بقلم: جرجس بشرى
أثار القرار المُفاجئ الذي اتخذه رجل الأعمال المصري الشهير المهندس "نجيب ساويرس" باعتزال البيزنس وعالم الأعمال؛ وذلك للتفرغ للعمل الإنساني، ردود أفعال متباينة في الشارع المصري، حيث أعرب البعض عن خشيته من تأثير هذا القرار على شركاته بـ"مصر"، والتي يعمل بها مئات الآلاف من الشباب المصري، والتي تساهم بشكل واضح في خدمة الاقتصاد، وهناك من الرأي العام مَن رأى أن "ساويرس" قد اتخذ هذا القرار بعد أن أصبح هدفـًا للمتشددين الإسلاميين في الآونة الأخيرة بسبب تصريحاته الشجاعة والجريئة حول "الحجاب الإيراني"، ومطالبته بجرأة حسده عليها الكثيرون بإلغاء المادة الثانية من الدستور المصري، والتي تنص على أن "الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها، والشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع "، وذلك للتأكيد على علمانية ومدنية الدولة المصرية.
ولقد كان لهذا التصريح ردود فعل عنيفة من قـِبل المتشددين الإسلاميين؛ لدرجة أن هناك مَن اتهموه صراحة بالإساءة للإسلام والشريعة، وهناك بعض المحامين من طالبي الشهرة مَن اتخذ من هذه التصريحات مجالاً للشهرة الإعلامية والشو الإعلامي، للتربح على حساب الرجل.
وعلى الجانب الآخر هناك من رأى أن من حق "ساويرس" أن يعتزل العمل وعالم البيزنس، ليتفرغ للعمل الإنساني وخدمة أبناء وطنه، وقالوا إن هذا حقه وليس لأحد -أيـًا كان- أن يتدخل في هذا القرار.
وفي خضم الجدل المثار وردود الأفعال المتباينة حول هذا القرار، جاء المهندس "نجيب ساويرس" ليذكر للرأي العام الأسباب والدوافع الحقيقية وراء هذا القرار، حيث أكد "ساويرس" لبرنامج "90 دقيقة" أنه لم يعتزل العمل "البيزنس" نهائيـًا، ولكنه سيكتفي بالمساهمة في الشركات بعيدًا عن العمل التنفيذي الذي يأخذ معظم وقته.
وذكر "ساويرس" في حواره للبرنامج أن أحد الأسباب التي دفعته لاعتزال العمل التنفيذي هو ما حدث مؤخرًا من قـِبل دولة "الجزائر"، والتي وقفت بكل ثقلها وسخرت كل قوتها ضد مشروعاته هناك، مع أن هذه المشروعات خدمت "الجزائر"، كما أكد "ساويرس" في حواره على أن الإنسان بدون بصمة أو خدمات يقدمها للإنسانية لا يساوي شيئـًا، مستشهدًا بقول الكتاب المقدس: "محبة المال أصل لكل الشرور"، وكذلك قول "السيد المسيح" له المجد: "دخول جمل من ثقب إبرة أيسر من دخول غني إلى ملكوت السماوات"، وأوضح أنه سيكثف نشاطاته في الفترة المقبلة لخدمة وطنه "مصر"، وخدمة القضايا التي تجمع بين المصريين وحوارات الأديان والثقافات.
مؤكدًا أنه قبل اتخاذه قرار الاعتزال كان يقوم بخدمات لشباب بلده، وأنه يمتلك شركة تقدم خدمة الإقراض المتناهي الصغر للشباب وبدون ضمانات، كما أنه قام بتأسيس بعض الفضائيات التي تحض على الاعتدال، كما ساهم في تأسيس بعض الصحف.
كما أفصح "ساويرس" عن رغبته في تأسيس مدرسة ومستشفى في "السودان"، وذلك لتوطيد العلاقة مع "السودان" بعد الانفصال المتوقع في الجنوب.
ولمـَن لا يعرف؛ فإن المهندس "نجيب ساويرس" من الشخصيات المصرية المحبة للعطاء للفقراء والمساكين، ويقدم كثيرًَا من أمواله للمحتاجين ومَن هم تحت وطأة العوز ومذلة الحاجة، فهو يشعر بالفقراء ويرثي لأحوالهم، وبرغم الهجوم الشرس عليه من المتأسلمين إلا أن محبته لإخوته المسلمين وشركائه في الوطن لا يقدر أحد أن يشكك فيها، بدليل أن حوالي 90% من الموظفين في شركاته من المسلمين، وهذه الفضائل قد زرعتها فيه والدته الفاضلة السيدة "يسرية لوزا"، والتي ما زالت حتى هذه اللحظة تقوم بأعمال خيرية كثيرة.
وقد استخدم خصوم "ساويرس" سلاح "التطبيع مع إسرائيل" في مواجهته، وكان مصيرهم الفشل، لأن ادعاءاتهم عليه كانت بلا سند وباءت جميعها بالفشل، ورغم ذلك في حديثه لبرنامج من "قلب مصر" مع الإعلامية اللامعة "لميس الحديدي"، أعرب الملياردير المصري "نجيب ساويرس" عن نيته في الاستثمار في "القدس"، و"غزة" الفلسطينية، مؤكدًَا أن إقدامه على هذه الخطوة لا يعتبر تطبيعـًا مع "إسرائيل"، ولكنها من أجل مساندة الفلسطينيين.
ويعتبر "نجيب ساويرس" من الأشخاص الذين يعشقون الحرية، فهو -كما صرح من قبل- لا يحب أن يكون محسوبـًا على جهة أو حزب معين، وسبق أن صرح أنه لن يرشح نفسه للرئاسة؛ مؤكدًا على أن أقصى ما يمكن أن يترشح له هو "نادي الجزيرة"، كما أنه من أبرز دعاة الإصلاح الدستوري والتغيير.
والسؤال الذي يفرض نفسه بشدة الآن: هل اعتزال "نجيب ساويرس" للبيزنس هو مقدمة لاختياره في منصب وزاري مهم وحساس في الحكومة المصرية القادمة؟! وهل يمكن أن تكلف القيادة السياسية "ساويرس" بتشكيل الحكومة الجديدة؟!
إنه سؤال ستجيب عنه الأيام المقبلة.. |
|
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|