بقلم: القس/رفعت فكري
بدعوة من مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام ذهبت صباح الأربعاء 6 مايو 2009 لحضور ورشة عمل بعنوان "التمثيل الاجتماعي وتعزيز المشاركة السياسية", وشارك في هذه الورشة عدد من الشخصيات العامة وبعض الصحفيين وقادة الفكر والرأي من كافة التيارات السياسية وعدد من ممثلي الأحزاب, بدأت الورشة بكلمة افتتاحية من الدكتور عبد المنعم سعيد مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية, أكد فيها على أن الآباء المؤسسين للدولة المصرية كانوا ينشدون وجود الدولة المدنية التي تضم جميع أبنائها باعتبار أنهم الجماعة الوطنية , والجماعة السياسية .
ثم تحدث في الجلسة الأولى الأستاذ كوري فولان وهو استشاري خاص في مجال النظم والقوانين الانتخابية وكان موضوع محضرته "أساليب ضمان التمثيل الاجتماعي في الانتخابات وقال في كلمته إنه من ضمن خصائص نظام الانتخابات البرلمانية في الديموقراطيات النيابية التشكيل النيابي " التمثيلي بأقصى قدر ممكن " ففي الوضع المثالي يجب أن يعكس البرلمان جموع الناخبين على كل المستويات التي يجدها الناخبون ذات صلة , مثل البعد السياسي, أو الجغرافي , أو الديني , أو العرقي , أو المهني , أو الطبقي , أو النوع , أو العمر,..... الخ , غير أن ذلك لن يصبح عملياً بالمرة ليتضمنه النظام الانتخابي بينما هو غير مطلوب , وفي معظم الحالات يكفي التشكيل الواسع للبرلمان شريطة تغطية أهم الأبعاد بأسلوب عادل بحيث لا تستبعد أي جماعات بشكل منهجي نتيجة لانتمائها الاجتماعي . وأضاف فولان أنه من المفترض في الديموقراطيات النيابية ذات التعددية الحزبية أن البعد السياسي لأحد الانتخابات هو الأهم على الإطلاق , وقد يتضمن البعد السياسي جميع الأقسام السياسية بحيث تتنافس جميع الجماعات السياسية ( الأحزاب ) في الانتخابات بناء على الآراء المعبر عنها وعلى برنامج لمستقبل الدولة . وفي بعض المجتمعات قد تتناظر الأقسام السياسية مع أقسام عرقية أو دينية , ولكن على المدى البعيد نأمل أن تستقي الأحزاب السياسية تأييدها من جميع الجماعات بغض النظر عن العرقيات والمعتقدات .
وأضاف فولان إنه حتى مع انخفاض مستوى الصراع بين العرق والدين , قد يكون من الأفضل ضمان التمثيل الاجتماعي سواء العرقي , أو الاجتماعي , أو الديني , إضافة إلى النوع الاجتماعي , تمثيلاً عادلاً في البرلمان . وفي الديموقراطيات المستقرة , قد يكون هذا التمثيل ضرورياً للحفاظ على الاستقرار وضمان شعور الأقليات بالأمان داخل النظام السياسي , كما أن التمثيل الاجتماعي قد يشكل قيمة في حد ذاته .
وبخصوص تمثيل المرأة قال فولان إنه قد استحدث عدد متزايد من الدول ضمانات لتمثيل المرأة في البرلمان , ففي الوضع التقليدي لم تحظ المرأة بتمثيل كاف في الهيئات السياسية ولم تستطع التمتع بتمثيل عادل إلا بواسطة ترتيب قانوني . وفي الديموقراطيات القديمة حيث كان يُترك تمثيل المرأة للأحزاب , استغرق التطور نحو المساواة في التمثيل قروناً , ولكن في الديموقراطيات الحديثة , كثيراً ما كان يُفضل كضرورة لتقليل الوقت للوصول إلى تمثيل معقول باستخدام التدخل الإيجابي .
وعن نظم القوائم النسبية قال فولان قد يُطلب مثلاً أن تكون حصة محددة على الأقل من مرشحي الحزب من إحدى الأقليات , وحيث أن المقاعد التي يفوز بها الحزب يتم ملؤها من أعلى إلى أسفل القائمة لا يمكن وضع مرشحي الأقليات أسفل القائمة , ولذلك يتعين وجود اشتراطات لكل من عدد مرشحي الأقليات وترتيبهم على القوائم , ويستطرد فولان وقد لا يكون شرط التمثيل الجماعي هو نفسه المطبق على كل الدوائر , فعلى سبيل المثال , قد يكون القرار في إحدى الدول ذات الأغلبية المسلمة هو حماية الأقلية المسيحية , وعليه يكون الاشتراط في إحدى الدوائر انتخاب على الأقل 20% من المسيحيين . ومن الطرق الشائعة لذلك القاعدة التالية : بين أول خمسة مرشحين على القائمة يتعين أن يكون أحدهم على الأقل مسيحياً , وبين أول عشرة مرشحين يتعين أن يكون أتنان منهم على الأقل مسيحيين , الخ وإذا وضعت كل القوائم مرشح الأقلية في أدنى ترتيب قانوني ( الترتيب الخامس مثلاً ) ولم يفز أي حزب بأكثر من 4 مقاعد في الدائرة, فلن يتم انتخاب أي مرشح من الأقليات, ولذلك فقد يتعين تعزيز الشرط عن طريق اشتراط وضع أول مرشحي الأقليات في أعلى القائمة ( الترتيب الثاني مثلاً ) ... ويمكن تكرار هذه القاعدة على أكثر من جماعة واحدة ( النوع الاجتماعي مثلاً ) غير أن تعقيد النظام يزداد بإضافة المزيد من الجماعات والأحزاب التي ستجتهد لوضع قائمة جيدة وقانونية.
وما قاله فولان في محاضرته يؤكد ما سبق أن قاله الأستاذ مجدي خليل في مقاله "التمثيل النسبي والتمثيل الطائفي" والذي نشر في كتاب "مصر لكل المصريين" الصادر عن جماعة "مصريون ضد التمييز الديني" حيث قال "هناك تجارب لدول تعاملت مع قضية انتهاك حقوق الأقليات وهي تُسمى في القانون بالإجراءات الخاصة وقد اتخذت هذه الاجراءات أكثر من مسمى وآلية ففي أمريكا تُسمى "الاجراء التوكيدي" وفي أوربا تُسمى "التمييز الإيجابي", وفي بعض الدول تُسمى "بالانعاش الملائم للأقليات عن طريق المعاملات التفضيلية" وهذه الاجراءات هي لمساندة الجماعات المضطهدة والمهمشة حتى انتهاء الاضطهاد والتهميش والارتقاء بوضعها ليماثل وضع الأغلبية وهي اجراءات مؤقتة لضمان المعاملة المنصفة لأعضاء مجموعات تعرضت تاريخياً إلى تمييز مقصود كما أنها لتسريع قيام مجتمع مندمج بالفعل " .
نعود مرة أخرى لما قاله فولان فهو استعرض في ورقته البحثية القيمة بعض النظم الانتخابية , وخبرات بعض الدول التي حرصت على تمثيل كافة فئات مواطنيها في المشاركة السياسية مثل الهند , ولبنان , والسودان ,ونيبال , ولبنان , وغيرها .
أما الجلسة الثانية في ورشة العمل فكان عنوانها " السيناريوهات المحتملة لتعزيز التمثيل الاجتماعي في البرلمان المصري" وأدار هذه الجلسة الدكتور طه عبد العليم نائب مدير مركز الدراسات السياسية بالأهرام , وشارك في هذه الجلسة جميع الحاضرين , فماذا قالوا ؟!! وماذا كان مضمون حديثهم ؟!! هذا ما سنراه في المقال القادم !! |