CET 09:30:54 - 07/01/2011

أخبار مصرية

إيلاف - كتب : محمد نعيم
 ماج الشارع المصري بردود فعل ساخطة على زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ولقائه الرئيس مبارك. وفي وقت إنصهرت أبواق المعارضة المصرية مع آراء أكثرية المواطنين في بوتقة رفض الزيارة، رأت الدوائر الرسمية أن الشعارات الحماسية تخالف العمل السياسي.
 
 
القاهرة: تميزت ردود فعل المعارضة المصرية تجاه زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إلى القاهرة ولقائه الرئيس حسني مبارك، بالغضب، فكانت ردود الفعل أشد حدة من سابقاتها التي تلت زيارات مماثلة لمسؤولين إسرائيليين، خصوصاً أنها تأتي في أعقاب الكشف عن شبكتي تجسس للموساد في مصر، فضلاً عن أصابع الإتهام الشعبية التي تشير إلى ضلوع الموساد في العمل الإرهابي الآثم، الذي إستهدف كنيسة القديسين في مدينة الإسكندرية ليلة رأس السنة الميلادية. ورغم أن التحقيقات الأولية في الحادث تؤكد مسؤولية تنظيم القاعدة عنه، إلا أن أكثرية الخبراء يرون أن الأيدلوجية التي تم تنفيذ العملية بها لا تبعد كثيراً عن صياغة الأجهزة الأمنية في تل أبيب، وربما عجت العديد من وسائل الإعلام المصرية بهذا التوجه، غير مستبعدة الربط بين هذه العملية ومثيلتها التي وقعت مؤخراً في كنيسة "النجاة" في العراق.
 
أمن مصر القومي
 
في سياق ردود الفعل الغاضبة على زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى مصر، قال الدكتور رفعت السعيد في حديث لـ"إيلاف" أن "أمن مصر القومي يفوق في أهميته أية قضايا تُطرح على بساط البحث مع نتانياهو أو غيره من الشخصيات الإسرائيلية، فقبل أيام كشفت الأجهزة الأمنية المصرية شبكتي تجسس للموساد في مصر، وكان من اللائق قطع العلاقات بين القاهرة وتل أبيب وسحب السفير المصري إعتراضاً على حرب التجسس التي تقودها إسرائيل ضد مصر والدول العربية". وأضاف السعيد: "إن تورط القاهرة في التوقيع على إتفاقية السلام مع إسرائيل، كان له بالغ الأثر في التغاضي عن بعض الخروقات التي ترتكبها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة في حق مصر، وعلى سبيل المثال لا الحصر لن تستطيع الدوائر المعنية توقيع عقوبة الإعدام على الجاسوس المصري، حال ثبوت أدلة إدانته بالتخابر لصالح إسرائيل، لأن إتفاقية السلام بين الدولتين تحول دون الإقدام على تلك الخطوة".
 
أما فيما يتعلق بتبريرات زيارة نتانياهو لمصر بمناقشة جديد القضية الفلسطينية، فيرى الدكتور السعيد أنه "بات واضحاً أن حكومة الليكود وغيرها من الحكومات الإسرائيلية لا تصلح شريكاً في صنع السلام، سواء مع الفلسطينيين أو غيرهم من أصحاب الملفات العالقة مع إسرائيل. فحكومة الليكود بقيادة نتانياهو تدفع بالممارسات الإستيطانية في وجه أية محاولة جادة لإنهاء النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة". وأوضح أن "تلك المعطيات تجعل من زيارة نتانياهو أمراً غير مقبولاً، سواء في ما يخص مصر أو الفلسطينيين، ولن تقود المباحثات التي أجراها الرئيس مبارك مع نتانياهو إلا إلى خيارات صفرية، لا تخدم العملية السلمية وربما تبدأ بالقضية من النقطة رقم واحد مجدداً، إن كان هناك نقاط تقدم يمكن الحديث عنها على هذا المسار".
 
زيارة استفزازية
 
من جهته، وصف المعارض المصري حمدين الصباحي، وكيل مؤسسي حزب "الكرامة" سابقاً، في حديث لـ"إيلاف" زيارة نتانياهو إلى القاهرة "بالخطوة الإستفزازية، التي قد تُفقد الحزب الحاكم ورئيسه أسهماً لدى الشارع المصري، خصوصاً في توقيت يسبق إنتخابات الرئاسة المصرية بأشهر معدودة". وبحسب الصباحي فإنه كان يجب "وقف هذه الزيارات في هذا التوقيت البالغ الحساسية، فلم يندمل جرح المصريين وما زال ينزف بعد الكشف عن شبكتي الموساد في مصر، فضلاً عن أن هناك رفضاً شعبياً عارماً للتقارب المصري الإسرائيلي، غير أن إتفاقية السلام تفرض إقامة علاقات سياسية ودبلوماسية وإقتصادية مع عدو الماضي، على الرغم من المنغصات التي تفرض نفسها على أرض الواقع الفينة تلو الأخرى، ويكون لإسرائيل السبب الرئيسي فيها".
 
واعتبر الصباحي أن هناك "سؤال محوري هو: هل يرتمي النظام المصري في أحضان إسرائيل لصالحه أم لصالح شعبه؟ والحقيقة أن صالح الشعب المصري سياسياً واقتصادياً لا يعتمد على إسرائيل، وإنما لا يخدم ذلك سوى النظام فقط، فهناك العديد من الشركات والمؤسسات المصرية العملاقة التي تمارس نشاطها في الخفاء أحيانا وفي العلانية أحيانا أخرى مع العدو الصهيوني لصالح النظام فقط، ولا يجني الشعب من تلك الأنشطة سوى الاصابة بالأمراض المستعصية كالكبد الوبائي والسرطان، ولا يخفى على الجميع صفقات المبيدات الزراعية المسرطنة التي إستوردتها مصر من إسرائيل وما زال المصريون يعانون من تبعاتها الصحية حتى الآن".
 
وخلص الصباحي إلى أنه "يكفي الإشارة إلى أن إسرائيل هى التهديد الحقيقي الذي يزعزع أمن وإستقرار مصر ومنطقة الشرق الأوسط بشكل عام، ولا ينبغي التعاطي مع هذا التهديد بخلق قنوات للتقارب معه، وفتح بوابة مصر أمام أي من المسؤولين الإسرائيليين اليوم بعد الآخر، حتى إذا كان ذلك بحجة توقيع إتفاق سلام مع تل أبيب". 
 
الشارع يعترض
 
ردود فعل الشارع المصري على زيارة نتانياهو للقاهرة، كانت ترجمة حية لآراء المعارضة في مصر، حيث يشير مهندس الكومبيوتر وائل حسن إلى أن "نتانياهو ضيف غير مرحب به على أي شبر من الأراضي المصرية، ولا يتعلق الأمر برئيس الوزراء الإسرائيلي فقط، وإنما يخُص إسرائيل بشكل عام، فلن ننسى دماء المصريين التي سالت والشهداء الذين قتلهم الإسرائيليون بدم بارد في حرب 1967، وجرائم الحرب التي ارتكبها جنرالات إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني، وأخيراً عمليات التجسس التي يمارسها الموساد ضدنا اليوم تلو الآخر".
 
بينما يتفهم وليد عزت (مضيف جوي) "مدى الحرج الذي تسببه إسرائيل للنظام المصري عندما يطلب أحد مسؤوليها لقاء الرئيس مبارك وزيارة القاهرة، فحالة الإحتقان التي تسببها إسرائيل للجماهير المصرية جراء عملياتها الإستفزازية ضد الفلسطينيين وفي الجنوب اللبناني وفي سوريا، فضلاً عما تقوم به من عمليات للتجسس ضد المصريين، تترك انطباعاً مضاداً لكل ما هو إسرائيلي وليس لزيارة بنيامين نتانياهو الأخيرة فقط". ويشير إلى أن "إتفاقية السلام المبرمة بين مصر وإسرائيل هى السبب الذي يقف حائلاً أمام رفض مصر لقاء المسؤوليين الإسرائيليين، لكنه رغم تلك الإتفاقية ترفض أطياف الشعب المصري كافة زيارة نتانياهو وغيره من مسؤولي الدولة العبرية".
 
نجاعة الدور المصري
 
على الرغم من موجة الغضب العارمة التي اجتاحت جموع الشعب المصري على خلفية زيارة نتانياهو للقاهرة، إلا ان الدوائر الحكومية رأت أن هناك فارقاً بين الشعارات الحماسية والعمل السياسي، ويرى الدكتور مصطفى الفقي رئيس لجنة الشؤون العربية والخارجية والأمن القومي في مجلس الشورى المصري أن "زيارة نتانياهو تأتي في إطار المساعي المصرية الهادفة إلى دفع العملية السلمية على المسار الفلسطيني الإسرائيلي إلى الأمام". وأضاف الدكتور الفقي في حديث لـ"إيلاف": "ان الفلسطينيين واسرائيل يدركون جيداً مدى نجاعة الدور المصري في مساعي تحريك حالة الجمود التي انتابت المفاوضات المباشرة بين رام الله وتل ابيب، بل ان الإدارة الأميركية ذاتها وبعد عجزها عن حلحلة الأزمة السياسية الراهنة، لم يعد أمامها سوى التعويل على مصر لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ولعل لقاء الرئيس مبارك برئيس الوزراء الإسرائيلي كان دليلاً على محاولة القاهرة إيجاد ثغرة يمكن من خلالها استئناف العملية التفاوضية مع الفلسطينيين، والتوصل الى تسوية تُفضي الى اقامة دولة فلسطينية مستقلة في نهاية المطاف".
 
أما حول موقف مصر من الكشف عن شبكتي التجسس الإسرائيليتين في مصر مؤخراً وصلة ذلك بالعلاقات بين القاهرة وتل ابيب، أعرب الدكتور الفقي عن اعتقاده بأن العمل الاستخباراتي لا يمكن إنكاره بين الدول الصديقة قبل العدوة، فالولايات المتحدة على سبيل المثال من أقرب اصدقاء الدولة العبرية، إلا أنه يتم الكشف بين وقت وآخر عن العديد من جواسيس الموساد في أميركا، وكان آخر هؤلاء الجاسوس الإسرائيلي المعروف جوناثان بولارد الذي بعث نتانياهو مؤخراً برسائل الى الرئيس الاميركي باراك أوباما يطالبه فيها بمنحه عفوا رئاسياً، وإطلاق سراحه من المعتقل الذي يقبع فيه منذ ما يقارب من 25 عاماً، فضلاً عن أن القضية برمتها ما زالت رهن التحقيق والمتهم بريء حتى تثبت ادانته، ولذلك لم يُطرح ملف التجسس على طاولة مباحثات مبارك – نتانياهو.
 
واستبعد الفقي تأثر العلاقات بين مصر واسرائيل بعملية التجسس الأخيرة، مشيراً الى ان كشف نشاط الشبكتين يبعث برسالة إلى تل ابيب، يؤكد فحواها ان أجهزة الأمن المصرية يقظة، وأن أية محاولة لإستهداف أمن مصر القومي ستبوء بالفشل، وأن معاهدة السلام بين القاهرة وتل أبيب لن تمنع المصريين من الدفاع عن أمنهم القومي لتفويت أية مساعي للنيل منه. 

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١ صوت عدد التعليقات: ٢ تعليق

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

جديد الموقع