CET 00:00:00 - 16/05/2009

مساحة رأي

بقلم: نبيل المقدس
(الله لم يعطنا روح الفشل بل روح القوة والمحبة والنصح) تيميثاوس الثانية 1 : 7.. وأول صفة تنتج من القوة والمحبة والنصح هي صفة الجرأة والإقدام وإقتحام الحياة العامة في الوسط الذي نعيش فيه، مهما كنا أقلية ومهما كان بطش من يحكمنا, ومهما أُتتزعت منا حقوقنا السياسية أو الروحية أو الإجتماعية, فإننا متأكدون أن الله يعمل فينا, وبمحبته تطفرنا وتغنينا, وبنصحه يرشدنا ويهدينا إلي الطرق الصحيحة التي نستطيع بها إسترداد حقوقنا بالكامل..
نحن لا نستغل هذه الجرأة المعطاة لنا لكي نسترد أقل الحقوق بل تجعلنا نطالب بحقوقنا كاملة، نحن لا نقبل أنصاف الحلول أو التدخل في إيماننا ووصايا الرب لنا أو الجلسات العرفية، فنحن ربما نختلف عن من نعيش معهم في طريقة الحياة لكننا معهم لنا هدف واحد هو سلامة الوطن.

في أواخر السبعينات من القرن الماضي ظهرت ما يُطلق عليها الجماعات المتشددة، وأخذت طريق العنف ضد سياسات الحكومة, واستهدفت كيفية الإستيلاء على مقاليد الحكم، من هذه اللحظة وقعنا نحن المسيحيون في خطأ كبير، فقد انسحبنا من الساحة وقلنا لأنفسنا هذا موضوع بين الحكومة وبين هؤلاء المتشددين، تركنا ممتلكاتنا وأعمالنا والساحة السياسية وتركنا بلادنا, بل وأخذنا نشجع علي زيادة الهجرة.. أنكرنا وعد الله لنا بأنه لم يعطينا روح الفشل.
بدأت هذه الجماعات توجه ضرباتها علينا بعدما تأكدت أننا لا نمتلك من القوة شيء، فكانت فرصتهم في تصعيد عملياتهم الإرهابية علينا، انسحبت القوي السياسية المسيحية من أرض المعركة, وبدأنا نتقوقع في بيوتنا وأعمالنا المحدودة، بينما هم يزحفون إلى داخل جميع مؤسسات الدولة, ولم يتركوا مؤسسة واحدة إلاّ وتجدهم فيها حتى وصل بهم الأمر إلى اعتلاء منصات القضاء، وهنا الخطورة وكانت إحدى نتائجها حبس كاهناً أوقعوا عليه تهمة تزوير زفاف من إحدى المتنصرات.

تركنا الساحة السياسية لهم، وجدوا الطريق أمامهم مفروش بالورود، إلى أن وصلوا إلى أهم معقل من مؤسسات الدولة وهو مجلس الشعب، هذا حقهم، لم يجدوا قوة أمامهم تعرقل مسيرتهم، وعندما أخذوا أعداداً رهيبة في مجلس الشعب بدأنا نصوت على أنفسنا بدلاً من أن نصوت لنوابنا، كانت كارثة أن لا ينجح مسيحي في الدورة الأخيرة والموجودين حالياً هم نواب مُعينين، بدأوا يلوحون بتطبيق الشريعة الإسلامية وطبيعي ينفعل معهم الحزب الحاكم لآن تطبيق الشريعة واجب وليس عليهم إلاّ تنفيذ شريعتهم.
أتصور وبعد مهزلة مذبحة الخنازير اتضح الآن الغاية والهدف علناً لمدى استجابة الحكومة لفكر هذه الجماعة، وما يؤسفني أن رأس الدولة ورأس الحكومة أطاعتا في الحال وتم التنفيذ في الحال، وتشردت آلاف الأفراد في الحال وأنهار أحد دعائم الإقتصاد في الحال وخسرنا سمعتنا العالمية في الحال، بالرغم من تصحيح الهيئة العالمية للصحة تصريحها في الحال, بأن الفيروس يمكن محاصرته في الحال، إلاّ أن الحال كما هو الحال.

بعد وضوح الرؤية علينا أن نستيقظ من هذا السُبات العميق والذي أبلينا أنفسنا به، علينا العزم في التوجه لاستخراج بطاقات الإنتخابات في موعدها، علينا أن نشترك ونقتحم الإشتراك في الأحزاب المنتشرة والتي من المؤكد سوف تجد ما هو يناسب فكرك واتجاهاتك، علينا أن نبدأ في تصنيع نواب لنا لهم مواهب العمل السياسي، علينا أن نبحث عنهم وأن نتيح لهم الفرصة في الظهور وتعريف أنفسهم أمام شعب دوائرهم، علينا أن تتوحد الطوائف المسيحية في هذا العمل وأن تفرز من بين الموهوبين أحسنهم وأنشطهم وإخلاصاً، علينا أن نترك المؤسسات الدينية لكي تتفرغ في مسئولياتها الروحية مع بث روح الوطنية في أبنائها، علينا أن نكف بتقديم طلباتنا وشكوانا إلى قداسة البابا علينا أن نخفف الحمل من عليه، علينا أن لا نتستر وراء المؤسسة الدينية في كل كبيرة وصغيرة ونطلب منها الحلول.

نحن حوالي 14 مليون نسمة أليس في مقدورنا أن يكون لدينا 35 نائباً في مجلس الشعب وعلى الأقل 2 أو 3 في المجالس المحلية؟ هؤلاء قوة لا يستهان بهم.. سوف نفشل في أول الأمر وربما في الثانية وفي الثالثة لكن على الأقل سوف نكون في الساحة وعوامل قلق وخوف للأغلبية، وسوف يأتي الوقت ويكون لدينا عدد لا بأس به من الأعضاء كل في مجاله في المؤسسات المختلفة، لكن ما هي المقوّمات التي تجعلنا أن نشق طريقنا وسط هذه الأعداد المتشددة في عالم السياسة، هو الحب أولاً للآخرين وللوطن نفسه، ثانياً توفير الأموال لهذا العمل -ولنا من المصادر الكثير- رجال الأعمال يمكننا تحصيل ولو جنيه واحد من كل مسيحي يعمل لكي تكون هذه الأموال خميرة طيبة للصرف على الإنتخابات، ثالثاً على كل مرشح مسيحي الإندماج الكلي في دائرته بحيث يتعامل مع أهل الدائرة بعنصريها كعنصر واحد فيقوم بإرسال التهنئة لإخوتنا المسلمين وحضور الجنازات وتفقد المستشفيات والإهتمام بالبيئة.

كلمة أخيرة لإخوتنا بالخارج أن يبدأوا المعاونة الفعلية في تصنيع النواب إما معنوياً أو مادياً، نحن لا ننسى أعمالهم المستمرة الكريمة نحو أمتهم مصر عامة ونحونا كأقباط خاصة، لكن عليهم الآن القيام بدعوة الأقباط إلى اقتحام العمل السياسي وتوجيه خدماتهم إلي هذا الهدف.
فسوف لا نجد خنازيرتنذبح, ولا جنازير ترعبنا, ولا فوازير تُلقي علينا كفتواى!!

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١٢ صوت عدد التعليقات: ٣٣ تعليق