CET 00:00:00 - 18/05/2009

مساحة رأي

بقلم: د. ميشيل فهمي
نعم.. باطل.. وألف باطل ما هو العَالَم الإسلامي الذي سيتوجه له باراك حسين أوباما رئيس الولايات المتحدة الأمريكية بالخطاب؟
ولا يوجد تعريف معين للعالم الإسلامي ويرجع ذلك إلى اختلاف في تحديد المعيار الذي يستخدم في التعريف: هل هو عدد السكان؟، أم الدستور الذي ينص على أن دين الدولة هو الإسلام؟، أم على أساس الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي؟، كما أن الدول التي يُطلَق عليها العالم الإسلامي يشَكل من يُدين بالدين الإسلامي بها 75% فقط، والبقية مسيحيين وهندوس.
لا بد من أن نُعْرف ما هية العالم الإسلامي الذي سيوجه له أوباما خطابه من مدينة القاهرة عاصمة مصر المحروسة يوم 4 يونيو القادم، وذلك للضجة الإعلامية الإسلامية (ولن أقول والعربية) الكبرى المُثارة حوله، ولأول مرة نجد فصل بين العالم العربي والإسلامي.. لقصر توجه هذا الخطاب للعالم الإسلامي فقط هذه المرة دون العالم العربي.
هل يعرف السيد/ باراك حسين أوباما أن العالم الإسلامي الذي سيتوجه له بالخطاب، يتكون تقريبًا من مليار وسبعمائة وثمانية وعشرين مليون وخمسمائة وأربعة عشر ألف وستمائة وواحد وتسعون (691 514 728 1) نسمة بنسبة 26% من إجمالي سكان العالم، ونقول تقريبًا لأن غالبية الدول الإسلامية لا تملك إحصائيات رسمية علمية على الإطلاق، بالاضافة إلى معظم البلاد الإسلامية صحراوية أو جبلية مما يصَعِبّ عملية التعداد، وتدخل عوامل أخرى في دِقة التعدادات السكانية بالدول الإسلامية, فمثلًا بلد إسلامية مثل مصر المحروسة متقدمة نسبيًا مقارنة بغيرها من الدول الإسلامية بل وتملك جهازًا مركزيًا خاصًا للإحصاء والتعداد تحت إشراف رئيس جمهوريتها لا تقوم إلا بتعداد وإحصاء السكان المسلمين فقط ولا يعرف ولا يعرف معه العالم كم عدد المسيحيين المصريين بالمحروسة!! والسكان المسلمون منتشرون في (83) دولة موزعة جغرافيًا ما بين أفريقيا وآسيا وثلاث منها في أوروبا؟ وبذلك ينتفي وجود (العالم الإسلامي) جغرافيًا، بل إن أفراد العالم الإسلامي يتكلمون حوالي 31 لغة مختلفة تمام الواحدة عن الأخرى كل الاختلاف، بالإضافة إلي مئات اللهجات ولا يتكلم اللغة العربية، إلا 20% منهم
ويمتد العالم الإسلامي على مساحات واسعة متفرقة تضم أجناسًا بالمئات وقوميات بالعشرات، وثقافات الواحدة مختلفة تمام الاختلاف عن الأخري، فثقافة المملكة العربية السعودية غير الثقافة التركية ناهيك عن الثقافة السائدة ببنجلاديش أو باكستان أو مصر المحروسة..إلخ، وعادات ما أنزل الله بها من سُلطان، وتقاليد مختلفة عن بعضها البعض بفروقات شاسعة ومتباينة ومتعددة وهذا الإختلاف هو العقبة الكبرى أمام استحالة إيجاد هوية إسلامية وعالم إسلامي موحد بحيث توجد ولو شبهة إمكانية لتوجيه خطاب ذو أي توجيه كان لها.. سواء أكان خطاب سياسي أو ثقافي أو اجتماعي لها.
وهنا يجب الكف عن إطلاق تسمية العالم الإسلامي ونكتفي بما القريب للصحيح وهو (الأمة الإسلامية)، لأنه مصطلح شامل لمعنى الأمة الإسلامية مرتكزًا على أنها يجمعها عامل مشترك واحد وحيد ويتيم وهو عامل الدين، رغم وجود فراقات خِلافية كثيرة جدًا وكبيرة جدًا تصل لدرجة حياكة المؤمرات والحروب في هذا العامل المشترك اليتيم.
الخطاب الوحيد الذي قد وأكرر (قد) يحمل شبهة وإمكانية توجيهه للأمة الإسلامية هو خطاب إسلامي ديني، وسبب شبهة الإمكانية هنا -وليست اليقينية- هي كما أسلفنا الإختلاف الذي بلا حدود بين دول الأمة الإسلامية (وليس العالم الإسلامي) في القضايا الدينية الإسلامية وتفسيراتها وتطبيقاتها، لتعدد المذاهب والطوائف والمدارس الإسلامية ما بين شيعة وسنة وعلوية وزيدية ومالكية وحنفية وشافعية وحنبلية وجعفرية وظاهرية (نسبة إلي داوود بن علي الظاهري) وأشعرية ومعتزلة وسلفية وإسماعيلية وإثني عشرية.. بالإضافة إلى 3 حركات فكرية هي: الصوف والوهابية والإخوان المسلمون.
وعليه... فالحالة الوحيدة التي يمكن أن يُوجه للأمة الإسلامية خطاب هو الخطاب الديني لأنه القاسم المشترك الوحيد –إلى حد ما– بين المسلمين، ومن ثم يجب أن يقوم سيدي العارف بالله مولانا باراك حسين أوباما بتوجيه خطاب إلى العالم الإسلامي.. ولن يكون باطلاً.
لكن... من المتوقع أن يكون أساس خطاب أوباما عن الحرية والتحرر، ويجب أن لا ينسى أن عقول الأمة الإسلامية أسيرة الماضي السلفي وغارقة في أعماقه ومفَسِرة لكل ما يتعلق بحاضرها ومستقبلها بهذا الماضي السلفي وأحكامه، وعليه فهي ليست في حاجة للحرية من جهة، كما وأنها لن تتفهم الحرية من جهة أخرى..
فهل قرأ الرئيس أوباما في واقع حال العالم الإسلامي وأحسن القراءة وأمعن النظر في مختلف جوانبه لفهمه على الوجه الصحيح، ثم بناء الهيكل العام لخِطابه المرتقب في ضوء هذا الفهم وفي ضوء النظر الصحيح إلى أحوال هذه الأمة أو..إلخ.
وهل وضع مستشاروه الإسلاميون الجدد في حسبانه أن معظم فقهاء (جمع فقيه) الأمة الإسلامية وهُم المسيرون والمفتون والمدبرون لكافة شئون ونواحي ومناحي الحياة بالعالم الإسلامي واضعين نِصب أعينهم مبدأ:
لا بد علينا أن نُثبت للعالم أن الإسلام هو الحل..
وهل قال له مستشاروه أيضًا أنه يجب أن يأخذ في الإعتبار وهو يخاطب العالم الإسلامي أن دوله من أكثر الدول تخلفًا و فقرًا على صعيد التكنولوجيا، إنها الحقيقة التي لا يستطيع إنكارها منصِف واقعي! فحتى يومنا هذا  فيما عدا بعض المحاولات الناجحة والتي لا تزيد على أصابع اليد الواحدة  لا تزال الفجوة التكنولوجية بين العالم الإسلامي وبقية العالم المتقدم في اتساع مرعب ومستمر.
ولنا لقاء بعد الخطاب.. إن شاء الله.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٥ صوت عدد التعليقات: ١١ تعليق