وفقًا لمقتضيات العصر تخلت عن الاسم، لكنها لم تتخل عن الوظيفة، وظلت وسط جيرانها وأبناء المنطقة «أم محمد» الخاطبة، التى توفق راسين فى الحلال.. ورغم أنها تعانى من نظرية «باب النجار مخلع»، وتعيش وحدة الطلاق بعد ١٠ سنوات زواج، فإنها مازالت تؤمن بأن ضل راجل ولا ضل حيطة، والبنت مهما عليت مسيرها للجواز.
استغلت أم محمد علاقتها الطيبة بمن حولها، وعملت فى تجارة المفروشات وملابس السيدات، وإلى جوار تجارتها مارست هواية تزويج الفتيات: ده خير أنا باعمله، وما باخدش عليه ولا مليم وما باقبلش هدايا من اللى ربنا بيوفقهم عن طريقى عملاً بالآية الكريمة (نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكور).
أكثر من ٣٠ عامًا مارست فيها أم محمد مهنتها، وإن كانت تحزن عندما يطلق عليها أحدهم لقب «خاطبة» ومبررها: الخاطبة دى شغلانة، أنا بس باخدم بنات حتتى، ودخولى البيوت عشان أسوق بضاعتى بين الستات خلانى أتعرف على البنات وأعرف طلبات كل واحدة، وفى النهاية الجواز ده نصيب وكل فوله ليها كيال.
لم تنجب أم محمد سوى فتاتين، ودفعتها أصولها الصعيدية إلى تسمية نفسها بأم محمد، حتى لا يناديها أحدهم باسميهما، ورغم إيمانها بأن الزواج التقليدى هو أفضل أنواع الزواج، فإنها لم تلجأ إليه فى تزويج ابنتيها، ومبررها: تعبت كثيرًا فى تربيتهما ولم أضغط عليهما فى اختيار شريك الحياة، وبصراحة مش عايزاهم يتعبوا زى ما تعبت مع أبوهم.
الزاوية الحمراء وعين شمس والمطرية وحلوان كلها مناطق تجوبها أم محمد ببضاعتها من المفروشات، وبعرسانها وعرايسها، فهى الوسيط الذى يعرفه أهالى هذه المناطق ويثقون فى اختياراته، حيث يسعدها لقب وسطة الخير، لذا تسعى أن تطبقه وتكون مثالاً له..
لذا تحرص أم محمد على بعض الصفات، التى يجب أن تتوافر فى العريس أو العروس: لازم تكون أخلاقها عالية، وبنت ناس طيبة، وعايزة تتجوز وتعيش وليها كبير نرجع له وقت الزعل، أما الحلاوة فدى نسبية، وربنا بيدى كل واحدة حلاوة غير التانية..
أما العريس فلازم يكون راجل ابن حلال وكسيب ومش بيلعب ببنات الناس.. وبمجرد ما بيتفقوا باشيل أيدى من الموضوع، وأسيب الاتفاقات دى لظروف العيلتين.. لكن فيه عرسان اتجوزوا على أيدى وخلفوا وعيالهم بيقولولى يا تيتة أم محمد.
أم محمد لا تعرف عدد الفتيات التى توسطت فى زواجهن، فقد تخطت الستين بقليل، لكنها تسعد عندما تأتيها سيدة تزوجت على يديها وتطلب منها تزويج ابنتها، وتكون أم محمد سببًا فى زواج الابنة.. وقد ساعدتها تجارتها فى ممارسة هوايتها دون أن تشعر بعبء مادى، لدرجة أنها تساهم فى تجهيز بعض الفتيات غير القادرات.
لم تعرف أم محمد طعم الفشل فى كل الزيجات التى ساهمت فيها سوى مرتين: الجوازة فشلت لما العريس اشترط أن أخوه يتجوز أخت العروسة، ساعتها طلبت من أبو العروسة إنه ياخد العريس ويرفض أخوه لأنى ما أضمنهوش، لكن أبوها عمل اللى فى دماغة ودارت الأيام وندم على اللى عمله، بس بعد فوات الأوان.
إيمان وقناعة خاصة عاشت بهما أم محمد، أساسهما أن الزواج التقليدى على يد الخاطبة هو أفضل طرق الزواج: احنا اتجوزنا كده وبيوتنا اتفتحت على كده..
حيث ترى أن انقراض الخاطبة وقلتها فى هذا الزمن ضحيته الأولى هى البنت المـؤدبة الخلوقة، ومبررها: أصلها ما لفتش ولا دارت، يبقى هايجيلها العريس منين؟.. الله يسامح الأفلام اللى صورت الخاطبة على إنها بتجوز العوانس واللى شكلهم وحش
|