CET 00:00:00 - 22/05/2009

بصراحه

بقلم: مجدي ملاك
نشرت جريدة الأهرام في عددها الصادر أمس قرار محكمة ينص على ضرورة إلزام وزير الداخلية المصري بإسقاط الجنسية عن المصري المتزوج من إسرائيلية لاعتبارات تتعلق بالأمن القومي، وذُكر في الخبر أن مببرات صدور هذا الحكم أن المصري المتزوج من إسرائيلية يحصل على الجنسية الإسرائيلية، وحين ينجب سيحق لأبنائه الحصول على الجنسية الإسرائيلية، والقانون الإسرائيلي لا يمنع أن يدخل هؤلاء الجيش، ومن ثم فسوف يمثل هؤلاء من وجهة نظر حكم المحكمة بمثابة خطر على الأمن القومي المصري.
وعند قراءة هذا الخبر كان يجلس حولي مجموعة من الأصدقاء المسلمين، وعند القراءة الأولى له اسفزني في الحقيقة أن تسقط جنسية مصري لمجرد أنه تزوج من إسرائيلية وأن يكون هذا بحكم محكمة، وأخذت أتساءل ألا يعتبر هذا ضد الدستور المصري الذي لا يُسقط الجنسية عن المصري المتزوج من أي أجنبية؟، ومن ثم لماذا يسقطها عن المتزوج من إسرائيلية ولماذا الإسرائيلية تحديدًا؟، وأخذت أتعجب أن هناك اتفاقية سلام بيننا وبين إسرائيل ومن ثم لا يوجد أي داعِ لهذا القلق.
وفيما كنت أفكر في هذا الموضوع ارتفع صوتي اعتراضًا على تلك القضية، وهو ما سمعه الأصدقاء الذين كانوا يجلسون حولي، معترضين على ما اقوله، وما أن بدأت الحديث أن هذا يعتبر أمر ضد الدستور الذي منح هذا الحق للكثير من المصريين المتزوجيين من أجانب من مختلف الجنسيات باستثناء إسرائيل، حتى بدأ من حولى يعترض على ما أقول، مستهجنين ما أقوله وأن هذا القرار جاء للدفاع عن الأمن القومي المصري الذي أصبح مُهدد من جانب إسرائيل، فبادرتهم بالرد هل تعتقدون أن مصر صاحبة الثمانين مليون نسمة تخاف من زواج المصري من إسرائيلية؟، وإسرائيل صاحبة السبعة مليون نسمة لا تخاف على الأمن القومي الخاص بها؟.
وقلت لهم أنه من الأولى أن تخاف إسرائيل من ذلك وليس العكس، لأنه من الممكن أيضًا أن تقوم مصر بتجنيد أبناء المصري المتزوج من إسرائيلية لصالح مصر ومن ثم يمثل هذا تهديد على الجانب الإسرائيلي، فصمت البعض ولم يجد إجابة عما قلته، ولكن بدأ الحديث بعد ذلك يتحول إلى أمر لم اكن أتوقعه، فبادر أحدهم وقال لي: انت مش وطني؟، فأجبته.. وما علاقة ما أتحدث به بالوطنية، أنا أتحدث عن حقوق المصريين ولا أتحدث عن حقوق الإسرائيليين، فأنا ضد أي شخص يسقط الجنسية عن المصري، فحتى في قضايا التجسس لا تسقط الجنسية عن المصري ولكنه يقضي عقوبة مشددة وربما الإعدام، وفي هذا أيضًا لم يكن هناك رد يستطيع أن يبرروا به ما يقولون سوى الكلام الساذج الخاص بالأمن القومي المصري، وأخذت أقول لهم أن الأمن القومي المصري مُهدد من داخل مصر أكثر من خارج مصر.
فالأمن القومي المصري حين يُصاب نصف المجتمع بأمراض الفشل الكلوي وأمراض الكبد والسرطان، الأمن القومي المصري مُهدد حين تدخل شحنة قمح روسية فاسدة ويأكلها المواطن المغلوب على أمره دون أدنى رقابة من وزارة الصحة، الأمن القومي المصري مُهدد حين تهدر ثروة حيوانية وصناعية متمثلة في الخناذير التي كانت تمثل مصدر رزق للكثيرين من الغلابة داخل جمهورية مصر العربية وبصرف النظر عن انتمائهم الديني، الأمن القومي المصري مُهدد أكثر من الداخل حين يعيش أكثر من نصف الشعب تحت خط الفقر في حين تتمتع 10 % بثروات مصر وخيراتها، الأمن القومي المصري مُهدد حين نقرأ كل يوم عن جريمة بشعة نتيجة الفقر والإحتقان اللذان يسودان المجتمع، الأمن القومي المصري مُهدد حين يعيش معظم سكان مصر في عشوائيات على أتم الاستعداد للإنفجار في أي وقت وفي أي مكان، الأمن القومي المصري مُهدد حين يحصل أصحاب السلطة والنقوذ على أراضي مصر برخص التراب ليعيد ويشتريها الفقراء بأعلى الأسعار، الأمن القومي المصري مُهدد حين يجلس نواب الشعب داخل المجلس ليكون كل همهم التصاريح التي يأخذونها من الوزراء لتسيير مصالحهم في حين يهملون مناقشة قضايا الشعب التي تعتبر الوظيفة الأساسية لهم داخل المجلس.
حين ذكرت كل هذا شعر البعض أنه لا يوجد أمل في إقناعهم لي بهذا القرار، فكانت المفاجأة التي يظن البعض أنها واجب مقدس يجب أن يعترف به كل مصري.
وبادر أحدهم بسؤالي: انت عارف إن كل المصريين بتكره إسرائيل؟، وانت كمان أكيد بتكره إسرائيل، ولأنى لم أتعود على ثقافة الخوف والقطيع الذي يجب أن يسير مع التيار، قلت له بمنتهى الصراحة أنني لا أكره إسرائيل، ولا أكره فلسطين، فقال لى ليه هو انت مش مصري؟ فأجابته وهل المصرية أصبحت تأخذ بكراهية اسرائيل، وأوضحت له أنني أكنّ كل الحب والاحترام للمواطن الإسرائيلي كما أكنّه للمواطن الفسلطيني، فذهب بعيدًا وظن أنني أدافع ربما لأنني أريد الزواج من إسرائيلية أو أريد الذهاب إلى إسرائيل لذلك أدافع عن المصري المتزوج من إسرائيلية.
وهكذا كانت جوله من التفكير الذي يدور في المجتمع المصري الذي لا تهتز شعره له حين تحوم المصائب حول مصر، وتهتز له كل جوارحه حين يتعلق الأمر بإسرائيل، ويبدو أن المواطن المصري يريد أن يسير الكل في ثقافة القطيع، فإذا كان قطيع يكره فيجب على الكل أن يكره، وهذه نظرية القطيع الأعمي، أما أنا فلا أكره إسرائيل لأنني لست من هذا القطيع.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٥ صوت عدد التعليقات: ٢٣ تعليق