بقلم/ القس رفعت فكري
طالعتنا دار الإفتاء بموقعها الإلكتروني على شبكة الإنترنت بإجابة على سؤال كيف يجيز الإسلام تعدد الزوجات؟ ولم تقتصر الإجابة على موقف الإسلام من تعدد الزوجات ولكنها شملت اليهودية والمسيحيةفقد تضمنت الإجابة ما نصه: "وتعدد الزوجات أمر مقرر في الكتب السماوية كلهافالتوراة فيها إثبات التعدد عن كثير من رسل اللهمنهم نبي الله إبراهيم ويعقوب وداود.... أما الإنجيل فإنك لا تجد فيه نصاً يحرم التعدد لذلك لم تكن الكنيسة تحرم تعدد الزوجات حتى القرن السابع عشر بل ومن الطوائف المسيحية من يعمل بتعدد الزوجات حتى الآن كالطائفة المارونية وطائفة المورمون وبعض أتباع لوثر –البروتستانت– ولم تحرم المسيحية التعدد إلا بقانون مدني لا بنص من الكتاب المقدس، وحول ما يتعلق بهذا الجزء من الإجابة لنا بعض الملاحظات:-
أولاً: عندما خلق الله آدم خلق له حواء واحدةفعلى الرغم من الاحتياج الشديد لوجود نسل يعمر الأرض الخالية من السكان –الأمر الذي يتطلب معه وجود أكثر من زوجة– إلا أن الله لم يصنع لآدم سوى امرأة واحدة وذلك برهاناً وتأكيداً على رفضه منذ البدء لتعدد الزوجاتوتكرر هذا الوضع عندما أهلك الله العالم بالطوفان قديماًفقد أمر الله نوحاً وامرأته وبنيه الثلاثة سام وحام ويافث ونساءهم بالدخول إلى الفلك فدخل كل رجل ومعه امرأة واحدة على الرغم من أن الأرض آنذاك كانت تحتاج لإعمار ولنسل بعد الطوفانكل هذا يؤكد أن قصد الله الأزلي من الزواج هو ارتباط رجل واحد بامرأة واحدة.
ثانياً: الإنجيل المقدس وهو يتحدث عن الزواج لا يتحدث إلا عن امرأة واحدة فالرسول بولس يقول في رسالة أفسس 5 :23 "فليحب كل واحد امرأته هكذا كنفسه"ويقول أيضاً: "من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته –والكلمة هنا مفرد وليست جمع– ويكون الاثنان –الرجل والمرأة– جسداً واحداً" أفسس 5 : 31.
فالمسيحية هنا تقرر إنه عندما يتزوج رجل واحد بامرأة واحدة يصبحان جسداً واحداً وهذه القاعدة لا يمكن أن تتوفر في حالة رجل واحد يتزوج بأكثر من امرأةهذا فضلاً عن إنه إذا تزوج الرجل بأكثر من امرأة فهو لن يستطيع أن يحب الثانية والثالثة والرابعة بقدر ما أحب الأولىكما أن الزوجة لا يمكن أن تحب الرجل ما دام له زوجات أخريات ذات الحب الكامل الذي يتوفر في حالة انفرادها بهذا الزوج الواحد فالعاطفة يجب أن تتجه كاملة من الرجل الواحد للمرأة الواحدةومن المرأة الواحدة إلى الرجل الواحد وبذلك يكون أساس رابطة الزواج معنوياً وجسدياً قائماً على أساس قوي دون أن يتعرض لعوامل الحقد والغيرة.
ثالثاً: يقول الكتاب المقدس إن الله خلق حواء لتكون معيناً نظير آدم وكلمة نظير تؤكد المساواة التامة بين الرجل والمرأةومن هنا فالمرأة في المسيحية ليست أقل من الرجل في شيءفهي كاملة في عقلها وفكرها كالرجل تماماً ولأن المرأة مساوية للرجل في المفهوم المسيحي فمن المحتم ألا يتزوج الرجل بأكثر من امرأة لأنه حين يتزوج الرجل بامرأتين تكون المرأة نصف الرجل أي أن الرجل الواحد في هذه الحالة يساوي امرأتين وحين يتزوج الرجل ثلاث نساء تكون المرأة ثلث الرجلأي أن الرجل الواحد في هذه الحالة يساوي ثلاث نساء وحين يتزوج الرجل أربع نساء تكون المرأة ربع الرجلأي أن الرجل الواحد في هذه الحالة يساوي أربع نساء!! وهكذا كلما زاد عدد الزوجات كلما أصبحت المرأة عديمة القيمة والمكانة!!
رابعاً: عندما سردت لنا التوراة قصص زواج أنبياء الله إبراهيم ويعقوب وداود وسليمان وغيرهم بأكثر من زوجة فهذا لا يعني أبداً أن الله وافق على الزواج بأكثر من واحدةوأيضاً هذا لا يعني أن التوراة تدعونا لتعدد الزوجات فلكل عصر ظروفه ومتطلباته وثقافته ونظرته للمرأةفكلما زاد الرقي والتحضر كلما تعامل الرجل بنظرة يملؤها التقدير للمرأة وكلما تفشى الجهل وساد فكر البداوة كلما حدث العكس!!
خامساً: عجبت أشد العجب لعبارة "لذلك لم تكن الكنيسة تحرم تعدد الزوجات حتى القرن السابع عشر" حيث أن الكنيسة في كل تاريخها لم تناد إلا بزوجة واحدةولست أدري ما السر الذي جعل الكنيسة تحرم تعدد الزوجات في القرن السابع عشر تحديداً؟!!
سادساً: أشارت الإجابة إلى أن بعض المذاهب المسيحية وبعض أتباع لوثر –البروتستانت– يبيحون تعدد الزوجات وهذا كلام عار تماماً من الصحة فكل المسيحيين على اختلاف مذاهبهم وطوائفهم ينادون بزوجة واحدة لرجل واحد لأن هذا ما يتفق مع الكتاب المقدس ومع تعاليم السيد المسيح السامية ومع الرقي والتحضر.
وختاماً... من حق دار الإفتاء أن تفتي في كل ما يتعلق بالإسلام والقرآن والأحاديث وعليها أن تثبت أهمية تعدد الزوجات وفوائده وحسناته للمسلمين الذين يرفضون تعدد الزوجات لإيمانهم بالمساواة بين الرجل والمرأةوليقينهم بأن الرجل يستحيل أن يكون عادلاً بين زوجاتهمن حق دار الإفتاء أن تناقش شئون المسلمين كما تشاء وكما يحلو لهاأما أن تفسر الكتاب المقدس وفقاً لمنظورها الخاص فهذا ما لا يقبله أي مسيحيفمن فضلكم دعوا المسيحية وشأنها وإذا أردتم شرحاً وتفسيراً للكتاب المقدس فارجعوا إلى المفسرين المسيحيين وإلى علماء اللاهوت فهم أدرى منكم بتفسير كتابهم المقدسودعوا الرجل المسيحي وشأنهفالرجل المسيحي تكفيه زوجة واحدة!!!
|
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|