"صناعة الموت" يحلّل الشريط الجديد
خلص مراقبون إلى أن تحليل شريط "عشاق الحور"، وهو أحدث إصدار مرئي لـ"القاعدة"، يظهر أن التنظيم يخوض حرباً فكرية يائسة ضد وسائل الإعلام وعلماء الدين، في محاولة لتبرير العمليات الانتحارية من الناحية الشرعية.
فقد جاء الإصدار الذي زادت مدته على الساعة ونصف الساعة، ليهاجم وسائل الإعلام وعلماء الشريعة، ويستعرض عدداً من العمليات الانتحارية التي جرت في الجزائر، ويقدم أصحابها على أنهم "أبطال وشهداء"، رغم أن التحليل الحركي الدقيق لصورهم أثبت أن معظمهم تعاطى عقاقير قبل الذهاب لتنفيذ هذه العمليات، كي يظهروا رابطي الجأش أمام الكاميرا.
وناقشت الحلقة الجديدة من برنامج "صناعة الموت"، الذي تقدمه الزميلة ريما صالحة على قناة "العربية"، مساء غد الجمعة 15-5-2009، مضمون الشريط، الذي يظهر محاولة منظّري القاعدة البحث عن أي تأصيل شرعي يبرر الانتحار، وقدم الشريط عرضاً لفتوى أصدرها يوسف العييري القائد السابق لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذي قتل منذ سنوات.
ويستند العييري "لقصة الغلام" باعتبارها تقدم دليلاً شرعياً على جواز هذه العمليات، وهو الأمر الذي فنده الشيخ عبدالمحسن العبيكان، حيث شرح قصة الغلام التي وردت في سياق قصة أصحاب الاخدود.
ومفاد القصة أن "الغلام كان يدعو لدين الله واستجاب له عدد كبير من الناس. ولما علم الملك الظالم بذلك جاء بالغلام ليعدمه رمياً بالسهام وسط الحشود. لكنه فوجئ بأن السهام تتكسر على جسده ولا تصيبه في كل مرة. ولما تكرر ذلك سأل الملك الغلام عن السر، فأجاب: لن تقتلني إلا إذا قلت بسم الله رب الغلام قبل أن تطلق السهم. ولما فعل الملك ذلك أصاب السهم الغلام فقتله".
ويقول العبيكان إن هذه الواقعة آية تسببت في إيمان كل من شهدها. فالمغزى من قصة الغلام ليس له علاقة على الإطلاق بتشريع للانتحار أو العمليات الانتحارية؛ لأن الغلام لم ينتحر بيده ولم يسفك دمه بنفسه"، معتبراً ان محاولة الجماعات المتطرفة الاستدلال بهذه الواقعة كدليل شرعي على جواز العمليات الانتحارية "ينم عن جهل وضعف في الحجة".
وفي سياق آخر قام الدكتور مبارك الأشقر، الطبيب المتخصص في علم الفراسة والتحليل الحركي بالجامعة الأمريكية ببيروت، بتحليل ما تضمنه الشريط من مشاهد لانتحاريين يقومون بأداء وصاياهم الأخيرة أو ينشدون أو يتجهون لتنفيذ العمليات الانتحارية.
وشرح وجود العديد من الأدلة التي تشير إلى أن هؤلاء الانتحاريين قد تناولوا بعض العقاقير المثبطة لعمل الغدة النخامية، وهي أدوية معروفة تستخدم أحياناً كمضادات للاكتئاب، وتظهر بعض آثارها في حركاتهم وتعبيرات وجوههم ووجود بعض الثقل في حركة الأيدي واللسان وتعبيرات الوجوه وهم يتحدثون أثناء ذهابهم لتنفيذ العمليات.
وقد ظهر من خلال المشاهد التي تضمنها الشريط أن الانتحاريين أنفسهم يظهرون في مقاطع أخرى قبل تنفيذ العملية بأيام وهم يتحدثون ويتحركون بطريقة طبيعية دلالة على أنهم ليسوا تحت تأثير العقاقير، بينما تظهر تأثيرات العقاقير واضحة على حركتهم ووجوههم فقط في المشاهد التي تظهرهم قبيل القيام بالعملية، إذ تساعدهم العقاقير على الثبات وعدم الخوف أو التراجع أو الارتباك عندما تحين اللحظة الحاسمة لتفجير أنفسهم. |