CET 00:00:00 - 07/05/2009

مساحة رأي

بقلم: صبحي فؤاد
باسم حماية أمن مصر القومي أصدر الرئيس مبارك قراراً عجيباً وغريباً منذ أيام قليلة بـ (ذبح) جميع الخنازير على أرض مصر المتعوسة.. وفور صدور الأمر الرئاسي خرج البوليس بكل أنواعه وتشكيلاته والأمن المركزي من أعلى الرتب لأصغرها بالمصفحات والمدرعات والبنادق الأوتوماتيكية والقنابل المسيلة للدموع، وكان يصاحب كل هذه القوات المخيفة البلطجية الذين تستعين بهم الدولة المتحضرة الديمقراطية للتصدي للمتظاهرين والمحتجين المصريين!!
خرج كل هؤلاء ألوف ألوف للبحث عن الخنازير في كل ركن من أركان مصر والقبض عليها وإعدامها فوراً بلا محاكمة أو إعطاءها فرصة للدفاع عن نفسها.. ورغم أن الرئيس أعطى أمره بذبح الخنازير بطريقة آدمية وحفظ لحومها في الثلاجات وبيعها فيما بعد لصالح أصحابها، إلا أن منفذي الأمر العسكري من رجال بوليس وأمن وغيرهم ضربوا عرض الحائط بكلام الرئيس وتوجيهاته وقاموا بإعدام الحيوانات البريئة في أماكن تواجدها بطريقة تخلو من الرحمة أو الشفقة والإنسانية وبدون أي مبرر على الإطلاق..
والمصيبة أنهم لم يكتفوا بإعدام الخنازير التي تعتبر مصدر الدخل الوحيد لألوف الأسر المصرية الفقيرة بطريقة وحشية تخالف كل الأعراف والأديان السماوية وإنما قاموا بضرب أصحابها الغلابة وألقوا القبض على من اعترض منهم ورميهم في السجون، وتوجيهات عشرات التهم التي من بينها تعريض أمن مصري القومي للخطر بدلاً من تعويضهم على خسائرهم حسب ما وعدت به الدولة هؤلاء المساكين.

وبلغ الأمر بوزير الصحة المصري أن يقول إن إعدام الخنازير حتى أخر واحد منهم هو من ضروريات الحفاظ على أمن مصر القومي..

وبلغ التفاهة بالبعض الآخر أن يدعى أن 18 مليون مصري سوف يموتون قريباً إذا لم تُعدم كل الخنازير الموجودة في مصر!!

إن الشيء الذي يجهله هؤلاء جميعاً إن هذا المرض المتفشي حالياً في كثير من دول العالم لا ينتقل عن طريق أكل لحوم الخنازير وإنما عن طريق الجهاز التنفسي وهذا الكلام ليس من عندي بل هو كلام منظمات عالمية مسئولة ومعروفة للجميع، وقامت بالفعل بالاعتراض على مذبحة الخنازير في مصر.
والدليل الآخر على خطأ قرار السلطات في مصر.. يوجد في أستراليا ملايين من هذه الحيوانات ويأكل لحومها الناس يومياً ولم نسمع عن إصابة واحدة في كل أنحاء البلد التي تبلغ تسعة أضعاف مساحة مصر.. بل وقامت الحكومة الاسترالية بحث الشعب على عدم مقاطعة أكل لحوم الخنازير حتى لا تخرب بيوت ألوف الناس الذين يعيشون على هذه الصناعة.

والصراحة المؤلمة أن النظام في مصر فيما يبدو اتخذ من الخنازير المصرية حجة وذريعة لإرضاء الإخوة المتطرفين أو كما نسميهم إخوان الخراب حتى يتم توريث الحكم لنجل الرئيس من ناحية من ناحية ومن ناحية أخرى ربما لإعطاء مزارع الخنازير ومصانع تصنيع لحومها لكبار رجال الأعمال من الصفوة المختارة  بدلاً من الناس الغلابة الذين يشتغلون حالياً في هذه المهنة.

لا شك أنه أصبح من غير المقبول أن نرى كثيراً من البشائع أصبحت ترتكب يومياً ضد أبناء الشعب المصري من مسلمين وأقباط باسم حماية الأمن القومي لمصر.. فإذا خرج مواطن في مظاهرة إلى الشارع أو قام بالاعتراض على أي أمر من الأمور التي تمس حياته أو لقمة عيشه بطريقة مباشرة.. أو إذا قام مواطن بنشر رأي معارض يخالف توجهات النظام سرعان ما يجد هذا المواطن نفسه مغضوب عليه ومتهم بكل التهم الموجودة في قوانين الجنايات والتي من ضمنها بطبيعة الحال تهمة محاولة قلب نظام الحكم وتعريض أمن مصر القومي إلى الخطر..!!!!
والعجيب أن هؤلاء الذين يهددون حالياً الناس الغلابة الفقراء المعدمين أصحاب الخنازير بتوجيه تهم عديدة من ضمنها تعريض أمن مصر القومي للخطر لاعتراضهم على إعدام حيواناتهم لا يجرؤون على توجيه نفس التهم الخطيرة إلى الأعداء الحقيقيين للوطن الذين نعرفهم جميعاً وتعرفهم أيضاً السُلطات المصرية.

إن الذين يحاولون إقناعنا بأن أمن مصر أصبح معرضاً للخطر بسبب الخنازير المصرية أقول لهم باتضاع وخوف شديد على مصلحة ومستقبل وطني الأم إن ما يعرض أمن مصر القومي وسلامة البلد للأخطار حالياً ليس هو انتشار مرض أو وباء ما قد يؤدي إلى موت عشرات أو مئات من المصريين وإنما بالإضافة إلى جماعة "طز" وما يحدث على حدود مصر الشرقية والجنوبية هو الإفراط الشديد في استخدام القبضة الحديدية وظلم الأبرياء والتنكيل بهم والقسوة عليهم وتلفيق التهم لهم والإصرار على ضرب وتدمير وحدة المصريين.. هكذا علمنا التاريخ وتجارب الدول والشعوب الأخرى..
ترى هل يدرك النظام والمسئولين والمهتمين بأمن مصر القومي هذه الحقيقية البسيطة التي لا تحتاج إلى عبقرية أو ذكاء؟؟

صبحي فؤاد
استراليا
sobhy@iprimus.com.au

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢ صوت عدد التعليقات: ٨ تعليق