بقلم: جرجس بشرى
لم ولن أكون مُبالغـًا إذا قلت أن القرار الذي اتخذته الحكومة مؤخرًًا، بوقف عدد من القنوات الفضائية التي تحرض على الطائفية والفتنة والجهل وتفتيت وحدة الأمة المصرية، يعتبر من القرارات التاريخية غير المسبوقة في عهد الرئيس "مبارك".
وفي رأيي المتواضع فإن هذا القرار لا يقل خطورة عن قرار الحرب، بعد أن سمعنا ورأينا بأعيننا ما تبثه بعض هذه القنوات من أفكار طائفية وتحريضية مسمومة، تدفع بالجهلاء والبساط والدهماء والمتشددين دينيـًا إلى استئصال أتباع الديانات، بل والمذاهب الدينية الأخرى في "مصر"، على اعتبار أنهم "؛كفرة" وبالتالي استباحة أموالهم ودمائهم وأعراضهم.
وأظن أن القرار الذي اتخذته الحكومة بوقفها المؤقت لهذه القنوات -إلى أن تصحح مسارها وأوضاعها وما يُعرض عليها من مواد إعلامية- جاء في توقيت مناسب ووقت حرج ومنعطف مصيري، حيث أدركت الحكومة؛ ولأول مرة في تاريخها، أن استمرار بث هذه القنوات ما هو إلا خطر داهم كاد أن يغرق "مصر" في الطائفية، ويدفع بأبنائها إلى التطاحن والتناحر والقتال إلى أن يفني المصريين أنفسهم بأنفسهم -بكل غباء- وهو ما يدفع ثمنه في النهاية الوطن والأجيال القادمة.
كما أنني أرى أن هذا القرار يصب في حماية سمعة الإسلام والمسلمين في الخارج، خاصة وأن هذه القنوات كانت تسئ لصورة الإسلام في الغرب، وكانت تُصَدر فتاوى عجيبة وغريبة من أشخاص غير مؤهلين دينيـًا، ومن المؤسف أن هذه القنوات أدت إلى تغييب الوعي الجمعي المصري عن وعيه، وحولته إلى مجتمع جاهل وعبد لشيوخ التطرف والإرهاب الفكري، كما غيبت وعيه عن إدراك قيمة العلم الذي هو أساس تطور الأمم ونهضتها؛ بدليل الانتكاسة العلمية التي نشهدها.
إن هذا القرار يعكس نية الحكومة المصرية وعزمها على تطبيق وإعلاء مبدأ سيادة القانون ضد مروجي الفتن الطائفية والمحرضين عليها، وهو أمر لم نشهد له مثيل من قبل، ويجب ان نشكر الحكومة عليه مثلما نوجه لها النقد في كثير من الأخطاء التي ترتكبها في حق هذا الشعب!!
ونأمل أيضـًا أن تتخذ الحكومة -بالتزامن مع هذا القرار الوطني- قرارًا بملاحقة المحرضين ضد الرموز الدينية "إسلامية ومسيحية"، وضد مثيري الفتنة في وسائل الإعلام المختلفة، وضد مَن يزدرون بالأديان ويحرضون على الجهل والدجل والشعوذة، كما يجب على الحكومة أيضـًا أن تستحضر مشروعـًا وطنيـًا يلتف حوله كافة المصريين، لبناء أمتهم ورفعة شأنها والارتقاء بمكانتها.
وأحب أن أذكر السادة القراء بأن القنوات التي تم غلقها أو وقفها مؤقتـًا؛ معظمها شملت بعض القنوات الممولة من "السعودية"، وبرأس مال سعودي وهابي، وهو ما يؤكد على أن سيادة "مصر" الوطنية خطـًا أحمرًا لا يمكن تجاوزه أو اختراقه. |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|