CET 00:00:00 - 04/05/2009

مش كده ولا ايه

بقلم: شفيق بطرس
عندما قرأت عن خبر تهجم الشباب على فتاة كانت تلبس ملابس ضيقة في حفل بإحدى جامعات الدلتا بمصر، لمجرد إنها مهتمة بمظهرها بعض الشيء وتضع مكياجاً وتهتم بتسريحة شعرها، مما أعطى الضوء الأخضر لجميع الشباب المتواجد بالحفل واندفعوا تجاهها يتحرشون بها جنسياً، على اعتبار أنها هي المطربة المُنتظرة والتي ستحيى لهم الحفل الجامعي، وأنقذها رجال الأمن بأعجوبة من أياديهم وانيابهم.
وليست هي الحالة الأولى ولكنها تتكرر باستمرار، وذكرنى ذلك الحدث بما حدث في القاهرة وبالتحديد في وسط البلد أيام عيد الفطر من عام مضى، فتهجم الشباب على البنات والسيدات في الطريق العام وبصورة لم تراها مصر من قبل، وقلت في قرارة نفسى تُرى هل كانت ستدخل هذه الأفكار الغريبة والتصرفات الممقوته لعقول شبابنا لولا أن عقولهم أصبحت فارغه من كل شيء، ولذا تمكنت هذه التصرفات والأفكار الشيطانية أن تدخل لعقول الشباب وتدمرها؟

ففي مقولة لأحد الحكماء أن الشيطان دائماً ما يجد ما يشغل الأيدى العاطلة والنفوس الفارغه، وهذا ما حدث لشباب مصر الذي يعاني منذ عقود قد طالت من الأحباط الناتج عن الفراغ الفكري والنفسي والثقافي والعاطفي والديني، فلا تجد المثل الأعلى الذي يقتدى به الشباب ولا العمل الذي يشغله، فالبطالة قد زادت وأستفحلت وطوابير الخريجين والباحثون عن وظائف مناسبة أو حتى غير مناسبة تطول يوماً بعد يوم، الشباب الذي تنكسر كل طموحاته وآماله وأحلامه على صخورالواقع المرير الذي يعيش فيه الجميع في مصر الآن، قد وجد نفسه مصاباً بالاكتئاب والإحباط المرير فلم يحقق أحداً أي حلم من أحلامه ولا حتى يستطيع الشباب اليوم أن يجازف بأي حلم من الأحلام، فقد ارتفعت أعمار الزواج عند الرجال إلى الأربعين والفتيات إلى الخامسة والثلاثين، من يفكر في الزواج الآن منهم عليه أن يعيش كابوساً مُفزعاً ويفكر كيف يتخطى كل هذه الحواجز والسدود المنيعه ليصل إلى فتاة أحلامه، ولو نجح سيكون قد أصبح كهلاً لا فائدة منه أو منها.

التخلف الفكري والحضاري والثقافي قد جعل من السهل أن يقبل الشباب أي أيدولوجية ولو حتى منبوذة وغريبة، فتجد من يرفع صور الكناس الذي يمسك مقشته وبدون رأس أو فكر ويلبسون السواد ويعشقون البكاء والأحزان وسط شبابنا الضاحك الذي كنا نسميه (شعب ابن نكته) تحولوا إلى مجموعة محبطين يكرهون الحياة، وظهرت جماعة وسط الشباب يطلقون على أنفسهم جماعة (الإيمو) وهى من كلمة  Emo مشتقة من الكلمة الإنجليزية Emotion بمعنى المشاعر أو الإنفعال ويُقال عنهم انهم  يحاولون الانتحار لكنهم يفشلون، رغم أن الانتحار ليس هدفاً لهم، يقدرون مشاعرهم، يبحثون عن ذاتهم، يقولون أن العاطفة قوة لا يجب أن نخجل من التعبير عنها، اشتهروا بكتابة الأشعار الحزينة، ومنهم من يزال يرفع صور صدام حسين ويدافع عنه ومن يطلق اسم زعيم الأمة العربية على حسن نصرالله ومن يطبع صورة بن لادن والظواهري على قلبه وفكره، وهذا الأحباط يولد إرتداد الشعور المرير اليائس الى داخل النفس البشرية فيولد ما يشبه الكارثه والتي تؤدى في أغلب الأحيان إلى فقدان الأمل والأحساس بكراهية الحياة نفسها و تمني الموت ووضع حداً لها.
الشباب طاقه ومشروع عمل ديناميكي وليس كتل هامدة أو طاقة إستاتيكية ساكنة، هل تعي حكوماتنا الرشيده هذا؟؟

وكم سمعنا عن خطط خمسية وإنجازات خيالية وقفزات إقتصادية ولكنه هُراء وكلام جرايد، وينتشر التذمر والضجر ويسود الإحباط وفقدان الأمل الصغار والكبار، وهنا لن أجد لهم العذر فيما فعلوه ولكنه عمل قذر ومبغوض من الجميع ولم نسمع عنه أو نراه من قَبل في وطننا الذي يعرف الفكاهة وخفة الدم والمرح والشهامة والجدعنة والحياء ونخوة النبلاء، وما حدث يُعتبر جرس الأنذار للحكومة ومن حولهم من عصابات السلب والنهب وتوزيع فتافيت الغنائم على رجال أمنهم وحماة نظامهم الذي قد أعلن للجميع أنه لا يهتم حتى ولو أن جميع الشعب الآن فعلياً يعيش في الإحباط العام..
مش كده ولا أييييييييه
 

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٤ صوت عدد التعليقات: ١٠ تعليق