بقلم: جرجس بشرى
لقد أدلى كثيرون بالرأي في قضية تعامل الدولة المصرية بدءاً من مؤسسة الرئاسة ومروراً بالبرلمان ووصولاً للحكومة وأجهزتها المحلية مع أزمة أنفلونزا الطيور، وهناك من أكدوا على أن قرار الحكومة المصرية في التعامل مع الأزمة كان قراراً طائفياً ومتسرعاً وعشوائياً، وهو ما أكدت عليه منظمات وهيئات دولية عالمية.
ما أريد أن أقوله هنا هو أن قرار الحكومة المصرية بذبح وإعدام الخنازير لم يكن قراراً مُتسرِعاً أو عشوائياً كما يظن البعض، بل كان كان قراراً مدروساً ومدروساً بعناية فائقة، فهو القرار الوحيد الذي اجتمعت وأجمعت عليه الحكومة المصرية ببرلمانها وإخوانها من الجماعة المشروعة -كما سبق وأشرت إلى ذلك في مقال نشره موقع الأقباط متحدون-، فهذا القرار كشف المستور في علاقة الإخوان بالحكومة المصرية ومؤسسة الرئاسة!
والخطورة بل والكارثة في القرار هو أنه يتعلق بمصير حوالي مليون شخص مسيحي سوف يتحولون في ليلة وضحاها إلى جامعي قمامة ومشردين ومتسولين في الشوارع، وأنا لم استغرب –أبداً- هذا القرار لأنه كان قراراً متوقعاً ومُنتظراً، فالسوابق التاريخية التي يجب أن لا نفصلها عن الأحداث تؤكد على أن تحويل المسيحيين المصريين إلى شحاتين وماسحي أحذية كان حلماً يُرواد الرئيس محمد أنور السادات، الذي قال في أحد المؤتمرات أنه في خلال عشر سنوات سيتحول الأقباط إلى الإسلام، وإما سيتحولون إلى ماسحي أحذية وشحاتين، وهذا الكلام لم نختلقه بل انه جاء في كتاب بعنوان "مصير الأقباط " لمؤلفه أسامة سلامة، وبالتحديد في صفحة 227!!
وبالتالي فإجماع الحكومة والبرلمان والإخوان المسلمين بل ومؤسسة الرئاسة على قرار بذبح الخنازير كان متوقعاً لأمور تتعلق بالشريعة الإسلامية التي تحرم الميتة ولحم الخنزير، وهو ما يؤكد على أن هذا قرار ذبح وإعدام الخنازير كان قراراً عنصرياً وطائفياً بنسبة 100%، والأخطر في القرار استخدامه كذريعة ومبرر للإنقضاض على مصير عدد لا بأس به من المسيحيين المصريين ومحاربتهم في قوتهم وأرزاقهم ومصيرهم حتى يتحولون في النهاية إلى شحاتين، وبالتالي تكون الحكومة ببرلمانها قد برعت في أن تحقق إنجازا فعلياً -ولو ضئيلاً- على أرض الواقع من حلم السادات والإسلاميين، وهو جزء من حلم عربي كبير!!
إنني أطالب المنظمات الحقوقية المحلية والعالمية المعنية بحقوق الإنسان والحيوان أن تتدخل فوراً لوقف هذه المهزلة التي تحدث للمسيحيين في مصر، لأن النتائج المترتبة على القرار ستكون كارثية بالفعل، كما أطالب الرئيس مبارك أن يتدخل بصفة شخصية لوقف هذا العدوان المعنوي والمادي الذي سيلحق بقطاع عريض من الشعب المصري لدوافع دينية بحته، والفرصة سانحة الآن قبل فوات الأوان للعدول عن هذا القرار العنصري والبحث عن حلول علمية بديلة، خاصة وأن ما تم ذبحة بحسب برنامج 60 دقيقة خدمات الذي أذاعه التليفزيون المصري على القناة الثانية أول أمس الأربعاء لم يتعدى 1.5% من إجمالي عدد الخنازير في مصر والبالغ عددها حوالي 600 ألف خنزير.
فهل سيستجيب الرئيس قبل وقوع الكارثة وفوات الأوان؟
|
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|