CET 16:58:19 - 19/05/2009

مساحة رأي

بقلم: هاني دانيال
رحيل "مانويل جوزيه" عن النادي الأهلي كان أمرًا متوقعًا في ظل المناخ المحتقن الذي يعيش فيه المجتمع المصري، وعلى الرغم من تسجيل جوزيه لبعض الملاحظات على بعض السلوكيات في المجتمع المصري إلا أنه لم يتم أخذ كلامه بمحمل الجد والتعامل مع الأمور بسطحية بشكل اعتاد عليه المصريون، وعلى الرغم من إنني كنت مُصرًا على كتابة مقال في نهاية مايو الجاري بعد نهائية الدوري وقبل رحيل جوزيه إلا أن فوزه بجائزة أفضل مدرب برتغالي لعام 2008 دفعني لكتابة هذا المقال مبكراً، خاصة وأن تعامل الصحافة مع غيابه ليوم واحد عن تدريب الأهلي يؤكد بما لا يوجد مجال للشك مدى تربص الإعلام بكل ما هو ناجح!

الإعلام منذ عام 2001 وهو يتعامل مع جوزيه وكأنه قادم من بلاد غريبة، لم يمارس مهنة التدريب من قبل وأن الأهلي سيكون "وش"السعد عليه" ولأنه مدرب عالمي وسبق أن قاد فريق "بنفيكا" وعدة أندية برتغالية شهيرة، صمت وصمد، وبدأ في تكوين فريق شاب عالمي إلا أن الأمر استغرق منه عدة أشهر ولأنه يعرف عمله جيدًا تمكن من وضع نفسه في مكانه لم يعتاد الأهلي أن يجد شخصاً فيها ومن ثم أصبح النجم الأوحد ولم يستطيع أحد أن يتدخل في عمله وحينما مارس البعض تضييق الخناق عليه أعلن رغبته في الرحيل ورغم أنه نجح فيما بعد في التكيف مع البيئة المصرية إلا أن المعارضين له استغلوا رغبته السابقة وتركوه يرحل!

وفي ظل سوء نتائج الأهلي لأكثر من 3 مواسم عاد جوزيه من جديد ولكنه عاد متوجًا ومحمولاً على الأكتاف وعلى الرغم من حدوث بعض المواقف البايخة إلا أنه كان يتغلب عليها وكان يعيب عليه فقط العصبية.
رحيل جوزيه يؤكد أن الإعلام المصري له عين واحدة -ولا يرى إلا بغيرها- فالإعلام الأحمر يشيد بالنادي الأهلي الذي وفر له كل ما يريد والإعلام الأبيض يؤكد أن نجاح جوزيه هو ارتداد الزمالك والإعلام صاحب الألوان الأخرى يلقي باللوم على تراجع الزمالك، واستجابة إدارة الأهلي لكل طلبات جوزيه دون أن يعمل الإعلام دوره النقدي الايجابي في إبراز الحقائق بشكل محايد دون تغليب كفة على حساب أخرى.

في الوقت الذي ذهب فيه جوزيه لاستلام جائزة أفضل مدير فني انتشرت شائعة هروب جوزيه وتخصص كل صحفي في اختلاق رواية ليكتبها من أجل التخمين عن أسباب غياب جوزيه وهي حقيقة تبرهن لماذا تراجع الإعلام المصري بعد أن تفرغ لترويج الشائعات والكسل عن متابعة الأمور من مصادرها، خاصة وأن القليل من نقل تصريحات حسام البدري المدرب المساعد بالأهلي والذي أكد أن جوزيه لم يهرب ولا أعرف ماذا سيقول الإعلام بعد فوز جوزيه بهذه الجائزة متفوقًا على أقرانه من المدربين المعروفين عالميًا إلا إنني متأكد في أن الإعلام سينسب نجاح جوزيه وفوزه بهذه الجائزة لأي سبب بشرط عدم الإشارة غلى كفاءة جوزيه نفسه!
كما أن العشوائية التي نسير بها في حياتنا تجعلنا في نظر أنفسنا أسياد العالم دون أن نعرف الصورة التي يراها العالم عنّا ومع ذلك لم يستطيع أحد أن يحاول التعرف على رؤية جوزيه لمستقبل الكرة في الأهلي ومصر عامة وتباري الكل عن اتهامه ببعض التهم منها تحقيق المكاسب والأرقام القياسية على حساب مستقبل الأهلي، في حين أنه حينما حاول إعداد جيل من اللاعبين الموهوبين تم محاربته بشكل كبير في عام 2001 وهو ما يبرز درجة التناقض الموجودة في المجتمع.

وعلى الرغم من إعلان كلاً من "جيلبرتو" و"فلافيو" عن رغبتهما في ترك الأهلي بعد رحيل جوزيه لم يفكر أحد في أسباب تركهما للفريق والكل ربط بينهما وبين جوزيه، في حين أن ربط موقفهما وبين مواقف سابقة بالأهلي تبرز أنه كان توجد محاولات من البعض لتغيير ديانتهما وأن وجود جوزيه كان يمنع الاقتراب منهما أما برحيله فيمكن إجبارهما على شيء ما، ومن ثم فضلاً الهروب قبل الوقوع في الفخ وتجارب لاعبين كثيرين واضح أمام أعين الجميع حتى لا يتهمنا أحد بالطائفية وفي أسوأ الظروف ربما يعاني كل منهما من الأنانية ورفض الآخر والتمييز ضدهما.
رحيل جوزيه حدث كبير للتعرف منه على أسباب عديدة دفعته لترك الفريق والتأمل في هذه الأسباب يوضح الدروس المستفادة من رحيل جوزيه لأنه هناك دروس إنسانية تركها جوزيه،سواء بتعامله الطيب مع البسطاء والفقراء، وتبرعه بجهاز أشعة لمستشفى سرطان الأطفال.

كذلك هناك دروس مستفادة من حيث قوة الشخصية، وكيف منح الثقة للفريق ورفع معنوياته عند الهزيمة قبل الفوز، والسيطرة على مجموعة من المتميزين إشكالية في غاية الصعوبة، وغيرها من الدروس المستفادة والتي يمكن تطبيقها في الحياة العملية وبعيدًا عن الرياضة لأنه جوزيه كشخصية فرض نفسه في تاريخ الأهلي والكرة المصرية وترك بصمة لن تمحو بسهولة من ذاكرة الجماهير، ولكن المهم هو الاستفادة من فترة جوزيه لعل وعسي يقوم باحث ماهر بدراسة وتفنيد أسباب تعلق الجماهير به وكيفية تحقيق النجاح للكرة المصرية من خلال سلوكيات وأمور إدارية في مجتمع يعيش على الشائعات والنميمة ويعشق التقليل من قدرات الآخرين!

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٤ صوت عدد التعليقات: ٢ تعليق