سخيف إلى أسخف، فعبر بلغته عن همومه، والتفت إلى مظاهر الجمال في الطبيعة المصرية وتغنى بها، وارتفع في بعض أعماله إلى آفاق أكثر إنسانية، من خلال عامية عذبة تنجو من الابتذال وتتخللها مفردات عربية صحيحة».
بدوره علّق د. محمد عبد المطلب: «تكمن أهمية جاهين في أنه حقق لنفسه انتشاراً واسعاً، حاملاً ذخيرة تعبيرية ترددها الألسن تلقائياً حيناً، وبالقصد أحياناً أخرى».

جاهين وسعاد حسنيفلكلور
يرى الشاعر مسعود شومان أن أشعار جاهين تقوم على توظيف التراث والمأثور الشعبي، والجمع بين الشعبي والعامي والزجلي: «هذه الظاهرة تطرح أسئلة جوهرية عن علاقات هذه الميادين التناصية، وتحديد مستوياتها، استلهاماً وتوظيفاً، إيماناً ونفياً. هذه الإشكالية تدعونا إلى التساؤل عن علاقة أشعار جاهين بالفلكلور، تراثاً ومأثوراً، بما تضم من معتقدات ومعارف شعبية: عادات وتقاليد، أدب شعبي، ثقافة مادية، ألعاب شعبية...».
المؤرخ والناقد الموسيقي د. زين نصار يقول حول أهمية جاهين: «احتل الفنان العبقري متعدد المواهب صلاح جاهين مكانة فريدة في تاريخ الفن المصري، فقد كان رسام كاريكاتور بارعاً وشاعر عاميّة لا غبار عليه، وقد بدأ بنشر إبداعه في الشعر الشعبي منذ عام 1955، وذلك بعد توالي إبداعه كلمات مئات الأغاني العاطفية والوطنية والتأملية».
أصدر جاهين ستة دواوين هي: «كلمة سلام، موال عشان القنال، عن القمر والطين، قصاقيص ورق، أنام سبتمبرية، رباعيات صلاح جاهين». ويرصد نصار مشاركة جاهين في عدد من الأفلام السينمائية، هي: «لا وقت للحب»، «رابعة العدوية»، «اللص والكلاب»، وكتابته الأوبريت الشهير «الليلة الكبيرة» لمسرح العرائس».
وبحسب نصار، بالإضافة الى سيد مكاوي لحّن أعمال جاهين كل من رياض السنباطي، منير مراد، كمال الطويل، محمد الموجي. ففي عام 1961 غنت له أم كلثوم أغاني كثيرة، وبعد هزيمة يونيو (حزيران) كتب جاهين نشيد «راجعين بقوة السلاح» ولحنه السنباطي وغنته «كوكب الشرق»، وفي 6 أكتوبر عام 1973 (تشرين الأول) تحقق حلم جاهين بالانتصار، الذي كتب له نشيد «والله زمان يا سلاحي» ولحنه كمال الطويل إبان العدوان الثلاثي.

كذلك غنى الفنان عبد الحليم حافظ أغاني وطنية كثيرة من تأليف جاهين مثل «إحنا الشعب»، التي غناها عام 1956 بمناسبة اختيار الشعب المصري جمال عبد الناصر كأول رئيس منتخب للجمهورية، ثم « بالأحضان» عام 1961، وبعدها «المسؤولية» في عيد الثورة عام 1963، بالإضافة إلى «يا أهلا بالمعارك» و»صورة» و«ناصر يا حرية». وأبدعت سعاد حسني عندما غنّت من كلمات شاهين «خللي بالك من زوزو» و«يا واد يا تقيل» و«الدنيا ربيع» و«الأم» وجمعة من الأغاني في مسلسل «أنا وهو وهي» الذي شاركها بطولته الفنان الراحل أحمد زكي.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١ صوت عدد التعليقات: ٠ تعليق

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

جديد الموقع