بقلم: مادلين نادر
الحادث المأساوي الذي أفجعنا جميعًا ليلة رأس السنة، والذي استهدف كنيسة القديسين بـ"الإسكندرية"، أصابنا جميعًا بحالة من الدهشة والإحباط، وأصبحنا نتساءل كثيرًا عن متناقضات وطننا الذى نعيش فيه! فكيف يحدث مثل هذا الهجوم الغاشم على الكنيسة، بالرغم من التواجد الأمني المفترض، وبالرغم من وجود تهديدات سابقة تستهدف للكنائس المصرية، والأكثر من ذلك، إنه لم يمر عام على الجريمة البشعة في "نجع حمادي"؟!!!
أسئلة كثيرة بداخلنا نجد إجابات غير منطقية أو حتى مقنعة من قبل العديد من المسئولين.. بل إن النغمة السائدة على لسان بعض المسئولين في الدولة، يقولون أن الحادث كان مقصود به المسيحيون والمسلمون، ويدلِّلون على ذلك بوجود المسجد أمام الكنيسة! بالرغم من أن كل كنيسة تُبنى يُبنى أمامها مسجد، وفي بعض الأحيان مسجد وزاوية أيضًا!!!
لن أتحدث عن عدد الشهداء بهذا الهجوم البشع على المسيحيين في ليلة رأس السنة، أو عدد المصابين الذى قارب على المئة شخص، ولكني فقط أفكِّر في الأطفال الصغار الذين أُصيبوا في هذه الجريمة البشعة، ورأوا بأعينهم جثث الشهداء وأشلاءهم على الارض، وهم غارقين في دمائهم!! كيف يفكِّر هؤلاء الأطفال إذًا في وطنهم وفي مستقبلهم به؟
وأثناء مشاهدتي للمصابين، تحدَّثت طفلة لم تتعدى التسع سنوات من عمرها، والتي تحدَّثت ببراءة الأطفال، ولكنها أجابت عن جزء مما كنت أفكِّر فيه، وفي حيرة شديدة منه. فلقد قالت الطفلة "فيرينا" كلمات يجب أن يلتفت إليها القائمون على هذا البلد، إذا كانوا بالفعل حريصين على مستقبل الوطن، وعلى أمنه واستقراره كما يقولون ويرددون هكذا دائمًا.
فلقد قالت الطفلة "فيرينا": "أنا كنت بطلب من بابا يسوع إن السنة الجديدة تكون حلوة.. لكن حصل حاجات مش حلوة مش عارفة.. أنا مش عارفة إحنا عملنالهم إيه علشان يعملوا فينا كده.. حرام بجد..."
ووصفت "فيرينا" منظر الأشلاء من حولها والدماء، ثم قالت: "نفسي نحب بعض، وفي المدرسة كده نكون كلنا أصحاب.. عمرى ما شفت راجل مسلم بيهزر حتى مع راجل مسيحي.. نفسي نتعامل مع بعض كإننا كلنا مسيحيين أو كإننا مسلمين، المهم نكون كلنا بنحب بعض.."
والجملة التي ظلت تتردد في أذني طوال اليوم، ما قالته "فيرينا" في نهاية كلامها: "أنا مش عارفة أنا عملت لهم إيه.. أنا تعبت بجد".. جملة ليست ببسيطة حينما تعلن طفلة في مثل عمرها، بأنها تعبت وسئمت ولا تعرف ماذا تفعل؟!!!
أعتقد أن هذه الجملة سمعناها من الكثير من المسيحيين بأشكال مختلفة، خاصة بعد تكرار الأحداث وتلاحقها، وزيادة بشاعتها يومًا بعد يوم... ليت المسئولين يدركون بشاعة ما يفعلونه بهذا الوطن، حينما لا تكون هناك أحكامًا عادلة وسريعة.. حينما تحدث مثل هذه الجرائم.. فمنذ سنوات طويلة، ولم تُصدر أحكامًا عادلة حتى الآن. فما الذي حدث في "الكشح" أو في أحداث "المنيا"، أو حتى "نجع حمادي"؟ فلقد مرت السنوات وتأخرت المحاكمات أو تم تأييدها ضد المجهول، رغم أن الجناة معلومون!!
وبالرغم من ذلك، نحن واثقون في قدرة الله على أن يعيننا على تحمل مثل هذه المأسي. وعلينا أن نصلي دائمًا لذلك، ونطالب وباستمرار بحقوقنا بمثابرة وتحمل للمشقات دون كلل. فمهما طالت السنوات أو تأخرت الاستجابات، فنحن متيقنون بأن الله معنا، وإن كان الله معنا فمن علينا. |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|