بقلم: عماد توماس
تعبير "الإنجيل الخامس" قرأته منذ سنوات عديدة لكاتب ارجنتينى يدعى خوان كارلوس، فالمعروف أن عدد الأناجيل في الكتاب المقدس أربعة، بحسب ما دونها متى ومرقص ولوقا ويوحنا، أما الإنجيل الخامس فهو إنجيل جديد يكتبه الآن أقباط مصر بدمائهم الذكية، يمكنا أن نطلق عليه "الإنجيل الخامس بحسب ما كتبه أقباط مصر".
والإنجيل كلمة يونانية تعنى الخبر السار أو البشارة المفرحة، فعندما ظهر ملاك الرب لجماعة من الرعاة قال لهم : " لاَ تَخَافُوا! فَهَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ: أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ" (لوقا 10:2-11).
فقد اعتدنا على ترديد مثل هذه الآيات المعزية التي تعبر عن الفرح والسلام ، نتمسك بالوعد في إنجيل يوحنا 16 : 14 " إلى الآن لم تطلبوا شيئا باسمي .اطلبوا تأخذوا ليكون فرحكم كاملا" وننسى أن نفس الإصحاح في عدده الأخير يقول "فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ، وَلكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ» يوحنا 16: 33
سيكون هذا "الإنجيل" الجديد شهادة تاريخيه على التمييز والاضطهاد الديني الذي يتعرض له الأقباط في وطنهم.
سيكتب في هذا الإنجيل أسماء مثل ابانوب وإخوته من شهداء نجع حمادي الذين كان كل جريمتهم أنهم ذهبوا للصلاة للاحتفال بالعيد في كنيستهم!!
سيُكتب اسم الشهيد الشاب ملاك سعد عزيز -23 عامًا- من قرية "تتا" بمحافظة المنوفية، والذي قُتَل في فبراير من العام الماضي- بعيار ناري على يد حارس أمن المضيفة التي اعتقدت الشرطة بتحويلها لكنيسة، وجاء تقرير الطبيب الشرعي بأن السلاح الخاص بأمين الشرطة به عيب يمكن أن يطلق النار دون الضغط على الزناد!!
سيدون في هذا الإنجيل إن محافظة مرسى مطروح -المدينة التي كانت هادئة- كيف قام بعض البدو والسلفيين في مارس الماضي بالاعتداء وحرق 18 منزلا و5 ورش و10 سيارات وقذف مبنى خدمات تابع للكنيسة !!
سيذكر في هذا "الإنجيل " أن أطفالا ونساءً وشبابًا ومسنين تم القبض عليهم في "غزوة العمرانية" بعد أن قامت قواتنا المصرية الباسلة بإطلاق الرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع على المحتجين على وقف أعمال البناء في المبنى الخدمي، في سابقة لم تحدث خلال 30 عام من قبل ولم يتم عقاب احد أو مساءلة احد!!
وسيدون في هذا الإنجيل أسماء شهداء كنيسة "القديسين" بالإسكندرية بداية من مريم فكرى ومايكل وبيتر ووجدي إلى نهاية كتيبة الشهود الذين استشهدوا غدرا في ليلة الاحتفال بالسنة الميلادية الجديدة!!
ومازال صفحات هذا الإنجيل مفتوحة لينضم لها كتيبة جديدة من الشهداء، فلم يعد المسيح أتباعه بحياة هادئة ناعمة لكنه نبههم وحذرهم حتى لا يعثروا في الطريق ، وفى ذلك يقول الأب المتنيح متى المسكين "سيكون لكم ضيق" هو في الحقيقة ضيق مغلوب، ينتصر بالكذب وبالتخويف المزيَّف، يفضحه طفل صغير إنْ هو حمل الصليب في وجهه ودعا باسم الرب. أما قوله "ثقوا أنا قد غلبتُ العالم" فهو بمثابة تسليم عالم مغلوب باسم الرب، لا يُخيفنا في شيء."
لقد حذر المسيح كل المؤمنين به قائلا: " سَيُخْرِجُونَكُمْ مِنَ الْمَجَامِعِ، بَلْ تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَظُنُّ كُلُّ مَنْ يَقْتُلُكُمْ أَنَّهُ يُقَدِّمُ خِدْمَةً للهِ. " فما أكثر المجاهدين باسم الله، لكن الله الحقيقي بريئا منهم، ينادون باسمه وهم لم يعرفونه حق المعرفة، يتحدثون إليه وليس معه !!
أليس هذا ما نراه الآن يتحقق في عالمنا العربي، من اعتداءات وتفجيرات للكنائس وقتل المصليين، في العراق ومصر ، وكل من يفعل ذلك يعتقد انه سيذهب إلى الجنة الموعودة، رغم أن "جنة عدن" قد غرقت في الطوفان في أيام نبي الله نوح!!
أتذكر فيلمًا سينمائيا شاهدته منذ عدة سنوات بعنوان "الجنة الآن" يحكى عن شابين فلسطينيين، تم غسل أدمغتهم بأفكار جهادية لإجراء عملية انتحارية في تل أبيب، واقتنعا بما شحنوهم من أفكار ومعتقدات بأنهما سيذهبان إلى "الجنة" بعد انتحارهم وقتلهم لأكبر عدد من الضحايا، وذهبا معا لإجراء العملية وفشلت المحاولة الأولى وحدث أن التقى احد الشابين بفتاة مغربية تعمل مراسلة صحفية وأحبا بعضهما البعض وبدأت أفكاره وعادته تتغير بفضل الحب الجديد الذي طرأ عليه، وحانت لحظة إجراء العملية الانتحارية مرة أخرى وارتدوا ملابس عرسان كأنهم ذاهبون إلى فرح واستطاعا الدخول إلى تل أبيب وركبا معًا أتوبيسا يحمل بعض الركاب من كبار السن وجنود إسرائيليين ، وقام المخرج العبقري في المشهد الختامي للفيلم بعمل زووم على عين واحد من الشابين المجاهدين وانتهى الفيلم بنهاية مفتوحة تاركا الإجابة على التساؤل هل سيقوم الشابين بتفجير أنفسهما أم سيتراجعا ؟
فهل يستطيع الحب أن يغير فكرهم واعتقادهم أم أن مورثاتهم الثقافية وغسيل أدمغتهم سينتصر في النهاية ؟ وهو سؤال اترك إجابته لك سواء أن كنت قد شاهدت الفيلم أو قرأت فكرته في هذا المقال؟
وأختم بما قاله رسول المسيحية بولس في رسالته إلى كنيسة روما الإصحاح الثامن : " 35مَنْ سَيَفْصِلُنَا عَنْ مَحَبَّةِ الْمَسِيحِ؟ أَشِدَّةٌ أَمْ ضَِيْقٌ أَمِ اضْطِهَادٌ أَمْ جُوعٌ أَمْ عُرْيٌ أَمْ خَطَرٌ أَمْ سَيْفٌ؟ 36كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ:«إِنَّنَا مِنْ أَجْلِكَ نُمَاتُ كُلَّ النَّهَارِ. قَدْ حُسِبْنَا مِثْلَ غَنَمٍ لِلذَّبْحِ». 37وَلكِنَّنَا فِي هذِهِ جَمِيعِهَا يَعْظُمُ انْتِصَارُنَا بِالَّذِي أَحَبَّنَا. 38فَإِنِّي مُتَيَقِّنٌ أَنَّهُ لاَ مَوْتَ وَلاَ حَيَاةَ، وَلاَ مَلاَئِكَةَ وَلاَ رُؤَسَاءَ وَلاَ قُوَّاتِ، وَلاَ أُمُورَ حَاضِرَةً وَلاَ مُسْتَقْبَلَةً، 39وَلاَ عُلْوَ وَلاَ عُمْقَ، وَلاَ خَلِيقَةَ أُخْرَى، تَقْدِرُ أَنْ تَفْصِلَنَا عَنْ مَحَبَّةِ اللهِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا" |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|