مؤتمر جديد للمانحين في يونيو.. وفرنسا تربطه بدور سياسي لأوروبا في السلام
ساركوزي يستقبل فياض على عتبات قصر الإليزيه في باريس أمس (رويترز)
خصت باريس رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض باستقبال يليق برؤساء الدول وفرشت له السجاد الأحمر كما حضرت له برنامجا رسميا حافلا كانت المحطة الأهم فيه استقباله في قصر الإليزيه ولقاءه بالرئيس ساركوزي مساء، بعد أن استقبله رئيس الحكومة فرنسوا فيون ظهرا وأقام على شرفه مأدبة غداء.
وليلا شارك فياض في اجتماع لجنة المتابعة للدول المانحة الذي دعت إليه وزيرة الخارجية ميشال أليو ماري بحضور وزيرة الخارجية الأوروبية كاترين آشتون ووزير خارجية النرويج ومساعد توني بلير، مندوب اللجنة الرباعية، وتغيب عن الجلسة وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط بسبب التطورات في مصر. ويلتقي فياض اليوم برئيسي مجلس الشيوخ والنواب ومجموعة من رجال العمال والمسؤولين عن الشركات وممثلين عن المجتمع المدني والجمعيات الداعمة للفلسطينيين.
غير أن الأهم من ذلك هو حرص باريس، حسب ما نقل عن رئيسي الجمهورية والحكومة ووزارة الخارجية، على توفير «الدعم الشخصي» لفياض وتأكيد الثقة التي يحظى بها بفضل ما تعتبره المصادر الفرنسية الرسمية «جديته في العمل ونزاهته» في الاضطلاع بمسؤولياته ونجاحه في تنفيذ الالتزامات التي وعدت السلطة الفلسطينية بها مؤتمر المانحين الأول (في باريس، ديسمبر/ كانون الأول) 2007) مما سمح بصرف ما قيمته 7.7 مليار دولار في السنوات الثلاث الماضية للسلطة ذهب أكثر من نصفها لدعم الميزانية ودفع رواتب الموظفين وتحقيق نمو اقتصادي مرموق وصل العام الماضي إلى حدود 10%.
وأكد فيون، في مؤتمر صحافي مشترك مع فياض، استعداد باريس للدعوة لمؤتمر جديد للمانحين الشهر المقبل. غير أنه اشترط لذلك أن يكون للمؤتمر الموعود بعد سياسي وأن «يندرج في إطار دينامية تقود لقيام الدولة الفلسطينية» التي شدد فيون على تمسك فرنسا بأن تعلن قبل نهاية العام الحالي. وبحسب فيون، فإن المؤتمر المرتقب يجب أن يكون محطة على درب إعلان قيام الدولة الفلسطينية.
ولا تريد باريس ومعها الاتحاد الأوروبي الاستمرار في لعب دور الممول للسلطة وأن يستمر إبعادها عن المحادثات السياسية التي تنفرد بها الولايات المتحدة. وطالب المسؤول الفرنسي بتوفير «مساحة أوسع» للرباعية الدولية التي تجتمع يوم السبت المقبل في ميونيخ بدعوة من آشتون، وبتغيير المنهج الذي سار عليه الأميركيون ولم يسفر عن أية نتيجة.
ولم يبخل فياض بالشكر على فرنسا لدعمها ولوضوح موقفها. وذهب لحد إعلان تاريخ المؤتمر الموعود يونيو (حزيران) المقبل بينما قالت المصادر الفرنسية إن هناك «اتصالات تجرى خصوصا مع الجانب الأميركي ومع الإسرائيليين الشركاء الآخرين لمعرفة شكل المساهمة السياسية لأوروبا» فيه. وأسفر اللقاء مع فيون على الاتفاق بالانتقال بالعلاقات الفرنسية - الفلسطينية لمرحلة جديدة، تسمح بقلب صفحة «علاقة المساعدات» إلى علاقة «الشراكة الفاعلة».
وفي هذا السياق، قبل فيون دعوة فياض لزيارة الأراضي الفلسطينية. وبحسب المصادر الفلسطينية، فإنها ستتم في مايو (أيار) المقبل.
غير أن التطورات في مصر فرضت نفسها على محادثات فياض الباريسية من زاوية تأثيرها على الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وعلى الموقف الفلسطيني التفاوضي مع إسرائيل بالنظر للدعم الثابت الذي قدمته مصر للسلطة وللرئيس محمود عباس شخصيا. وفي هذا السياق، قال فياض إنه لا يريد أن يعطي دروسا لمصر في الوقت الذي يزداد فيه تعداد مقدمي الدروس والنصائح.. ولأن للفلسطينيين ما يكفيهم من المشكلات. غير أنه أضاف أن «استقرار مصر وقوتها يعني الاستقرار والقوة لنا». وبرأيه أن المطالب التي يرفعها المتظاهرون المنادون بالحرية والديمقراطية هي الأسس نفسها التي يسعى الفلسطينيون لإقامة دولتهم عليها. وانطلق فياض مما هو حاصل للدعوة لتكثيف الجهود من أجل تحقيق قيام الدولة الفلسطينية، معطيا الانطباع بأن الفلسطينيين سائرون إلى إعلانها في التاريخ الذي قرروه وهو سبتمبر (أيلول) المقبل. وتفادى فياض الإجابة عن سؤال مباشر بهذا المعنى طرحته عليه «الشرق الأوسط».
أما بخصوص الوضع الداخلي في مصر، فقد رأى فيون أنه «بالغ الخطورة»، محذرا من «التدهور الخطير» للأوضاع ومن إمكانية أن يفضي العنف إلى «حرب أهلية». والتزم فيون خط رفض التدخل في شؤون مصر الداخلية وفي الوقت عينه الالتزام بالدفاع عن القيم التي تدافع عنها فرنسا بشكل تقليدي. غير أنه دعا إلى «انتقال سريع ومنتظم من أجل قيام حكومة ذات تمثيل واسع» وكذلك إجراء انتخابات «حرة ونزيهة». |