بقلم: مادونا شاكر
أشار على ّ الدكتور ميخائيل الأقصري في تعليق له على مقالي السابق أن أسلط الضوء على هذه القضية تحديداً لما لها من أثر عميق تركته في نفوس أهل هذه القرية من الأقباط، وكانت سبب جوهري في تدمير حياة 123 قبطى جميعهم من أثرياء القرية علاوة على حُرقة ولوعة قلوبهم على فلذات أكبادهم، فوجدت أنها فعلاً جديرة بأن أعرضها عليكم لعل صراخهم يصل لآذان من لديهم ضمير حي وعقل مستنير فيستقيم العدل ولو مرة واحدة معنا، والآن دعونا نعرف ماذا حدث في هذه القرية!!.
كانت فرحة عارمة تغمر هدرا وأمير ومينا عندما هل عليهم سبت الفرح، شباب في عمر الزهور كل منهم كان متأهباً لذلك اليوم الجميل وحضور ذلك العرس السمائي المهيب بملابس الشموسية الناصعة البياض، حقاً يالها من فرحة وليلة خاصة مبهجة ينتظرها الجميع، أخذ الشباب الثلاث ملابس الخدمة وخرجوا للقاء العريس في مساء يوم 18 / 4 / 2009، وهم في طريقهم لدير مار بقطر بقرية حجازة قبلي مركز قوص محافظة قنا وعلى بُعد خطوات من الدير كانت تنتظرهم فرحة عيد القيامة على باب الدير تلوح لهم باسمة، ولكن كان للشيطان رأي آخر إذ كان مزمعاً لتقديم هدية العيد لهم ولجميع الأقباط كعادته معهم دائماً.. سيارة ميكروباص بيضاء اللون بدون لوحات معدنية بها مجموعة أشخاص تباغتهم فجأة، ينزل منها أبو بكر محمد سعيد محمد يحمل رشاش آلي يفتح النيران على هدرا أديب سعيد 22 عاماً وأمير اسطفانوس خليل 22 عاماً ومينا سمير جاد الله 21 عاماً، فيلقى إثنين من الثلاثة أصدقاء حتفهم في الحال وهم هدرا وأمير حيث فُرّغت فيهم كمية غير عادية من الرصاص لدرجة أنه بعد أن قُتل هدرا عاد إليه أبو بكر ليتأكد من موته وإمعاناً في الإنتقام فرغ دفعة كاملة من الرشاش في رأسه، مما تعسر على أهله التعرف عليه فيما بعد، أما أمير فقد تلقى دفعة كاملة في صدره وبطنه مما تسبب في تطاير أحشاؤه، أما مينا فهو يمكث الآن بين الحياة والموت بعد أن تلقى طلقة في يده وأخرى في كتفه الأيمن وثالثة في فخذه مما أدى إلى كسور مضاعفة نتيجة رشوق الطلقات في العظم بجانب النزيف الشديد الذي أفقده كمية كبيرة من الدماء، والعجيب في الأمر أن الشرطة كانت متواجدة قبل الحادث تطوف حول المكان مما جعل الجميع يتساءلون في تعجب ماذا يحدث؟ هل هناك مكروه؟ فكان الجواب ستعرفون الليلة.
عزيزى القارئ.. ألا ترى معى أن أمن القرية كان على دراية كاملة بما سيحدث في هذه الليلة بل وبترتيب مسبق مع الجناة، وإلا ما معنى وجوده قبل وقوع الجريمة؟، وما معنى تركه الجناة يفعلون فعلتهم ويفروا هاربين؟
أما جذور هذه الجريمة البشعة فإنها تعود إلى يوم السبت الموافق 6/11/2004 عندما قامت مشاجرة في سوق القرية بين عائلة أديب سعيد سليمان المشهورة بسمعتها الطيبة وثرائها لأنهم تجار خشب وتجارتهم واسعة يملكون أكثر من 20 عمارة غير المتاجر والورش وبين عائلة محمد سعيد الشهيرة بالهدايلة بسبب مشاحنات الأطفال الصغار، حيث تربصت عائلة محمد سعيد لعائلة سليمان وضربوهم بالشوم فدافعت العائلة المسيحية عن نفسها، وفي خضم المعركة لقى محمد سعيد مصرعه بضربة شومة لم يعرف أحد مصدرها، وأتهم أهل القتيل ثلاثة من عائلة (آل سليمان) وهم صليب فانوس سليمان حيث أصيب بفتح غائر في الرأس وكسرت يده اليسرى وتلقى لأكثر من ثمانون ضربة بالشومة، والثاني جميل أديب والثالث منير أديب سعيد الذي كان نائماً في شقته ولم يرى المعركة إطلاقاً، على أثر ذلك تمت جلسة عرفية من كبار رجال الأمن وأربعة من قيادات عائلات البلد وأوصوا على تنفيذ أحد شروط التهدئة وهي التهجير من البلد، وبالفعل تم ترحيل 22 أسرة من عائلة (آل فانوس) فتركوا ديارهم وممتلكاتهم وورش النجارة الخاصة بهم، وتم نهب هذه الممتلكات جميعها من مسلمي القرية حتى الأبواب لم يتركوها، وأكتفت هذه العائلات المُهّجرة بأخذ أمتعتها فقط بناء على أوامر الجهات الأمنية وكبار البلد وشرّدوا في جميع محافظات مصر وبلغ عددهم حوالي 123 شخص، وأصبحوا بلا مأوى ولا مصدر رزق لهم لمدة خمس سنوات، وتم الحكم عليهم بثلاثة سنوات لكل منهم بتهمة القتل الخطأ وتم ترحيلهم إلى سجن قنا لقضاء مدة العقوبة وصدر قرار بالإفراج عنهم في عيد الثورة 2005 بعد قضاء أكثر من نصف المدة، لكن لم يتم الإفراج عنهم أمنياً بحجة الحفاظ عليهم من قبل الجهات الأمنية إلى أن جاء اليوم المشؤم ليلة عيد القيامة لينتقموا من أولادهم بالرغم أنهم حوكموا وتشردوا ونهبت أملاكهم وفقدوا كل شيء وقتلوا أمير اسطفانوس صديق هدرا الذي لا يمت لعائلة سليمان بصلة، وقد أدلى مينا بأسماء القاتلين الذين نفذوا هذه الجريمة وهم:
أبو بكر محمد سعيد، عبد القادر محمد إبراهيم، موسى محمد سعيد، مصطفى محمد سعيد، إبراهيم موسى وآخرين.
أيها القراء الأعزاء.. لقد أجبرني عقلي رغماً عني على عقد مقارنة بين هذه الحادثة البشعة وحادثة الشاب يشوع في قرية الطيبة، بين موقف والد يشوع عندما عُقدت جلسة الصلح العرفي وتم الضغط عليه للتنازل عن حقه المدني بدعوى الصلح خير إلى درجة أُجبر فيها على قبول حكم البراءة لقاتل إبنه بعدما عاش وهم العدالة المصرية، وبين موقف الأخوة المسلمين الذين قُتل والدهم المسن في قرية حجازة نتيجة لمشاجرة العائلتين ولا أحد يعرف مِن مَن تلقى هذه الضربة القاتلة؟، وعند عقد جلسة الصُلح العرفي رفضوا بقبول الصُلح، علاوة على أن العائلة القبطية المتهمة سُجنب ثلاث سنوات وأُجبروا على التهجير من قريتهم تاركين منازلهم وممتلكاتهم يطوفون البلاد مشردين بلا مأوى، ومع ذلك لم تكتف عائلة محمد سعيد بكل هذا وإنما راحوا يغتالون فرحتهم وفلذات أكبادهم من أمام كنيسة الدير في ليلة عيد القيامة بترتيب مسبق من الجهات الأمنية .
إلى متى سنظل ندور في هذه الدائرة المفرغة وتلك الحالة التي لا تنتهي؟
هل من أحد يسمع هذه الصرخات المدوية لتلك العائلات المكلومة ويقيم العدل في هذه الغابة؟!. |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|