80 ألف شرطي إسرائيلي لحماية الزيارة
في الوقت الذي تعتبر فيه إسرائيل الرسمية زيارة بابا الفاتيكان، بنديكتوس السادس عشر، حدثا سياسيا بالغ الأهمية وإنجازا دبلوماسيا كبيرا للحكومة، اجتمع قادة أحزاب وتنظيمات اليمين اليهودي المتطرف وقرروا التصدي لهذه الزيارة وتشويشها وطالبوا الحكومة بإلغائها. من جهتها كشفت الشرطة عن حشد 80 ألف شرطي لحراسة زيارة البابا في الأسبوع القادم. وكانت هذه الزيارة، التي تبدأ يوم الاثنين المقبل، قد شهدت عدة عقبات منذ الإعلان عن نية البابا القيام بها. فقد بدأت بخلاف مع متحف ضحايا النازية في القدس، حيث طلب البابا إزاحة لافتة تمس بالفاتيكان وتتهمه بالسكوت على جرائم النازية، ثم نشب خلاف حول زيارة البابا إلى قطاع غزة، حيث أصرت إسرائيل على أن لا تتم زيارة كهذه لأنها لا تتحمل مسؤولية أمنية عنها. ثم نشب خلاف حول القداس الاحتفالي في الناصرة، الذي حاولت الشرطة الإسرائيلية نقله إلى حيفا بذريعة الأمن. كما نشب خلاف حول طلب الفاتيكان أن يسجل على اسمه ثمانية مواقع مقدسة في القدس والناصرة وطبريا، ولكن وزير الداخلية إيلي يشاي رفض ذلك بشدة. ولكن الطرفين، حكومة إسرائيل برئاسة إيهود أولمرت في حينه، والفاتيكان، عملا على تسوية الخلافات من أجل تنفيذ الزيارة. فاتفق على إجراء القداس في الناصرة وإلغاء الزيارة إلى غزة وإخفاء اللافتة في المتحف المذكور ومواصلة المحادثات حول طلب الفاتيكان حول تسجيل مواقع باسمه. ورأت الحكومة الإسرائيلية في هذه الزيارة أهمية سياسية واقتصادية كبرى، تعزز العلاقات بين إسرائيل والعالم المسيحي. ورأى فيها الفاتيكان أهمية دينية بالغة، حيث إن كل بابا يتمنى أن يصلي في الأراضي المقدسة.
وقد واجهت الحكومة الإسرائيلية معارضة داخلية لهذه الزيارة من جهتين، الأولى هي الحركة الإسلامية في إسرائيل بقيادة الشيخ رائد صلاح (الجناح الشمالي)، التي تنتقد البابا بنديكتوس السادس عشر بسبب تصريحات نسبت إليه في السنة الماضية قال فيها إن الإسلام يحرض على العنف، وطالبته بالاعتذار الصريح عنها ودعت إلى مقاطعته. والثانية من تنظيمات يهودية متطرفة، دعت إلى إلغاء الزيارة وهددت بالتشويش عليها.
ونشرت، أمس، وقائع اجتماع عقدته تنظيمات اليمين المتطرف، أمس، خصيصا لهذه الزيارة، ترأسه البروفسور ميخائيل بن يائير، عضو الكنيست عن حزب الاتحاد القومي اليميني المعارض، وقال فيه إن البابا هو عدو إسرائيل واليهود. وإنه لا يحضر إلى إسرائيل بأيد نظيفة فهو معاد للسامية وعضو سابق في الشبيبة النازية الألمانية والكنيسة تحت قيادته تواصل اتهام اليهود بقتل السيد المسيح. وقال باروخ مارزل، من قادة الاستيطان اليهودي في الخليل، إن زيارة البابا جاءت لتعزز من مكانة المسيحية في الأرض المقدسة و«هو أمر يجب أن يرفضه اليهود أصحاب هذه الأرض».
وقال دوف شتاين، رئيس تنظيم ديني متطرف يسمى «سنهادرين»، إن «المسيحية أخطر على اليهود من الإسلام، لأنها مسؤولة عن محاولات إبادة اليهود»، وأضاف: «لولا المسيحية لكان عدد اليهود اليوم نصف مليار نسمة في العالم». وحضر الاجتماع العقيد السابق في الجيش الإسرائيلي، داني باز، الذي يعمل حاليا في «اصطياد» قادة سابقين في الجيش النازي، فقال إنه لا يوجد في التاريخ البشري تنظيم إرهابي أكبر وأخطر من الكنيسة الكاثوليكية. وقائد هذه الكنيسة اليوم، البابا بنديكتوس هو مجرم». وتوجه بالدعوة إلى جنود الجيش الإسرائيلي الذين سيسهمون في حراسة الزيارة داعيا إياهم إلى رفض الأوامر والامتناع عن هذه الخدمة. وقال المحامي باروخ يوسف، المستشار القضائي لهذا التنظيم، إن زيارة البابا مناسبة لإطلاق مشروع يهودي وطني باقتلاع كل المسلمين والمسيحيين من الأرض المقدسة. وتقرر في نهاية الاجتماع شعار موحد لحملتهم ضد البابا بعنوان: «لك روما، ولنا نحن القدس».
وكانت الشرطة الإسرائيلية والمخابرات وسائر الأجهزة الأمنية قد قررت حشد 80 ألف رجل أمن لحراسة زيارة البابا منذ بدايتها يوم الاثنين المقبل وحتى نهايتها في يوم الجمعة. وقال دودي كوهن، المفتش العام للشرطة، أن جهازه يعمل في سبيل أن تنجح الزيارة بنسبة 110% وألا يقع خطأ واحد فيها مهما يكن صغيرا. وأجرت هذه القوات تدريبات واسعة أول من أمس. |