هروب الشرطيين قاتلا شهيد الاسكندرية مطلق شرارة الثورة
تناقلت الصحف الأميركية خبر فرار الشرطيين المتهمين بالإعتداء على خالد سعيد الشاب الذي كانت وفاته بمثابة الشرارة في ثورة المصريين، من سجنهما في الاسكندرية في مصر.
ورد في الأخبار التي نقلتها الصحافة الأميركية أن الشرطيين المتهمين بالإعتداء على خالد سعيد الشاب الذي كانت وفاته بمثابة الشرارة في ثورة المصريين، قد هربا من السجن في الاسكندرية.
ووفقا لصحيفة "وول ستريت جورنال" على الأقل، فقد تمكن الشرطيان من الهرب في 28 كانون الثاني - يناير خلال اشتباكات أشعلت فيها النيران في مراكز الشرطة في المدينة. وقالت الصحيفة إنها استقت معلوماتها من أعضاء في كل من فريقي الإدعاء والدفاع في القضية.
وكان الشاب القتيل خالد سعيد (28 عاما) قد تعرض في حزيران - يونيو الماضي للضرب المبرح على يد الشرطيين في أحد مقاهي الإنترنت. وبُثت الصور الفوتوغرافية المريعة لوجهه الذي شُوهت ملامحه على صفحة في موقع فايسبوك ودعت الجهة الواقفة خلفها المصريين للتظاهر ضد ممارسات النظام الشهر الماضي.
حصانة من المحاسبة
يقول الشرطيان المتهمان إن سعيد مات إختناقا بكيس من مخدر الماريجوانا كان بحوزته وحاول ابتلاعه لدى رؤيته الشرطيان وهما يقبلان نحوه في مقهى الإنترنت. وقال محاميهما إن التشوّهات في وجهه لم تحدث نتيجة لضربه أو تعذيبه وإنما بسبب المبضع الذي استخدم أثناء تشريح جثته.
وكان الشرطيان قد اعتقلا بتهمتي الإعتقال غير القانوني والتعذيب، لكن الإدعاء أسقط تهمة التعذيب في وقت لاحق. وأدى إسقاط هذه التهمة الأخيرة إلى تكثيف الشعور العام بأن قوات الأمن تسيئ استخدام سلطاتها وتفعل ما يحلو لها لأن الدولة ظلت على مر العقود توفر لها الحصانة التامة من عواقب تجاوزاتها.
ويقول محمد رأفت نوار، محامي أسرة سعيد، أن تهمة الإعتقال غير القانوني الموجهة للشرطيين لا تتناسب وحدها وحجم فعلتهما وتعني في حال إدانتهما، أن عقوبة سجنهما لن تتعدى أسابيع قليلة، ولهذا فإن أسرة القتيل تطلب توجيه تهمة القتل العمد إليهما. ويذكر أن الإدعاء أكمل قضيته في 22 من الشهر الماضي وسيكملها الدفاع من جانبه في 26 من الحالي.
وقد أكد رأفت عبد الحميد، الذي يقود فريق محامي الشرطيين، يوم الأحد أنهما هربا من مركز الشرطة الذي كانا يحتجزان به. وأضاف أن أحدهما، ويدعى محمود صلاح، اتصل به قائلا إن الشرطة اضطرت لفتح زنازين المركز بعدما تعرض للإجتياح من جانب "السوقة والدهماء". وأعرب عن قناعته بأن الشرطيين سيسلمان نفسيهما بعد هدوء الأحوال.
الثأر هو الدافع؟
يتحدث حسن مصباح (63 عاما) صاحب مقهى الإنترنت، فيقول ان سعيد كان من الزبائن المعتادين إذ كان يسكن مع والدته في شقة قريبة في حي كليوباترا. وقال إنه سمع يوم الحادثة جلبة فرفع رأسه ليرى الشرطيين محمود صلاح وعوض اسماعيل سليمان وهما يتمنطقان مسدسين مع انهما كانا بالزي المدني. ورآهما وهما ينهالان بالضرب على سعيد قبل أن يقذفا به مراراً إلى رف من المرمر قرب مدخل المقهى بحيث يصطدم رأسه به أولا. وأضاف أن طبيبا بين الحضور صرخ في وجه الشرطيين مستنكرا: "ماذا تفعلان؟ ألا تريان أنه ميت؟".
ويقول المحامي نوار إن الثأر كان هو دافع الشرطيين لمهاجمته بكل تلك القسوة، عقابا له على تحميله شريط فيديو الى موقع يوتيوب. ويظهر الشريط الشرطيين، مع آخرين، وهم يتقاسمون محتويات كيس من الماريجوانا صادروه من تاجر مخدرات. ويقول علي قاسم، كبير أسرة سعيد، إن شريط الفيديو عُثر عليه في كمبيوتره الخاص بعد مقتله، لكنه لم يكن الشخص الذي صوره وإنما شرطي آخر.
ويقول قاسم إن الفيديو انتهى الى حوزته لأن أحد الشرطيين كان يتفاخر به أمام أصدقائه وهو يعرضه عليهم على جهازه الشخصي في مقهى الإنترنت نفسه، وإن سعيد نقله سرا الى هاتفه الجوّال باستخدام تقنية "بلوتوث" قبل أن يحمّله الى يوتيوب. وتقول الصحيفة الأميركية إنها تنقل رواية قاسم بدون حصولها على دليل على صحتها.
رواية أخرى..
في الجهة المقابلة يدعم طبيبان شرعيان قول الشرطيين المتهمين إن سعيد مات اختناقا بكيس يحتوي على الماريجوانا طوله ثلاث بوصات وعرضه بوصة. ووفقا لعبد الحميد، محامي الشرطيين، فلا علاقة لشريط الفيديو بالقضية أصلا. ويقول إن هذين الشرطيين كانا يتعقبان سعيد لأمرين آخرين وهما محاولته تفادي الخدمة العسكرية الإجبارية والسرقة، وإن سعيد توفي وهو يحاول مقاومة إلقاء القبض عليه. ويضيف أنه سيقدم شهود عيان على أن وجه سعيد كان سليماً وحتى بدون خدوش الى حين نقله الى المشرحة.
على أن أفراد أسرة سعيد ومحاميه يقولون إن مسألة وفاته جراء محاولته ابتلاع كيس الماريجوانا مفبركة برمتها، وإن أطباء شرعيين من الدنمارك والبرتغال فندا شهادة الطبيبين الشرعيين المصريين اللذين قالا بذلك. ويقول قاسم إن تهمتي تفادي الخدمة العسكرية الإجبارية والسرقة اللتين وجهتا الى سعيد فُبركتا أيضا بعد وفاته. وقالت الصحيفة إن الأسرة قدمت لها ما يبدو شهادة على أنه أكمل فترة التجنيد الإجباري.
طوارئ
يذكر أن السلطات المصرية تجدد حالة الطوارئ كل سنتين منذ تسلم حسني مبارك السلطة في 1981، قائلة في الآونة الأخيرة إنها ضرورية لمكافحة الإرهاب بما فيه مهاجمة السياح والإعتداء على الأقباط. لكن جماعات حقوق الإنسان تقول إن قوات الأمن تسيء استغلال هذا الوضع وإنها لا تخضع للمحاسبة على تجاوزاتها.
وجاء في تقرير لمنظمة "هيومان رايتس ووتش" نشر في 30 من الشهر الماضي أن التعذيب في مصر "وباء سائد". وورد فيه أيضا أن عددا يقدر بخمسة آلاف شخص ما زالوا يرزحون في غياهب السجون - وبعضهم لعقود - دون أي تهمة رسمية. |