بقلم: محبة متري
تزايدت بشدة في الآونة الأخيرة الأصوات التي تطالب بسماح الكنيسة بالطلاق بين مؤيد ومعارض, فيوجد اتجاهين أحدهما وهم أصحاب الفكر العلماني الليبرالي المتحرر الذين ينادون بالسماح به حلاً لمشاكل أسر كثيرة معذبة، الطلاق من وجهة نظرهم والزواج الثاني بالنسبة لهم هو الحل, أما الاتجاه الآخر يمثل الرأي الكتابي والكنسي بمنع الطلاق إلا لعلة الزنا أو تغيير الدين، وكلاً من الفريقين له وجهة نظره وأسبابه التي تجعله يؤيد اتجاه معين, فإذا بدأنا بأصحاب الرأي الأول نجد أن بعض الأسباب كالآتي:
1- الهجر أو الموت الحكمي: فقد يسافر الزوج إلى الخارج أو تنقطع أخباره لمدة طويلة وتظل الزوجة تعاني.
2- السجن أو الأسر أو النفي.
3- الغش في إخفاء مرض يمنع العلاقة الزوجية أو في حالة الجنون.
4- استحالة العشرة...... (وهي مسألة نسبية يندرج تحتها مئات الأسباب تبدأ من البخل وعدم الإنفاق أو الإيذاء والإهانة أو الإدمان أو سوء السلوك أو المرض وقد تنتهي بعدم قبول الزوج لزوجته لمجرد أن جمالها قد أنطفأ ويريد مَن هي أجمل وأصغر وأكثر ثقافة).
أما أصحاب الاتجاه الكتابي والكنسي فيسوقون الآيات الواضحة والصريحة في الكتاب المقدس بأنه لا طلاق إلا لعلة الزنا وهذه بعضها وليس كلها:
1- فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ:«أَمَا قَرَأْتُمْ أَنَّ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْبَدْءِ خَلَقَهُمَا ذَكَرًا وَأُنْثَى؟وَقَالَ: مِنْ أَجْلِ هذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ، وَيَكُونُ الاثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا6 إِذًا لَيْسَا بَعْدُ اثْنَيْنِ بَلْ جَسَدٌ وَاحِدٌ. فَالَّذِي جَمَعَهُ اللهُ لاَ يُفَرِّقُهُ إِنْسَانٌ». (متى 19 : 4 -6).
2- 32 وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إلاَّ لِعِلَّةِ الزِّنَى يَجْعَلُهَا تَزْنِي، وَمَنْ يَتَزَوَّجُ مُطَلَّقَةً فَإِنَّهُ يَزْنِي " (متى 5 : 32).
3- 11 فَقَالَ لَهُمْ:«مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَتَزَوَّجَ بِأُخْرَى يَزْنِي عَلَيْهَا. 12 وَإِنْ طَلَّقَتِ امْرَأَةٌ زَوْجَهَا وَتَزَوَّجَتْ بِآخَرَ تَزْنِي" (مرقس 10: 11 , 12).
4- 2 فَإِنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي تَحْتَ رَجُل هِيَ مُرْتَبِطَةٌ بِالنَّامُوسِ بِالرَّجُلِ الْحَيِّ. وَلكِنْ إِنْ مَاتَ الرَّجُلُ فَقَدْ تَحَرَّرَتْ مِنْ نَامُوسِ الرَّجُلِ فَإِذًا مَا دَامَ الرَّجُلُ حَيًّا تُدْعَى زَانِيَةً إِنْ صَارَتْ لِرَجُل آخَرَ. وَلكِنْ إِنْ مَاتَ الرَّجُلُ فَهِيَ حُرَّةٌ مِنَ النَّامُوسِ، حَتَّى إِنَّهَا لَيْسَتْ زَانِيَةً إِنْ صَارَتْ لِرَجُل آخَرَ. (رومية 7: 2, 3).
وإذا تأملنا في النقاط السابقة نستنتج الآتي:
1- أن الرأي المنادي بالتساهل في الطلاق يطالب به إنقاذاً لأسر ضائعة ورحمة بهم بدلاً من الدفع بهم إلى أحد طرق الهلاك الآتية: (الزنا – تغيير الدين –الانتحار).
2- أن الكنيسة لا تسمح بالطلاق إلا لعلة الزنا أو تغيير الدين على أساس أنه نوع من الموت الحكمي والزنا الروحي، وكذلك لا تسمح بالزواج مرة أخرى للطرف المخطئ بل تسمح به فقط للطرف البريء وذلك حسب الوحي المقدس.
وأقول لكل مَن يريد الإقدام على هذه الخطوة ويريد مفارقة شريك حياته فلتتروى وتترك روح الغضب قليلاً ودعنا نفكر سوياً (وبالطبع التساؤلات موجهة إلى كلاً من الزوج والزوجة):
1- هل يجوز أن نطوع نصوص الوحي المقدس حسب ميولنا البشرية ورغباتنا بدافع الرحمة أم نخضع جميعاً له لأنه ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس؟ وهل سنكون نحن البشر أرحم من الله في حكمته وعدله؟
2- هل نسيت أنك وزوجتك جسد واحد ونفس واحدة، إذا فرح أحدكما ابتهج الآخر وإذا تألم أحدكما بكى الآخر, فعندما تنظر في المرآة تجد وجه زوجتك لأن باتحادكم في جسد المسيح أصبحتم واحداً, أين المحبة وأين التسامح, وأين وصية المسيح عن الغفران سبعون مرة سبع مرات؟
3- هل هناك أبناء نسيتهم في غمرة مشاكلك مع زوجتك وجعلتك رغبتك في الانتقام لا تنظر إلى مشاعرهم ومستقبلهم ودمارهم النفسي؟ أم أقنعت نفسك أن حياتهم بعد الانفصال أفضل لهم ليعيشوا في جو هادئ بدون مشاحنات؟ وأنت تعلم تماماً أنها نظرية خاطئة لأن الطفل يحتاج أن ينشأ في حضن والديه ويشعر بالأمان والاستقرار ومحبة والديه لبعضهما وله وذلك أساس لسلامته النفسية, ومن حقه علينا أن نوفر له هذا المناخ الصحي لأن الله سيحاسبنا على هذه الوزنة التي منحنا إياها وكيف استثمرناها وأنميناها لخدمته ومجد أسمه.
4- هل نسيت أن الذي جمعه الله لا يفرقه إنسان؟ وهل عند ذكر مساوئ زوجتك نسيت كلمات الحب والهيام التي كنت تبثها إياها في فترة الخطبة؟ فأين ذهبت وما الذي أوصلكما إلى الرغبة في الفراق؟ وهل حقاً أنها وحدها السبب؟ وأنت ليس لك أي دور؟
5- هل لا تحتمل مرض زوجتك سواء الجسدي أو النفسي؟ أو عدم إنجابها أطفالاً تحلم بهم؟ هل وضعت نفسك في مكانها؟ وتخيلت نفسك وهي تلقي بك في مصحة أو تترك تعاني وحيداً حتى الموت؟
6- هل تقول أنها غررت بك وأخفت مرضها النفسي وجنونها قبل الزواج؟ وأين كانت عيناك يا عزيزي؟ أنه شيء لا يمكن إخفاؤه أبداً, وإذا كنت قد رضيت بها ولها تصرفات غير طبيعية فلتتحمل نتيجة اختيارك.
7- هل تقول أنه توجد استحالة للعشرة معها؟ لماذا؟ هل تريد أن تجري وراء أهوائك ونزواتك, فلتنظر إلى سبب الاستحالة وحاول أن تحتويها بحبك وحنانك وستجدها تبادلك نفس الشعور.
8- هل تقول بأنها تدفعك إلى ترك مسيحك للخلاص منها؟ يا عزيزي من يبيع مسيحه من أجل الطلاق سيبيعه مرات ومرات أخرى من أجل أي سبب واهي, ولك كل الحرية في اختيار إلهك واختيار أبديتك وأنت بلا عذر أيها الإنسان.
9- هل تتعلل بالمثل القائل "الذي يده في الماء ليس مثل الذي يده في النار"؟ يا أخي أنت الذي وضعت يدك وجسدك ونفسك وروحك في النار بإرادتك برغبتك في الطلاق لأنه بداية المشاكل وليس نهايتها.
وفي نهاية كلماتي أكرر قول بولس الرسول "4 الْمَحَبَّةُ تَتَأَنَّى وَتَرْفُقُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَحْسِدُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَتَفَاخَرُ، وَلاَ تَنْتَفِخُ، 5 وَلاَ تُقَبِّحُ، وَلاَ تَطْلُبُ مَا لِنَفْسِهَا، وَلاَ تَحْتَدُّ، وَلاَ تَظُنُّ السُّؤَ، وَلاَ تَفْرَحُ بِالإِثْمِ بَلْ تَفْرَحُ بِالْحَقِّ، وَتَحْتَمِلُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتُصَدِّقُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتَرْجُو كُلَّ شَيْءٍ، وَتَصْبِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ 8 اَلْمَحَبَّةُ لاَ تَسْقُطُ أَبَدًا" (كورنثوس الأولى 13).
أتمنى لكل الإخوة الأحباء السلام والسعادة والمحبة داخل أسرهم النابعة من محبة الله لنا، فإن لم يبني الرب البيت فباطل تعب البناءون".
مع رجائي للكنيسة بالتدخل لمساعدة أسر كثيرة تئن وتعاني وأطالب بأن تكون هناك لجنة بكل كنيسة تقدم الإرشاد لكل من الزوجين وتوضيح المفهوم الصحيح للارتباط في المسيحية ويا حبذا لو كان أيضاً للمقبلين على الزواج. |