يبدو أن حمى التحريم والمنع لم تعد تقتصر على علماء الدين المسلمين، بل أصابت عدواها بعض رجال الكنيسة المسيحين ومنهم الكاردينال ليمان (كاثوليكي) وبيتر شتاين أكر (بروتستانتي)، حيث توجه هذان المرشحان للجائزة المذكورة اعلاه الى جانب الباحث والأديب الألماني الإيراني الأصل نويد كرماني (1967) ونائب رئيس المجلس اليهودي الأعلى في المانيا سالومون كورن برسالة مشتركة لرئيس مقاطعة هيسن يطالبانه فيها بحجب الجائزة عن كرماني بسبب "إهانته لمشاعر المسيحيين" من خلال مقالة نشرها في جريدة "نويه زورخر تسايتونغ" حول لوحة "الصلب" للرسام غويدو ريني يرفض فيها حسب ليمان وشتاين أكر "تمجيد الصليب" معتبرا إياه نوعا من الهرطقة. وقد أستند رجلا الدين المسيحيين في رفضهما لمنح الجائزة لكرماني على قوله في بداية مقالته أنه كمسلم "ضد تمجيد الصليب"، غير انه يتوصل في النهاية الى نتائج مختلفه بعد تدقيق النظر في اللوحة المذكورة "هل ياترى أصبحت انا أنا الآخر أمجد الصليب." وهو بذلك يكون قد رفض بنفسه ما ورد في بداية المقال من وصف تمجيد الصليب بالـ "هرطقة". وعلى ما يبدو فأن ليمان وشتاين أكر لم يقرءا المقال الى نهايته، أو أنهما لم يجدا في المقال ما يجذب النظر سوى الجملة الأولى التي جاءت تعبيرا عن موقفه كـ "مثقف غير مسيحي" تجاه الصليب. وفي الحقيقة فأن أختيار كرماني من قبل اللجنة المشرفة على منح هذه الجائزة جاء بعد أن رفضها الباحث في الشؤون الإسلامية التركي فؤاد سيتسسغين بسبب موقف سالومون كورن المتحيز لأسرائيل تجاه حصار غزة. ورغم موافقة كرماني على تقاسم الجائزة بلا شروط مع كورن، عبر الأخير عن تضامنه مع مواقف المرشحين الآخرين، مشيرا الى أن أراء كرماني لا تعبر عن موقف "متسامح" تجاه الأديان الأخرى، وهو المبدء الذي أكدت عليه اللجنة المانحة للجائزة في إختيارها للشخصيات المذكورة. وسيرا على رغبة ليمان وشتاين أكر طلبت اللجنة من كرماني توضيح موقفه من المقال المذكور ليبعد عن نفسه تهمة "إهانة المسيحيين". غير أن الكاتب رفض ذلك مشيرا الى مساهماته العديدة في التشجيع على "حوار الأديان"، ومؤكدا في الوقت نفسه على أن أي قراءة جدية لمقاله ستصل الى نتائج مخالفة عما يتحدث عنه ليمان وشتاين أكر. غير أن الحملة التي قادها الكاردينال ليمان حققت هدفها في حرمان كرماني من الجائزة، وذلك من خلال رسالة مفتوحة نشرت في الصحف، يبلغه فيها رئيس وزراء هيسن بأنه لم يعد من ضمن الأشخاص الذين ستمنح لهم الجائزة، ويطلب منه بدلا عن ذلك أن يعد نفسه للمشاركة في ندوة مفتوحة مع كل من الكاردينال ليمان وشتاين أكر وكورن يوضح خلالها موقفه من الرموز المسيحية. وقد أجاب كرماني على هذه الدعوة برسالة شديدة اللهجة، هذا نصها: "السيد كوخ المحترم، آمل انك ماتزال تمتلك شيئا من الحياء. تحياتي لك من كولونيا الكاثوليكية. نويد كرماني."
ومن الجدير بالذكر أن عددا كبيرا من الأعلاميين والنقاد عبر عن تضامنه مع نويد كرماني وعن إستنكاره للسلوك المشين تجاهه من قبل الكاردينال ليمان وشتاين أكر، مشيرا في الوقت نفسه الى المساهمات الكبيرة للكاتب في مجال "حوار الأديان" من خلال كتبه النظرية وأعماله الأدبية المكتوبة باللغة الألمانية.
في هذا الإطار كتب أحد النقاد المعروفين ما يلي: "الدعوة الى الحوار في هذا البلد لا تختلف عن دعوة شخص ما الى أن يريح نفسه في زنزانة الأسفنج القريبة، فمن المؤكد انه لن يشعر هناك بالألم." |