CET 16:59:11 - 21/05/2009

مساحة رأي

بقلم: جرجس بشرى
فور إعلان الفضائيات والمواقع الإلكترونية نبأ وفاة الطفل البريء "محمد" حفيد الرئيس المصري محمد حسني مُبارك تأثرنا جميعنا بل وصُدمنا وطلبنا من الله إله التعزية ورب كل رجاء أن يُعزي أسرة الطفل الذي سمحت إرادة الله أن ينتقل من عالمنا سريعًا ويرحل بعيدًا عن موضع الحزن والشقاء والتنهُد والألم، والفاجعة الكبرى في هذا الحدث الجلل أن بعث أحدهم ممن يصفون أنفسهم بالناشطين برسالة إلى الرئيس المصري محمد حسني مبارك، وهي رسالة يمكن وصفها بأنها غبية وبعيدة كل البُعد عن تعاليم ومبادئ السيد المسيح له كل المجد، التي تحض على إتباع المحبة والسلام مع الجميع، وهي رسالة تشفّي واضحة في موت حفيد الرئيس.
ومن ضمن ما قاله ذلك الناشط في رسالته لمبارك فور وفاة حفيده الآتي: (لم يمُر إسبوعًا واحدًا على الدُعاء على الطاغية محمد حسني مُبارك وعلى نساءه وأولاده وأحفاده، وبقلوب الأقباط الطاهرة وصلواتهم، واليوم استجاب رب المجد للأقباط الغلابة في مصر فضرب حسني مبارك في حفيده، ولينتظر مبارك الضربات الآتية عليه وعلى حُكام مصر الذين يشاركونه ظُلم الأقباط، وليعلم المسلمون أحفاد الغُزاة العرب في مصر أنهم لن يفلتوا من العقاب الإلهي، هذه هي البداية يا مُبارك واللعنات والمصائب آتية عليك.. يا يسوع ربنا يا قوي يا حاضر في وسطنا أرِنا مجدك في الإنتقام من حسني مبارك وكل مُسلم جبار يا رب الملكوت أمين).
والقارئ لرسالة ذلك الرجل يدرك من أول لحظة أن هناك روحًا شريرًا لا يتناسب أبدًا مع تعاليم السيد المسيح قد سيطر على رسالته.. أنه روح الشماتة والفرح في مُصيبة الناس والتهليل لأحزانهم والتشفي في أوجاعهم ومصائبهم، ولم يضع ذلك الرجل قول المسيح له كل المجد الذي علمنا قائلاً: "أحبوا أعدائكم باركوا لأعنيكم وصلوا من أجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم"، كما نسى هذا الرجل أن التعاليم المسيحية ترفض رفضًا قاطعًا التشفّي والشماتة في مصائب الناس والفرح في أحزانهم، لدرجة ان الكتاب المقدس -كتاب الكتب- الذي لم يأته الباطل من بين يديه ولا من خلفه قال: "لا تفرح بسقوط عدوك ولا يُسَر قلبك إن هو عَثَر"، وقال لنا: "من يفرح ببلية –بلوى- لن يتبرأ"، كما أن داود النبي والملك برغم عدواة شاول الملك ومحاربته له في كل مكان للإنتقام منه، إلا أنه عند موت الملك شاول حزن داود النبي عليه حُزنًا شديدًا بل وبكى على موت عدوه، لأنه كان يُدرك أن الملك شاول كان مغلوبًا من روح الإنتقام والحقد الشريرة في كل ما يفعل.
ولا يظن أحدًا أنني أكتب هذه المقالة دفاعًا عن الرئيس مبارك لأنني من أشد المُنتقدين له في بعض المُمارسات، ولكن هذا لا يجعلني أناصبه العداء على المستوى الإنساني والبشري، وبالتالي فروح الشماتة الفرح بمصائب الآخرين التي ظهرت بالرسالة محور حديثنا لا تعبر عن مبادئ المسيح الطاهرة وتتنافى تمامًا مع شعور جموع المسيحيين المصريين الذين شعروا هم أيضًا بالحزن الشديد على انتقال روح الطفل محمد إلى بارئها.
فعلى المستوى الإنساني أحزان الرئيس -مهما أختلفنا معه- هي هي أحزاننا وأفراحه هي أفراحنا، وليعلم هذا الناشط وأمثاله أن شر الإنسان على نفسه وأن الصلوات التي تُرفع إلى الله طالبة نفوس الأعداء والإنتقام منهم بدلاً من طلب هدايتهم وإشراق محبة ورحمة الله في قلوبهم هي صلوات شريرة بل ومكروهة من الله تبارك اسمه (صلاة الأشرار مكرهة للرب)، ونقول للرئيس مُبارك قلوبنا معكم وإله السلام والرأفات يملأ قلوبكم وقلوب الأسرة الكريمة بتعزيات سماوية من عنده.. أمين.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١٤ صوت عدد التعليقات: ٢٥ تعليق