CET 15:24:12 - 23/05/2009

مساحة رأي

بقلم: عبد صموئيل فارس
مع كل إنسان هناك مواقف في الحياة تصادفه تحمل في طياتها معنى ومغزى، وهذا ما دعاني إلى كتابة هذه المواقف التي حدثت معي بصفة شخصية، فهي ليست متصلة لكنها منفصلة ولكن جوهرها وهدفها هو واحد إبراز ما آلت إليه الأوضاع في مصر ونحن في القرن الواحد والعشرين، بعد أن تحطمت على أرضها كل المبادئ والقيم وسقطت فريسة للجهل الذي أصبح يحكم ويُشرّع ويوجّه ضمائر الناس.
من الطبيعي أن نرى الجماعات الإسلامية التي تتخذ على عاتقها أسلمة الهواء في مصر أن تحاول فرض الزى الإسلامي كالحجاب والنقاب والتحيات اليومية حتى في مجال الرياضة، فهذه الأمور تبات تكون طبيعية بالنسبة لنا.
لكن تصل الأمور إلى هذا النحو فهذا أمر يدعو إلى البحث عن هذا الأمر ولكن بطرق طبية نفسية حيث أن الوضع دخل في مراحل متأخرة من الهوس المزمن الذي أصبح من النوع الخطير جدًا على المجتمع كله، وما دعاني إلى الحديث عن هذا الأمر هو ما حدث مع أحد أصدقائي وهو الآتي:

"أنطون" هو شاب جامعي يخرج من الجامعة متجهًا إلى مكان عمله وهو محل يمتلكه لبيع إكسسوارات المنازل، وبعدها يستقل سيارته متجهًا إلى منزله وفي أحد أيام شهر أبريل الماضي كان في طريقه إلى المنزل كالعادة بسيارته، وفي أثناء القيادة على الطريق وقع تصادم بينه وبين سيارة أخرى تهشمت على إثرها سيارته الحديثة وظهرت على السطح هذه الأيام مافيا الحوادث فهم ينقسموا إلى فريقين، فريق منهم يقوم بسرقة كل محتويات ضحايا الحوادث وهؤلاء يحضروا إلى أماكن الحوادث أسرع من سيارات الإسعاف، أما الفريق الآخر فهو بطل قصة اليوم وستعرفونهم من خلال قصة صديقي، فبعد أن وقع التصادم قاموا بإخراجه من سيارته بصعوبة شديدة من هول الصدمة فمن قوة الاصطدام أن موتور السيارة رجع إلى الخلف ليحطم عظم الفخذ للرجل الشمال لصديقي هذا بخلاف الزجاج الذي شوّه جزء كبير من وجهه الوسيم. المهم أنه جاء أحد الإخوة ليقوم بمساعدته على الخروج من السيارة وبصعوبة بالغة تم إخراجه، وفي كل ذلك كان الشغل الشاغل لأخينا المنقذ هو الحديث مع صديقي وإخباره بأنه سيموت الآن وأنه ليس هناك احتمال في أن يبقى حيًا وأنه عليه الإسراع في النطق بالشهادة حتى يذهب إلى جنة الخلد!!
وظل يُلح عليه بطريقه غريبة وفي كل ذلك صديقي من هول الألم وقوته لا يستطيع أن يتأوه وأخينا يضع يديه خلف عنق صديقي وشغال عليه في طريق الهداية، والثاني يقول في فكره رحماك يا ربي من هذا العذاب أين الإسعاف؟
إلى أن قاموا بنقله إلى المستشفى وعندها أخرجوا بطاقته الخاصة وظلوا يذكرون الاسم الذي يظهر للبربر أنه مسيحي ولكن أخينا مازال بجواره يحثه على النطق بالشهادة!

وأخيرًا نطق صديقي وهو بين يدي أخينا الذي كان يضع زراعه خلف عنق صديقي وقام بمناجاة إلهه الحقيقي صارخًا يا يسوع وهنا نظر إليه أخينا وقال مين يسوع هو أنت أعوذ بالله من الشيطان الرجيم؟ وطرحه على الأرض يصرخ واختفى أخينا بعد أن أخفق في أن يضم هذا المسكين الكافر إلى طريق النور!! وتدخلت يد الله لتنقذ صديقي من موت محقق ولكن بقيت هذه الذكرى التي لا تنسى وظل يحكي لي ما حدث ونحن في قمة الضحك من تخيلنا للمنظر.
ويبقى لنا معاني الحدث والذي يظهر أن هناك مافيا لأسلمة ضحايا الحوادث بهذه الطريقة، فليس الحدث بالأمر الهين فمصر من البلاد الأولى في تعداد الحوادث والتي تصل إلى 7000 ضحية في العام ويكشف لنا هذا الموقف والذي تكرر مع الكثيرين ما وصلت إليه الأوضاع والأفكار في بلاد المحروسة لأغرب صيحات الأسلمة في مصر (الموتى).

ناشط قبطي وباحث بمركز الدراسات العلمانية والهيئات القبطية

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١ صوت عدد التعليقات: ٥ تعليق