CET 00:00:00 - 06/05/2009

مساحة رأي

بقلم: دميانة اقلاديوس
مما لا شك فيه أننا نعلم جميعاً أن هناك فروق فردية بين الشخص والآخر بمعنى أن لكل شخص سمات وأفكار وسلوك معين يميزه، وعلى الرغم من ذلك فهي لم تخلو من الأخطاء سواء في السلوك أو الفكر الذي يدعم هذا السلوك، وهذا لم يجعلنا نجزم أنه لا يوجد فكر نقي بل على العكس فهناك فكر آخر فكر بلا عيب وبلا خطية وهو فكر الله وما يحتويه مضمون هذا الفكر من خطط عظيمة للبشرية كلها، ومن هذا يتضح أن هناك نوعين من الأفكار ولكنهما متناقضان

** أفكار الله وهى افكار سامية خالية من العيوب والأخطاء تماماً بل كليةً.
** أفكار البشر وهي أفكار متدنية مهما كانت فيها مميزات إلا أنها لا تخلو من القصور والضعف والخطأ.

فنحن نؤمن جميعاً أن الكتاب المقدس ليس وليداً لفكرة بشرية بل هو من عند الله وهذه حقيقة نعلمها جيداً، واثقين في مضمون ما يحمله لنا من أعظم الرسائل وهي رسالة الفداء على الصليب من أجلنا، ولكن الفكر البشري بطبيعته لا يستطيع بل ليس لديه القدرة على تقبل هذه الحقيقة، فتجد اليوم كم هائل من الأعاصير والعواصف المحملة بأفكار غريبة وآراء لاهوتية تكاد تكون نيران متوهجة تبتلع كل ما يقابلها، وهي أفكار وآراء ملؤها الإلحاد وعدم الإيمان وهدفها هو إضعاف الإيمان.

وسطر لنا الكتاب في وضوح كامل في هذه الحالة عندما قال اهربوا من المناقشات الغبية فكان يعلم جيداً أن ما يشعل تلك النيران هو الجدال معها والتحاور والانسياق في حديثها، وكشف لنا حقيقة تلك الأفكار وكم هي متشابهة مع فكر إبليس ومتفقة معه بل يكون هو مصدرها الأساسي على الرغم من أن فكر البشر وفكر إبليس لم ولن يقدرا أن يفهما وجهة نظر الله وخطته العظيمة لنا على الأطلاق، لقد كان إبليس ملاكاً ممتلأ بالحكمة ولكنه عندما سقط أصبح مشتتاً لديه خلل عقلي ثائراً غاضباً لما فعله الله للإنسان في قصة الفداء على الصليب.

وبالمثل يفكرون البشر كما يفكرون إبليس ويجدون أن الصليب جهالة، فكان بولس رجلاً وحشياً قاتل مدمر حاقد عديم الإيمان منساق وراء الفكر الشرير لإبليس ذو الفكر الخبيث، ولكنه سرعان ما قابل الرب الإله وسلم حياته للمسيح فسقطت القشور من عينيه وأصبح منارة للمسيحية وافتخر بالصليب، وهنا يتضح لنا أمر أن إبليس مخترع في الحيل الخبيثة الماكرة وهو يحتاط لكل حركة من تحركاتنا ويرسم خطط للإيقاع بنا كما لو كان ممثلاً بارعاً على مسرح الإنسانية ويتحكم في فكر الإنسان البشري بسمه القاتل للجسد، فمثلاً عندما تحب شخصاً وتنبهر بأسلوبه دائماً عندما يملي عليك رأياً في شخص أو قضية ما يتغيب عقلك ولا تفكر إذا كان هذا الرأي مناسب لك أم لا كما يجعلك لا تحكم على الأمور بطريقتك ولا تلتفت إلى مضمونها بل تنساق إلى فكره الذي يكاد يكون مدمر لكيانك ويسلب منك حريتك، وحينئذ سيهزمك الفكر الشرير وترضخ لمطالبه ويسعد إبليس بذلك معلناً الإنتصار عليك لأنك قررت أن تجده البديل الوحيد لك دون طلب المعونة، ولكن إذا سلكت بفكر الله وبالروح القدس وأمتلأت به وجعلت منه درعاً لك متخذاً كلام الله سلاحاً ستجد الطريق ممهداً، فعندما نحظو بالروح فإنه سوف يقودنا وننمو في الخبرة لأنه يقودنا ويحركنا حسب ما يريد واضعاً فينا إرادته.

فنحن لا نمشي في الأمام ولكن نتبع خطواته ومن يسلك فى الروح لا يغضب لا يكره لا يحقد لا يذم كما أنه لا تسيطر عليه أفكار تحول بينه وبين الآخرين وهذا ما يحدث مع النفس، ولكن إذا تقدمنا بالروح سنجد تقدماً في الخطوات الروحية فلن تقابلنا أمور تزعجنا ولا تفزعنا، فمن يحيا ملتصقاً متحداً بالروح يسمو فوق الفكر البشري الأعمى ويكتسب الصفات الجميلة التي تكلم عنها الرب فى كتابه وهي من ضمن الخطط التي لا يفهمها ولا يعرفها إبليس مثل الحب والفرح والسلام وطول الأناة واللطف والصلاح والإيمان والوداعة وضبط النفس، وحينئذ لم ولن يقدر عليك إبليس وتنجح وتنتصر عليه، وهذا النجاح يتحقق حينما يمهد الله لنا الطريق وتتحقق النصرة الحقيقية عندما يخطو هو الميدان وتتأكد مؤمناً أنه المنتصر الحقيقي في كل الأحوال.

فما عليك الآن غير أن تختلى بنفسك وتطلب منه أن ينير القلب والعقل معاً قائلاً:

يا أبانا السماوي.. أشكرك من أجل حبك الغامر وخططك الموضوعة والمرسومة لي وأنا معترف بخطاياي، عارفاً بل متأكداً مؤمناً أن حبك لا ينقص ولا يتغير أبداً..
ساعدني أن أكون ثابتاً في دعوتي معك ولك، لكى أتبين وجودك في كل مكان وأن أجند نفسي في جيشك العظيم الذي ينساق بالروح، نافضاً الفكر الشرير باعداً عني أعوانه..
مهّد أمامي الطريق حتى لا أجهل بها، ودع كلمتك في عقلى تنيرعيني حتى أكتشف حقيقة الأمور رافضاً الفكر الشرير، راجياً منك أن تجعل المعوج مستقيم والصعاب سهلة، ولتدع ملاكك يسير أمامي حتى أرى وجهك فأشبع نفسي وأكون منارة حقيقية تضيء للآخرين...

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢ صوت عدد التعليقات: ١٦ تعليق

الكاتب

دميانة إقلاديوس

فهرس مقالات الكاتب
راسل الكاتب

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

مواضيع أخرى للكاتب

التاريخ ورجل القانون

كفاية

مكانك مكان الحب

أصعب اختيار

مخترع ولكنه لا يعرف الله

جديد الموقع