CET 00:00:00 - 16/05/2009

كلمه ورد غطاها

بقلم: ماجد سمير
لن يغفر التاريخ أبداً لنا، لأن أحد رؤساء مجلس إدارة واحدة من أكبر الصحف الناطقة بالعربية في العالم فور توليه المركز العظيم وجلس على نفس الكرسي الذي جلس عليه أثنين من أعظم مَن أنجبت مهنة الصحافة عبر التاريخ -وهما العمين الراحليين "علي ومصطفى أمين"- كتب واصفاً خطاب الرئيس مبارك بأنه مثل طشة الملوخية وكأنه يعلن على الملأ سعادته بانخراطه أكثر في العمل الصحفي وتمكنه من قرطفة الموضوعات وحمداً لله أن صاحبنا لم يقرر تغيير لون الصحيفة العريقة إلى اللون الأخضر تيمناً بلون الملوخية أو توزيع ثوم وسمنة بلدي على القراء لزوم الطشة وفحفحة الريحة!!

ولم يتخيل أحد أن يأتي يوم يصل فيه خيال كاتب أبداً إلى موضوع طشة الملوخية ربما لأن الطبيخ والملوخية مكانهما مطبخ المنزل وليس مطبخ صاحبة الجلالة، وجرى العرف -الملوخية يتم طبخها على ديك فالكتابة على علية القوم لا تكون أبداً "أورديحي"- أن تكون الكتابة عن الرؤساء طبقاً لإنجازاتهم ولا علاقة بين الملوخية والضربة الجوية مثلاً أو بين الطشة وعودة طابا بالمفاوضات عن طريق الدبلوماسية المصرية كأحد أهم إنجازات مبارك التي سيذكرها له التاريخ.

والمهنة كما هو معروف تصلح لكل الأغراض فكما هي صوت المظلومين وقلم المهمشين والمدافع الأول عن الحق، هي في الوقت ذاته بوق السلطة ذراعها الطويل الذي لا ينقطع وكذا تمنح فرصة غير عادية لكل متسلق ومنافق للمزايدة كما يشاء واللعب بالكارت الكسبان، وكم من حملة القلم أبدوا آراء تجاه قضايا مصيرية وسرعان ما تغيرت تلك الآراء في الاتجاه المعاكس وتبدلت معها مواقفهم 360 درجة دون أدنى اعتراف بخطأ مواقفهم الأولى لأن السبب الوحيد بكل بساطة لم يكن أبداً تغيير في المفاهيم أو الأيديولوجية وإنما يعود إلى أن تعاطي الملوخية لفترات طويلة يؤدي في النهاية إلى "الزحلقة".

والأمر لم يقف على تأثير الملوخية على الحياة الصحفية والإعلامية في مصر لأن دخول أنواع مختلفة من الخضروات في المهنة أصبح أمراً واقعياً فالتعيين والحصول على فرص العمل في الميديا بوجه عام والصحافة بوجه خاص يخضع للكوسة، وتخصيص مستمرة للكتابة لها في العالم كله قواعد متفق عليها كلها تدور حول المهارة المهنية والمصداقية والحياد الإعلامي أما في مصر القيمة العظيمة المحددة للكتابة تخضع "للقرع"، ونتيجة ملوخية النفاق وكوسة الاختيار وقرع الكتابة من المؤكد ستكون إصابة المهنة "بالبدنجان".
وتظل المهنة بالرغم من كل ما سبق ذكره مهنة عظيمة يتولى حمايتها أصحاب الأقلام المحترمة التي لن تتأثر أبداً بمن ألتحق بالعمل فيها بالصدفة وكتب في زمن تصل فيه نسبة الأمية إلى أعلى مدى لها والتاريخ سيذكر فقط عظمائها أما كتبة الخضروات ستعبأ كتاباتهم في أقفاص حتى لو كتبوا في زمن الملوخية.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٣ صوت عدد التعليقات: ٣ تعليق