بقلم: أماني موسى
جلست "اعتدال" ذات الخامسة والثلاثين بغرفتها وهي تضع رأسها بين يديها وتبكي في صمت وتنظر حولها لتجد الفستان الذي وضعته أمها بجانبها على السرير مشددة عليها ارتدائه ووضع كل ألوان الماكياج الموجودة لديها على وجهها لتخرج لها بعد نص ساعة بالظبط وهي على سنجة عشرة، دي انهاردة عروسة ولازم تكون في أبهى منظر ليها.
وفعلاً بعد نص ساعة خرجت عروستنا "اعتدال" الشهيرة بـ "اكتئاب" وعلى وجهها علامات البسمة ولكنها صفراء وممتعضة، وحينها سألتها الست الوالدة (ها طمنيني... لفي كدة عشان أشوفك لو فيه حاجة ناقصة... افتحي بقك كدة اتأكد غسلتي سنانك ولا لاءة... وريني إيدك وضوافرك كدة عشان المونيكير ........) وغيرها من الملاحظات الدقيقة المدققة تدقيقاً وكأنها بالظبط بتتأكد من سلامة البضاعة قبل بيعها للزبون!!
وبعد ما الأم تممت على البضاعة –أقصد يعني بنتها اكتئاب- رن جرس الشقة بس مكنش العريس المنتظر لكن كانت أختها "أم عبادة" وجوزها السمين "حسنين" صاحب أجمل كرش متدلي، وأول ما دخلوا جه لعروستنا "اكتئاب" اكتئاب زيادة على اللي عندها ورمقته بنظرات حادة وهو كمان راح قال لها: ياللا أخيراً هنرتاح من وشك وهتتجوزي، فنظرت له عروستنا بنظرة كلها غل وحقد وكادت أن تنفجر في وشه لولا غمز أختها لها من الخلف عشان تفوت ومتردش.
وأكمل حسنين كلامه وقال لها (بس كويس أنك أخيراً وافقتي وسمعتي كلامنا عشان العريس يجي يشوفك ويتفرج عليكي) وهنا قاطعته "اكتئاب" بوصلة من الردح والشرار يطق من عينها، وتصرخ في وجهه: هو أنا قفص أوطة جاي يتأكد أنه مفيش بايظ؟ إلى آخره....
المهم جه عريس الغفلة وكان عبارة عن كورة صغيرة متكعورة وواصل لركبة جوز أختها "حسنين" وكانه وقع منه!!
جلس العريس في الصالون ومستني العروسة تدخل وهي مكسوفة وبتقدم العصير، وهنا شددت الأم على ابنتها بأنها متفتحتش بقها إلا بتلات كلمات (رائع – ميرسي – إن شاء الله) واتكلم العريس –ويا ريته ما اتكلم- وبدأ حديثه بإلقاء السلام على أم العروسة وطبعاً منساش العروسة وألقى عليها تحيته بقوله (مسا الفل يا أبيض) وفضل يعدد في مزاياه ومميزاته –كأنه بيحكي هو كمان عن جهاز كهربائي وبيوصف ميزاته وإمكانياته وقطع الغيار والضمان-!!
واستكمل كلامه بفخر (أنا لا مؤاخذة كدة عندي خمسة (م) موطرح نعيش فيه، مرسيدس موديل 2020، موبايل، مال وفير بالبنك، ومش ناقصني غير الميم الخامسة وهي الموزة (الموزمازيل) اللي هتيجي تنور حياتي.
فبصت "اعتدال" للأرض وقالت في نفسها يالهوي أصوم أصوم وأفطر على فجلة!! وتذكرت أحلامها عن الفارس اللي هترتبط بيه وأد إيه هيكون وسيم وشجاع، وأحلامها عن قصة الحب اللي هتجمعهم والفكر الواحد اللي هيربطهم، كله راح وضاع ومفيش حل غير تلك الكورة الغنية اللي هتنقذها من حمل لقب "عانس" وهتلحق بيها أخر قطر للجواز بدل ما يفوتها.
وسرحت "اعتدال" في أحلامها الماضية وظنها العريس أن سكوتها دة علامة الرضا وأنها شخصية هادية ونادية وراح قال (والله براوة عليكي يا عروستنا... حكم أنا ولا مؤاخذة أحب الست الهادية دي اللي ميتسمعلهاش صوت، أصل الراجل مننا لا مؤاخذة بيبقى راجع من شغله تعبان وأرفان وعامل زي البحر قلاب ولا مؤاخذة وعلى استعداد للفيضان ومش ناقص زن وكلام على الفاضي والمليان فأي زلطة تترمي فيه تعكره وتفوره)!!!!
وهنا قفزت "اكتئاب من مكانها وقالت (رائع.. ممكن تسمحولي أدخل الحمام ويبقى ميرسي ليكم ونتقابل إن شاء الله بعد ما أخرج).
وخرجت من الأوضة بسرعة وطلعت ورقة ورقلم وكتبت (عريسي العزيز العزوز المعزوز، أعذرني مش قادرة اتحملك لحظات... روح دور لك على قردة وعانس غيري عشان تتجوزك) وبعتتها مع بنت أختها الصغيرة ونزلت جري على السلم وهي بتقول (أنا عانس بمزاجي... أنا عانس بمزاجي لكن أتجوز كدة لأ).
عادي في بلادي: ترضى الفتيات بزيجات غير متوافقة تنبأ بالفشل خوفاً من أخذ لقب (عانس) ، وبرأيي أنها تاخد لقب "عانس مع مرتبة الشرف" أحسن ما تاخد لقب "متجوزة مع مرتبة الأرف". |