"الموت يشربها سادة" مع "الكومي" في مكتبة نفرو
وجدي الكومي: أرفض مبدأ "المقادير" في التعامل مع القارئ
على أي كاتب أن يعيش ما يكتبه وأن يقدم للقارئ ما يدهشه
كتب: محمد بربر
وقال "الكومي" أنه عندما قرر كتابة الرواية ذهب إلى الإسعاف، وتعرف على العاملين بالمهنة، ودخل سيارة الإسعاف وتعرف على كل شيئ بداخلها، ودلل الكومي حديثه بمثال أوضح فيه أن حينما لاحظ اللوحات الإعلانية الكبيرة المتراصة على الطريق والخاصة بمشروع مدينتى، أدهشته تعليقات الفقراء الذين كانوا يستقلون معه الميكروباص، حيث ظن بعضهم أن مشروع مدينتي عبارة عن مدينة زجاجية، وتوقعوا أن سكان مدينتي من رواد الفضاء، وأن الشوارع سوف تغلق وتُكيّف! مشيرًا إلى ضرورة أن يلتزم الكاتب بالأمانة عندما يرصد الواقع، وعندما يكتبه للقارئ، بحيث يحرص على ألا يترك مساحة للهروب من النص، وكذلك على الكاتب ألا يكف عن كتابة الأعمال الجيدة التي ترصد واقعه وتعبر عنه.
فصول حقيقية
وأوضح الروائي "وجدي الكومي" أن كثيرًا من فصول رواية "الموت يشربها سادة" حقيقية وحدثت له شخصيًا حيث اللحظات التي تدفع المبدع إلى الكتابة عنها، وضرب الكومي مثالاً على قوله بفصل "خشبة الغسل" والذي كتبه يوم وفاة عمه، وكانت المرة الأولى التي يشارك فيها فى غسل أحد أفراد عائلته.
مقادير أدبية
وأشار الكومي إلى أنه لا يفكر في القارىء بقدر ما يُخضع النص للمعايير الفنية والجمالية، وهذا هو المعيار الذي يجب على القارئ أن يحكم به على الأعمال الأدبية -حسبما يرى الكومي- رافضًا أن يتعامل المبدع مع القارىء بمبدأ "المقادير" سيما حين يوظف تابوه مثل الجنس في كتاباته، لأن الكاتب إن راعى أخلاق القارىء وراح يقلل أو يزيد من "الجنس" طبقًا لمبدأ "المقادير" سوف تضيع القيم الجمالية والفنية للنص، وأوضح أنه يفضل الكتابة باللغة العربية الفصحى، حتى وإن اضطره الموقف لكتابة الحوار باللغة العامية، حتى يتناسب مع فنيات النص.
رواية بحثية
وتحدث الكاتب والروائي الشاب "محمد صلاح العزب" عن أن سر تميز كتابات "وجدي الكومي" بسبب أنه يعمل في صمت، وحريص على تقديم ما هو فريد، ويقدم الرواية البحثية، وهي نوع من الروايات النادر كتاباتها الآن، واتفق العزب مع الكومى على رفض تصنيف الشباب بالكتابة الجديدة، موضحا أن العديد من الأسماء الكبيرة قدمت نماذجًا مختلفة عما بدأت عليه.
رجل الموت
تحكي رواية الكومي عن رجل إسعاف يقتل المرضى في حالة الطوارئ، ومن بين نصوص الرواية كتب الروائي:
" أنا رجل الإسعاف الذي يخفق دائمًا في التصدي للموت فقرر أن يساعده! أنا الآن أحد معاونيه، ولا أتقاضى أجرًا كى أمنح الراحة الأبدية لراغبيها من المتألمين، أمنح هذه الراحة للجميع، ولا أنتظر أن يطلبها أحد.
صدقوني أنا أشفق عليكم من الخراطيم التي يمدونها فى حجرات الإنعاش، ويثبتونها في فم المرضى. هذه الخراطيم مؤلمة.. مؤلمة حقًّا، فهم يجذبون الشفاه بملقاط ويدسون هذه الخراطيم الثقيلة فى الفم.
هذه هى حجرة العناية المركزة بكل قسوتها وجبروتها. أنتم هنا فى الممر الذي يؤدي إلى الراحة والنعيم. هكذا تظنون!".
شَبَكة قهر
وينتقد الكومي في روايته طريقة تعامل قوات الأمن المركزي مع المعتصمين والمضربين، موضحًا أنه لا ينتقد وزارة الداخلية في مصر، لكنه يعزف أوتارًا ضمن شبكة كبيرة في بيانو جميل، لا يمكن أن يعطي أفضل الألحان أمام العازف في النوتة الموسيقية إلا مع هذه الأوتار، فالأمر كله معزوفة واحدة، تُعبر عن شبكة قهر تكبل بطل الرواية؛ مثل رجال الأمن الذين يبثون الرعب، والاحتياج العاطفي والثروات المكدسة.
يُذكر أن "الموت يشربها سادة" هو العمل الروائي الثانى لوجدي الكومي بعدما أصدر روايته الأولى "شديد البرودة ليلاً" في 2008. |