بقلم: زهير دعيم
هنا... في الناصرة سبّحت العذراء النقيّة ترنيمة الأجيال:
"تُعظِّم نفسي الربّ وتبتهج روحي بالله مُخلّصي"
هنا... في الناصرة حظيَ المِنشار بيد صانع الدُّنيا يداعب الأخشاب.
هنا... في الناصرة يا سيّدي مشت البراءة، وغنّت الطفولة وصدحت السّماء بأغنية الخلاص.
هنا...في الجليل تحت أقدامك يا يسوع نبتت الزّنابق، وتفتّح البنفسج، واشرأبّ الورد الجوريّ.
هنا... على جبل التجلّي يا سيّدي تجلّت القداسة، ورفعت المحبّة رأسها شَمَماً وتكلّمت السّحابة!
وهناك.......
هناك... عند أقدام الجُلجثة يا سيدي طهّرتني.
هناك...عند المُنحنى في درب الآلام يا سيّدي حملت صليبكَ \ صليبي وعطّرتني بأريج تضحيتكَ.
هناك... في أريحا يا سيدي وبعد أن رميتُ عنّي رداء الماضي، فتّحتَ عينيَّ.
هنا وهناك وهنالك وفي كلّ مكان تفوح رائحة الحياة والمحبّة من ربّ الحياة مَن ذاك الذي هدّأ العاصفة، وأخرّس الموج، وقهر الموت والبَرَص، وأفحم الفرّيسيين والكَتبة.
هنا وهناك ما زال ربّ الحياة يدخل والأبواب مُغلّقة ويُطمئِن: لا تخافوا.. ثقوا أنا قد غلبت العالم... سلامي لكم، ليس كما يعطيكم العالم.
هنا وهناك ستسقط القشور من العيون، وستسمع كلّ أذن بالخلاص المجّانيّ وتُقرّر: هل تتبع الحياة، أم الموت؟
هل تتمتع بما أعدّه الله لخائفيه من أمور يعجز تفكيرنا عن وصفها وشرحها وتصوّرها أم "نتمتع" سابحين في بحيرة النار مع الكذّاب وأعوانه؟!
وأخيراً...
هنا إثمٌ يركض وطمع يُهرولُ وشهوةٌ تقفزُ، وأنانيّة تُطلّ من كلّ نافذةٍ، وظلمٌ يُعربد، وزنىَ يُقهقه، وحقد يملأ الصّدور، وأنبياء كَذَبة في سربالٍ من نور!!
وهناك.....
حَمَلٌ يُضيء مع أبيه الأكوان والسموات وملكوت يقطر قداسةً وطمأنينة، وأورشليم الجديدة المُسربلة بالياقوت والزبَرجد، ومحبة تفوق العقول تنتشر وتنتشر وتطغي، وحياة لا تعرف الانطواء، وأبدان سمائية لا تعرف المرض ولا الأنين ولا الأوجاع.
هنا الدّنيا....... وهناك السَّماء، وشتّانَ بين الاثنتين!! |