منع المعتصمون في ميدان التحرير الموظفين من الوصول إلى أهم مجمع للدوائر الحكومية في القاهرة يقع في الميدان نفسه وشكلوا حواجز بشرية منعت أياً كان من دخوله. في وقت اعلن عن إجتماع الرئيس المصري حسني مبارك الاثنين في مقر رئاسة الجمهورية بنائبه عمر سليمان ورئيس مجلس الشعب فتحي سرور.
القاهرة، وكالات: خرج المتظاهرون من ميدان التحرير الاثنين وأقاموا حاجزين بشريين على طرفي المدخل الخلفي لمجمع الحكومي مانعين الموظفين من الدخول اليه. وحاول ضابط كبير ثني المعتصمين عن خطوتهم، الا انه لم ينجح في ذلك، واصر المعتصمون على الوقوف بين مدخل المجمع الخلفي وبين عناصر الجيش لمنع اي كان من الدخول.
ووقف عشرات الموظفين وراء اسلاك شائكة للجيش بانتظار تطور الوضع ومعرفة ما اذا كانوا سيتمكنوا من دخول المجمع. والمعروف ان المدخل الرئيسي لهذا المجمع للدوائر الحكومية الذي يطلق عليه المصريون اسم "المجمع" يطل مباشرة على ميدان التحرير وهو بالتالي مغلق حكما بسبب تواجد المعتصمين في الميدان منذ نحو اسبوعين.
من جهة ثانية لا يزال المعتصمون يفترشون الارض حول الدبابات المنتشرة بين ميدان التحرير وميدان عبد المنعم رياض قرب المتحف، لمنع الجيش من القيام بخطوتين يخشيانهما: اما التقدم باتجاه الميدان وبالتالي فتح قسم منه على الاقل امام حركة المرور، او تقدم الجيش باتجاه ميدان عبد المنعم رياض لازالة العوائق التي اقامها المعتصمون لمنع انصار الرئيس حسني مبارك من التقدم باتجاه الميدان.
هذا واتهمت وزارة الخارجية المصرية "دبلوماسيين اجانب" بمحاولة "تهريب اسلحة ومعدات اتصال" عن طريق الحقائب الدبلوماسية، فيما دعا وزير الخارجية أحمد أبو الغيط دول الغرب لعدم التعامل مع مصر كدولة استعمارية.
من جهة ثانية طرح العالم المصري الاميركي احمد زويل في مؤتمر صحافي عقده الاحد في القاهرة خطة تغيير من خمس نقاط للخروج سريعا من الوضع الحالي في مصر التي تشهد منذ 13 يوما حركة احتجاج شعبي غير مسبوقة ضد الرئيس حسني مبارك.
وقال زويل في اول ظهور علني له منذ وصوله الى القاهرة الاربعاء الماضي ان "الاوضاع الحالية في مصر تتطلب حل الازمة بسرعة" مؤكدا ضرورة ان "تكون مصر هي المصلحة الاولى" لكل الاطراف.
وللتوصل الى ذلك طرح زويل، العضو في لجنة الحكماء المكونة من شخصيات حزبية وعامة، عملية "تغيير جذري" من خمس نقاط هي: اولا "تكوين مجلس من القانونيين والشخصيات العامة لتعديل مواد الدستور 76 و77 و88 و179، وتحديد جدول زمني لاجراء انتخابات حقيقية"، ثانيا "الغاء قانون الطوارىء وتعديل قانون الاحزاب"، ثالثا "الافراج عن المعتقلين السياسيين وبالاخص الشباب وجماعة الاخوان"، رابعا "اجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت اشراف قضائي كامل"، واخيرا "تغيير كامل في منظومة الاعلام المصري".
ومن دون ان يدعو صراحة الى رحيل مبارك، وهو المطلب الاساسي لحركة الاحتجاج، طالب زويل بان يقوم نائب الرئيس عمر سليمان بمهمة الاشراف على هذه المرحلة.
ووجه تحية الى الشبان في ميدان التحرير، الذين قال انه التقى ممثليهم مطولا، مضيفا ان "العمل العظيم الذي قاموا به لم يتوقعه احد في الداخل والخارج"، مطالبا بتغيير وصفهم من "شباب الفيسبوك" الى "شباب فيس ايجيبت" (شباب وجه مصر).
لكنه حذر هؤلاء الشباب من "تسييس مشبوه" لتحركهم معتبرا انها "فترة مهمة وحرجة جدا لا بد من رؤية واضحة وصادقة في التعامل معها".
وقال انه التقى ايضا، منذ وصوله الى مصر الاربعاء الماضي، عمر سليمان وشيخ الازهر احمد الطيب وشخصيات اخرى من بينها الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى الذي ابدى استعداده للترشح للرئاسة.
وردا على سؤال عما اذا كان سيرشح نفسه، سعى زويل الى التهرب من الاجابة مؤكدا ان "المهم حقيقة بالنسبة لي حاليا هو الخروج من هذه الازمة واقرار الديموقراطية".
في غضون ذلك، نفى المعارض المصري محمد البرادعي الاحد ان يكون دعي الى الحوار الذي بداته السلطات المصرية مع ممثلين للمعارضة، واصفا هذه المفاوضات بانها "غير واضحة".
وقال البرادعي لشبكة ان بي سي "لم ادع للمشاركة في المفاوضات، في هذا الحوار، لكنني اتابع ما يحصل". وللمرة الاولى تجري السلطات المصرية حوارا رسميا مع جماعة الاخوان المسلمين، ابرز قوة معارضة في مصر. واعتبر البرادعي ان هذه العملية "غير واضحة" مضيفا "لا احد يعلم من يتحاور مع من حتى الان (...) العملية يديرها نائب الرئيس (عمر) سليمان والجيش، وتلك هي المشكلة". وتابع ان "الرئيس عسكري ونائب الرئيس عسكري ورئيس الوزراء عسكري. اعتقد انهم اذا ارادوا فعلا ارساء الثقة، لا بد من اشراك مدنيين ولهذا السبب اقترحت وضع خطة انتقالية يكون فيها مجلس رئاسي يتالف من ثلاثة اشخاص ويضم الجيش، على راس حكومة انتقالية".
واعتبر القيادي في الاخوان المسلمين محمد مرسي الذي شارك في جلسة الحوار الاحد بين نائب الرئيس المصري عمر سليمان وممثلين للمعارضة، ان البيان الذي تضمن الاقتراحات بشأن الاصلاحات السياسية "غير كاف".
وقال في مؤتمر صحافي ان "البيان غير كاف". وكان المتحدث باسم الحكومة مجدي راضي اعلن انه تم "التوافق على بيان" تلاه امام الصحافيين وينص على اجراءات عدة ابرزها "تشكيل لجنة تضم اعضاء من السلطة القضائية وبعضا من الشخصيات السياسية تتولى دراسة واقتراح التعديلات الدستورية وما تتطلبه من تعديلات تشريعية لبعض القوانين المكملة للدستور في موعد اقصاه الاسبوع الاول من (اذار) مارس".
واكد البيان ان التعديلات "تشمل المادتين 76 و77 وما يلزم من تعديلات دستورية". وتتضمن هاتان المادتان قيودا على الترشيح لرئاسة الجمهورية وحق الرئيس بالترشح لفترات رئاسية غير محدودة باي سقف زمني. أعلن المتحدث الرسمي باسم الحكومة المصرية مجدي راضي ان جلسة الحوار التي عقدت الاحد بين نائب الرئيس عمر سليمان ومجموعة من ممثلي المعارضة والشخصيات العامة انتهت الى التوافق على تشكيل لجنة لاعداد تعديلات دستورية في غضون شهر. واوضح انه "لم يكن هناك ممثلون للشباب" في جلسة الحوار اليوم "ولم يكونوا جزءا من مناقشة النص الذي تم الاتفاق عليه".
واوضح راضي انه تم "التوافق على بيان" تلاه امام الصحفيين وينص على عدة اجراءات ابرزها "تشكيل لجنة تضم اعضاء من السلطة القضائية وبعضا من الشخصيات السياسية تتولى دراسة واقتراح التعديلات الدستورية وما تتطلبه من تعديلات تشريعية لبعض القوانين المكملة للدستور في موعد اقصاه الاسبوع الاول من (آذار) مارس".
والتقى سليمان التقى اليوم بمجموعات من المعارضة من بينها ممثلين عن جماعة الاخوان المسلمين وسط تظاهرات غير مسبوقة تشهدها البلاد ضد نظام الرئيس حسني مبارك.
وقالت وكالة انباء الشرق الاوسط المصرية الرسمية إن الاجتماع يعقد بمشاركة حزب الوفد الليبرالي وحزب التجمع اليساري التوجهات.
كما يشارك فيه اعضاء من لجنة تم اختيارها من مجموعات الشباب المتظاهرين في ميدان التحرير للمطالبة بالديموقراطية، وعدد من الشخصيات السياسية المستقلة ورجال الاعمال.
ورحبت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون بحذر الاحد بمشاركة الاخوان المسلمين في المحادثات السياسية الجارية حاليا في مصر وقالت ان واشنطن "ستنتظر لترى" كيف ستتطور هذه المحادثات.
وصرحت كلينتون للاذاعة الوطنية العامة من المانيا "علمنا اليوم ان الاخوان المسلمين قرروا المشاركة (في الحوار) ما يشير الى انهم على الاقل اصبحوا الان مشاركين في الحوار الذي شجعنا على اقامته". واضافت "سننتظر ونرى كيف يتطور ذلك، ولكننا كنا واضحين جدا حول ما نتوقعه".
وأعلن الاخوان المسلمون في بيان ليل السبت الاحد انهم "بدأوا حوارا" مع المسؤولين المصريين "نتعرف فيه على جدية المسؤولين ازاء مطالب الشعب ومدى استعدادهم للاستجابة لها". وقال مسؤول في جماعة الاخوان المسلمين فضل عدم الكشف عن هويته لوكالة فرانس برس ان "اجتماعا عقد صباح السبت بين مسؤولين من الاخوان المسلمين ونائب الرئيس عمر سليمان".
وجاء في بيان لجماعة الاخوان المسلمين وقعه المرشد العام للجماعة محمد بديع "ان الاخوان المسلمين وانطلاقا من الحفاظ على مصالح الامة ومؤسساتها ومرافقها وحرصهم على استقلال وطننا ورفضهم اي تدخل دولي او اقليمي في شؤونه الداخلية ورغبة منهم في الحفاظ على مصالح الامة ومؤسساتها ومرافقها، فقد قررنا الدخول في جولة حوار نتعرف فيها على جدية المسؤولين ازاء مطالب الشعب ومدى استعدادهم للاستجابة لها".
واضاف "نحن نلتزم بأن يكون هذا الحوار شاملا يستوعب كل القوى الوطنية والجماعات السياسية والاحزاب وعلى رأسهم وفي مقدمتهم ممثلون حقيقيون للشباب، صاحب الفضل في هذه الثورة، حتى نسمع صوتنا وصوت الامة للمسؤولين ونحدِّد لهم مطالبنا المشروعة العادلة".
واكد البيان على ضرورة "احترام الحريات العامة والتنفيذ الفوري لاحكام القضاء المعطلة بواسطة السلطة ووقف الحملات الاعلامية الحكومية التي ترمي لتشويه ثورة الشعب واتاحة فرص متكافئة في جميع وسائل الاعلام القومية والافراج الفوري عن المسجونين السياسيين والمعتقلين ولا سيما الذين اعتقلوا في أحداث المظاهرات الاخيرة".
وجاء في البيان ايضا "يؤكد الاخوان المسلمون اصرارهم على التمسك بمطالب الشعب وعلى رأسها تنحي رئيس الدولة ومحاكمة المسؤولين عن اراقة الدماء في المظاهرات السلمية وحل المجالس النيابية المزورة والالغاء الفوري لحالة الطوارئ وتشكيل حكومة وطنية انتقالية تتولى السلطة التنفيذية حتى تتمَّ الانتخابات النيابية بطريقة نزيهة حرة تحت إشراف قضائي كامل وضرورة الفصل التام بين السلطات واطلاق حرية تشكيل الاحزاب السياسية والجمعيات وحرية اصدار الصحف والمجلات وضمان حرية الاعلام".
ونأى الاخوان المسلمون بنفسهم خصوصا عن ايران التي دعت الى اقامة نظام اسلامي في مصر. |