بقلم: د. رأفت فهيم جندي
القانون الخنازيري الأخير الصادر في مصر يظهر بشاعة محاربة فقراء الأقباط، وكلما نرى مدى الظلم الحائق بإخوتنا في مصر نرى أيضاً الفخ الذي ينصبه أعداء الإنسانية وتلاميذ "وحش" سفر الرؤيا لأنفسهم، فهاهو العالم الحر كله يصنف الإدارة المصرية إما بالبشاعة أو بالجهل المطبق, ولكننا نعرف جيداً أن هذا القانون لم يكن عن جهل ولكنه صدر عن بشاعة من يقتل أخيه ثم يدقق فيما يأكله بعدها لكى لا يتنجس حسب مفهومه المريض، فبعد تصادم الإدارة المصرية مع الأخوان المسلمين في منع حماس لإحتلال سيناء, تسارع هذه الإدارة في أول فرصة تلوح لها لاسترضاء هؤلاء الإسلاميين بذبح خنازير مصر وتقديم فقراء الأقباط ذبيحة لهم أيضاً, وهذه الأدارة لم تتدخل لوقف تجارة بول البعير الشائعة في مصر هذه الأيام والمضرة بشدة للصحة العامة مما أعطى بُعداً أكبر وأوسع للنكتة القديمة القائلة بأن بعض أطباء مصر يحرمون الخمر ويحللون البول.
هذا الوجه البشع للإدارة المصرية يضعنا أمام مسؤلياتنا تجاه الرب وتجاه إخوتنا المعوزين في مصر، لقد أطلق السيد المسيح على الفقراء أنهم إخوته, وقال لنا "الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هَؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ فَبِي فَعَلْتُمْ.", وصنف الناس في مجيئه الثاني إلى قسمين القسم الذي على اليمين هو الوارث للملكوت والذي اهتم بالفقراء والقسم الأيسر هو الذي تجاهل نداء المعوزين "ثُمَّ يَقُولُ الْمَلِكُ لِلَّذِينَ عَنْ يَمِينِهِ: تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي رِثُوا الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ.. لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي. عَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي. كُنْتُ غَرِيباً فَآوَيْتُمُونِي"
الكنائس القبطية تنمو نمواً كبيراً خارج مصر ومعظم الأقباط لا يبخلون على كنائسهم بل يعطون بأكثر من طاقتهم أحياناً, ولكن البعض ينتقد توسع الكنائس بهذا الشكل, ويسأل هل نسينا الفقراء؟ وعندما سكبت المرأة زجاجة الطيب الغالي الثمن علي جسد السيد المسيح تذمر يهوذا قائلاً أنه كان من الممكن أن يُباع هذا الطيب بثلاث مائة دينار ويُعطي للفقراء، ويقول الإنجيل أنه "قَالَ هَذَا لَيْسَ لأَنَّهُ كَانَ يُبَالِي بِالْفُقَرَاءِ بَلْ لأَنَّهُ كَانَ سَارِقاً وَكَانَ الصُّنْدُوقُ عِنْدَهُ وَكَانَ يَحْمِلُ مَا يُلْقَى فِيهِ." والرب يسوع طيب عمل هذه المرأة وقال للمتذمر "الْفُقَرَاءَ مَعَكُمْ فِي كُلِّ حِينٍ" وما زالت هذه الأحداث تتكرر عند اعتراض البعض على الإنفاق على بناء الكنائس والمشروعات الكنيسة متعللين بالفقراء، فلنحذر لأنفسنا أننا ربما نقول ذلك ليس عن محبة للفقراء ولكن لأننا سارقين للصندوق، وسرقتنا للصندوق تأتي من عدم دفعنا العشور التي اؤتمنا عليها، فهذه الكنائس أيضاً تحمل على عاتقها مسؤوليات الأجيال القادمة, وكذلك تضع هذه الكنائس أمام أعينها أخوة الرب عملاً بقول السيد المسيح "كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَعْمَلُوا هَذِهِ وَلاَ تَتْرُكُوا تِلْكَ" فكل كنيسة قبطية لها قناة شرعية لإعالة الفقراء الذين قال عنهم المسيح أنهم أخوته والذين يضغطون عليهم في مصر ويضطهدونهم بكل الطرق الممكنة وإسرعها لإنكار الإيمان.
البعض منا يقول لنفسه أنه يدفع العشور, ولكن الكتبة والفريسيين كانوا أيضاً يعشرون حتى النعنع والشبث ولكن قيل لنا "إِنَّكُمْ إِنْ لَمْ يَزِدْ بِرُّكُمْ عَلَى الْكَتَبَةِ وَالْفَرِّيسِيِّينَ لَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّماوَاتِ." |