CET 00:00:00 - 06/03/2009

مساحة رأي

بقلم / مدحت عويضة
الدنيا تتغير حولنا بسرعة مذهلة ومازال الفكر المصري والشرق الأوسطي جامد متحجر يأبى التغيير والتطور، لننظر على الساحة السودانية ولنشاهد الجهود الروسية التي تُبذل لعقد مؤتمر دولي حول دارفور, ثم الجهود القطرية التي تحاول الحكومة القطرية من خلالها الوصول لإتفاق بين الفصائل المتحاربة في الغرب السوداني والنظام السوداني, والجهود المصرية والرحلات المكوكية التي يقوم بها وزير الخارجية ومعه مهندس حل الصراعات بين المليشيات اللواء عمر سليمان.
الجديد في المشهد السوداني الآن أن كل هذه الجهود الدولية ليس من أجل إلغاء القرار الصادر من بحق البشير وخضوعه للمحكمة بشأن الجرائم التي أرتكبت في إقليم دارفور, لا فقد أصبح ذلك حلما صعب المنال, كل ما يصبو إليه هؤلاء هو تأجيل محاكمة البشير لمدة سنة واحدة، هذا هو ما يريده البشير وما يحلم به الآن تأجيل المحاكمة لمدة عام علّه يستطيع أن يفعل شيء في خلال هذه السنة فتشفع له أمام المحكمة.

ولا بد من التوقف أمام هذا المشهد طويلاً وبعيداً عن نظرية المؤامرة التي تسيطر على العقلية الشرق أوسطية المشهد يدل على أن هناك أشياء كثيرة تغيرت فأين نظرية السيادة المطلقة للدولة التي كانت تعتبر رئيس الدولة هو ممثل للدولة ويتمتع بما يتمتع به الشخص الإعتباري (الدولة) من سيادة مطلقة على كل الأراضي التابعة للدولة, أين الفكر القديم الذي كان يعتبر أي نزاع داخل أراضي دولة ما هو شأن داخلي يهم الدولة المعنية فقط وقيادتها السياسية وأي تدخل من أي دولة أو منظمة أو هيئة إقليمية أو دولية هو تدخل في الشأن الداخلي للدولة التي بها النزاع وهو إعتداء على سلطة القيادة السياسية للدولة, صحيح أن نظرية السيادة المطلقة قد إنتهت نظرياً بعد إنشاء منظمة الأمم المتحدة والمجالس التابعة لها ونخص هنا مجلس الأمن الدولي وأصبحت نظرية السيادة هي سيادة نسبية وليست مطلقة, ولكن طول فترة الحرب الباردة ظلت نظرية السيادة النسبية مجرد فكر سياسي ليس له وجود حقيقي على أرض الواقع إلا فيما ندر.
ولكن مع إنتهاء الحرب الباردة وتحول النظام العالمي لنظام القطب الواحد تحولت بالفعل نظرية السيادة المطلقة لسيادة نسبية وأصبحت السيادة المطلقة الحقيقية للمجتمع الدولي وليس لنظام أو عصابة تحكم أي إقليم من الأقاليم في العالم، والغريب أن ما يسمى بالعالم العربي والإسلامي وهو أول من هلل وصفق ورحب بحلول الفكرالسياسي الدولي الجديد محل الفكر العتيق لكان مسلمي البوسنة هو أول المستفيدين من ذلك وبالفعل دكت طائرات القوات الدولية الصرب من أجل مسلمي البوسنة وتم القبض على القيادات السياسية والعسكرية بيوغسلافيا وتقديمهم للمحكمة الدولية.

وبعيداً عن الفكر العربي والإسلامي الريديكالي ومن خلال متابعتنا للظروف والأحداث السياسية في العالم من حولنا نستطيع القول بأن الأشياء العتيقة قد مضت هوذا الكل قد صار جديداً، نعم لقد تغير الفكر السياسي العالمي ليس فقط في مسائل النزاع المسلح بل في مسائل حقوق الإنسان وأهمها حرية ممارسة العقيدة, صحيح وإلى الآن لم يستخدم المجتمع الدولي القوة في حالة إنتهاك حقوق الإنسان إلا في حالة الحق في الحياة أي حالات الإعتداءات بالقتل المقترن بالتطهير العرقي, ولكن أنا واثق أن مسألة حقوق الإنسان أصبحت الشغل الشاغل للمفكرين والسياسيين في العالم، وكما كان محاكمة رئيس دولة كالبشير أمراً مستحيلاً بالأمس وأصبحت واقع الآن وأصبحت كل ما تصبو إليه الدولة والدول الصديقة والشقيقة هو تاجيل المحاكمة لمدة عام، فسيأتي اليوم الذي يحاكم فيه رؤساء وملوك دول على انتهاك أبسط حق من حقوق الإنسان وسيأتي اليوم الذي سيُفرض على كل الدول قوانين حقوق الإنسان فرضاً.
البعض يظن أن الأمر قد يحتاج لسنوات وسنوات ولكن لو نظرنا للتغيرات التي حدثت من بداية التسعينات وحتى الآن لأدركنا أن الحلم قد اقترب, ونحن نطالب بحقوق الأقباط ونطالب بالمساواة والمواطنة الكاملة لهم نتمنى من النظام المصري أن يعي الدرس ويعي حجم التغيرات الدولية ويسارع بحل مشاكل الأقباط بقرار وبأيدي مصرية وطنية قبل أن يُفرض على النظام الحل، فحقوق الإنسان لم تصبح شأن داخلي بل أصبحت شأن دولي عالمي.
Medhat-eweeda@hotmail.com

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢ صوت عدد التعليقات: ١ تعليق